الكل يتحدث الأن عن احتمال قيام الكيان بسن قانون يسمح بضمّ الضفة الغربية، ومثل هكذا قرار، إن تم، عدا أنه غير قانوني، لكنه سوف يضع ضغوطًا هائلة على العلاقات الأردنية الإسرائيلية التي أصلاً هي بأدنى مستوى لها وقد يدفع عمّان لإعادة تقييم معاهدة السلام أو تقييد التعاون الأمني والدبلوماسي، وهذا ما كان جلالة الملك عبدالله الثاني يحذر منه علنًا في مواقف سابقة، ناهيكم عن احتمال ارتفاع التوتر الحدودي والاحتقان المجتمعي داخل الأردن ما قد يزيد من مخاطر الإنزلاق إلى مواجهات أمنية أو أعمال عنف متفرقة، خاصّة إذا رافق الضم تصعيد على الأرض والخوف الأكبر هو من أن يؤدي الضم إلى موجات نزوح أو زيادة في الطلب على استقبال لاجئين/ نازحين (مباشر أو غير مباشر)، مما يضغط على السكن، الخدمات العامة، والميزانية الأردنية، وهو عبء اقتصادي واجتماعي يصعب على بلد يعاني مسبقًا من بطالة وضغوط مالية.

كما أن أي فقدان وتغيّر في المناطق الزراعية/ الموارد المائية في وادي الأردن والضفة سيؤثر مباشرة على الأمن المائي والغذائي كما أن تعطّل العلاقات الاقتصادية والحد من العمالة الفلسطينية والقيود على حركة السلع يلحق ضرر بالتبادل التجاري والسياحة خاصة أن التقارير تشير الى زيادة في مصادرة الأراضٍ وقرارات إدارية في وادي الأردن تثير هذه المخاطر.

أما على صعيد الوصاية الهاشمية فإن أي تغيير في وضع القدس وبالوصول إلى الحرم/ الأقصى، يوجّه ضغوطًا قوية على الأردن كوصيّ على المقدسات، ويؤثر داخليًا وإقليميًا لأنه طُعن في هذا الدور.

معروف أن ضمّ أراضٍ محتلة يتعارض مع قرارات دولية ويعرض إسرائيل لانتقادات وإجراءات دولية؛ ذلك بدوره يضع الأردن في موقف دبلوماسي معقّد مع التحالف الإقليمي والدولي ومسؤوليته تجاه الفلسطينيين.

بإختصار، إن ضمّ الضفة لن يكون مجرد تغيير إداري؛ فتأثيره على الأردن متعدد البُعد (سياسي، أمني، اقتصادي، ديموغرافي، ديني) لأن الأردن يملك حساسية خاصة، حدود طويلة، جمهور فلسطيني كبير، دور تاريخي في القدس، لذلك، فإن أي خطوة من هذا النوع ستضع "عمّان" في مواجهة خيارات صعبة ما بين حماية مصالحه الوطنية والدفاع عن موقعه والضغوط الداخلية، بالتالي قد يكون أثر قرار الضم على الأردن بنفس مستوى تأثيره على الفلسطينيين أنفسهم وربما أكثر.