حديث الاستاذ الدكتور وليد المعاني في (نون)
أ.د. مصطفى محمد عيروط
15-10-2025 10:05 AM
يقول معالي الأستاذ الدكتور وليد المعاني وزير التعليم العالي والبحث العلمي الأسبق في محطة نون الإذاعية مع الأخ المهني الصحفي سمير الحياري: "زمني كان في الجامعة الأردنية 85 مليون دينار مش عارفين شو نعمل فيهم. وأنا ضد الموازي، ولكن نعمل في الإدارة الحصيفة. فعملنا على فتح الدولي، وهذا قرار الجامعة بتحديد الرسوم، وأنشأنا سكنين يتسعان إلى 204 طلاب بتكلفة 2 مليون دينار. والدولي: كل طالب تُتابع أموره من موظف".
تسلم معالي الأستاذ الدكتور رئاسة الجامعة الأردنية من 1998-2002، وجاء بعده الأستاذ الدكتور عبد الله الموسى، وبعده الأستاذ الدكتور عبد الرحيم الحنيطي، والذي قال لي: "تركت الجامعة الأردنية وفيها نفس المبلغ، حوالي 85 مليون دينار". وأثناء تولي الدكتور وليد المعاني رئيسًا للجامعة الأردنية، استضفته أكثر من مرة في "اللقاء المفتوح" في إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية، وبرنامج "خليك معنا" في الفضائية الرسمية الأردنية آنذاك.
والمعروف عنه الشخصية القيادية المستقلة، وصاحب قرار، والوضوح والنزاهة، والعمل الجاد والتطوير.
فما سمعته من الدكتور وليد المعاني، جراح الأعصاب المعروف، في المقابلة عن الإدارة الحصيفة التي قال عنها جلالة الملك عبد الله الثاني المعظم في الورقة النقاشية السادسة:
(سيادة القانون أساس الإدارة الحصيفة. إن مبدأ سيادة القانون هو خضوع الجميع، أفرادًا ومؤسسات وسلطات، لحكم القانون. وكما ذكرت، فإن واجب كل مواطن وأهم ركيزة في عمل كل مسؤول وكل مؤسسة هو حماية وتعزيز سيادة القانون. فهو أساس الإدارة الحصيفة التي تعتمد العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص أساسًا في نهجها. فلا يمكننا تحقيق التنمية المستدامة وتمكين شبابنا المبدع وتحقيق خططنا التنموية إن لم نضمن تطوير إدارة الدولة وتعزيز مبدأ سيادة القانون، وذلك بترسيخ مبادئ العدالة والمساواة والشفافية؛ هذه المبادئ السامية التي قامت من أجلها وجاءت بها نهضتنا العربية الكبرى التي نحتفل بذكراها المئوية هذا العام).
ورأيي، كما أعرف، بأنه أثناء توليه لوزارة التعليم العالي والجامعة الأردنية كان يختار الكفاءات المنجزة دون النظر إلى أمور أخرى، ولا يخضع للواسطة والمحسوبية وتدخلات المتنفذين لأقاربهم أو مناطقهم، بما فيها تعيين رؤساء وأعضاء مجالس الأمناء للجامعات العامة والخاصة. فالواسطة والمحسوبية والإرضاءات للمتنفذين والشعبويات في الجامعات في تعيينات في مواقع إدارية ظاهرة سلبية يجب أن تنتهي من الجامعات، وبتنفيذ حديث جلالة الملك في الورقة النقاشية السادسة:
(الواسطة والمحسوبية
لا يمكننا الحديث عن سيادة القانون ونحن لا نقرّ بأن الواسطة والمحسوبية سلوكيات تفتك بالمسيرة التنموية والنهضوية للمجتمعات، ليس فقط بكونها عائقًا يحول دون النهوض بالوطن، بل ممارسات تنخر بما تم إنجازه وبناؤه، وذلك بتقويضها لقيم العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وقيم المواطنة الصالحة، وهي الأساس لتطور أي مجتمع).
حديث معالي الأستاذ الدكتور وليد المعاني برأيي يفتح المجال لفتح ملفات الجامعات الوطنية، من عامة وخاصة، بهدوء، وأن يستمع دولة الرئيس الميداني إلى مختلف الآراء والنقد البناء وإجراء جراحة عاجلة في الجامعات وتغييرات إدارية جذرية بيضاء قائمة على التقييم والإنجاز، بدءًا من الأقسام الإدارية والأكاديمية، والعمداء، ومجالس الأمناء، وتغيير جذري في التشكيلات الإدارية بين العمداء، واعتماد الكفاءة والإنجاز أولًا وليس الواسطة والمحسوبية وإرضاءات شعبوية مناطقية أو متنفذين. فهناك جامعات مديونيتها عالية، فإلى متى تستمر هذه المديونية العالية وتراكم قروض من البنوك وفوائد عالية؟ أما آن الأوان لتعتمد على ذاتها؟
معالي الأستاذ الدكتور وليد المعاني كان واضحًا وجريئًا بالحق عندما قال: "أنا ضد الموازي"، فهذا عين الصواب، ويحتاج إلى إعادة النظر فيه، وقد أوصت الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية برئاسة معالي الأستاذ الدكتور وجيه عويس بإلغائه على خطوات. وبالمناسبة، كنت في لجنة الحاكمية، وقد أوصت بأنظمة لضبط الجامعات، منها نظام العلاقة بين المالكين والإدارات الجامعية في الجامعات الخاصة، ولم يصدر إلى الآن.
أقترح على دولة الدكتور جعفر حسان الاستماع إلى حديث الدكتور وليد المعاني، فهو مهم جدًا وفي وقته. والإدارة الحصيفة في أي جامعة وطنية عامة وخاصة هي التي تدير ماليًا وإداريًا وأكاديميًا بكفاءة واقتدار، وتعمل على التطوير والتحديث الأكاديمي والإداري والبنى التحتية والخدمات، ويصبح التقدم في التصنيفات نتيجة وليس هدفًا.
حديث معالي الأستاذ الدكتور وليد المعاني برأيي يفتح المجال نحو تطوير وتغيير جذري في الجامعات الوطنية العامة والخاصة، وإبراز الإيجابيات وهي كثيرة، وأولها في الجامعة الأردنية "أم الجامعات" وغيرها، والسلبيات أينما وجدت. فالأردن كان دائمًا ولا زال مصدرًا للكفاءات، واليوم الذي يحدد الإقبال في جامعات العالم التي تقدمت ليس مواكب الخريجين بل نسب التشغيل للخريجين من الجامعات.
نعم، الجامعات العامة والخاصة بحاجة إلى ثورة إدارية بيضاء، وأولها تعيينات الرؤساء والعمداء ونواب الرؤساء ومجالس الأمناء، ليكون قائمًا فقط على الكفاءة والخبرة والقدرة على الإنجاز والتقييم الدوري وفي حده الأعلى عام، وتجريم الواسطة والمحسوبية السلبية والإرضاءات السلبية لمتنفذين. ولعل المسوق الخفي من أي جهة يسمع عن تشكيلات نواب رؤساء وعمداء ورؤساء أقسام ورؤساء، وقد يُصدم لوجود الواسطة والمحسوبية (وقد لا تكون صحيحة وقد تكون صحيحة)، وهذه مرفوضة وتجرمها هيئة النزاهة ومكافحة الفساد.
نعم، كما قال معالي الأستاذ الدكتور وليد المعاني، الإدارة الحصيفة هي الأساس للتطوير والتحديث.
للحديث بقية..