facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




دَوْلَةُ أَحْمَدَ اللَّوزِيِّ .. الغَائِبُ الحاضر


د. ضرار غالب العدوان
20-11-2025 10:20 AM

صَادِفُت قبل أيام الذِّكْرَى السَّنَوِيَّةَ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ لِرَحِيلِ فَقِيدِ الوَطَنِ وَالأُمَّةِ دَوْلَةَ المَرْحُومِ أَحْمَدَ اللَّوزِيِّ، وَالَّذِي فَاضَتْ رُوحُهُ الطَّاهِرَةُ إِلَى بَارِئِهَا بَعْدَ سِيرَةٍ وَمَسِيرَةٍ حَافِلَةٍ بِالبِرِّ وَالخَيْرِ وَالبَذْلِ وَالعَطَاءِ، وَذَلِكَ فِي مُخْتَلِفِ مَوَاقِعِ مَيَادِينِ العَمَلِ العَامِّ، وَالَّتِي شَغِلَهَا دَوْلَتُهُ مُنْذُ بَوَاكِيرِ شَبَابِهِ، وَخُصُوصًا حِينَما كَانَ رَئِيسًا لِلْوُزَرَاءِ وَمَجْلِسِ الأَعْيَانِ، وَكَذَلِكَ فِي مُخْتَلَفِ مَجَالَاتِ العَمَلِ الحُكُومِيِّ، وَالَّتِي تَرَكَتْ بِصْمَةً وَاضِحَةً فِي نَهْضَةِ الأُرْدُنِّ وَتَقَدُّمِهِ وَازْدِهَارِهِ.

لَقَدْ عُرِفَ دَوْلَةُ المَرْحُومِ أَحْمَدَ اللَّوزِيِّ بِنَظَافَةِ يَدِهِ وَنَقَاءِ سَرِيرَتِهِ، وَإِخْلَاصِهِ فِي خِدْمَةِ وَطَنِهِ وَتَفَانِيهِ لِقِيَادَتِهِ الهَاشِمِيَّةِ المُظَفَّرَةِ، فَقَامَ بِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَيْهِ مِنْ مَسْؤُولِيَّاتٍ خَيْرَ قِيَامٍ، وَيُعَدُّ مِنْ أَوَائِلِ رُؤَسَاءِ الوُزَرَاءِ الَّذِينَ حَارَبُوا آفَةَ الفَسَادِ وَهَدْرَ المَالِ العَامِّ، وَقَدْ كَانَ صَاحِبَ رَأْيٍ سَدِيدٍ وَقَرَارٍ جَرِيءٍ، فَدَافَعَ عَنِ الأَفْكَارِ وَالرُّؤَى الَّتِي كَانَ يُؤْمِنُ بِهَا، وَقَدَّمَ نَفْسَهُ كَرَجُلِ دَوْلَةٍ مِنَ الطِّرَازِ الرَّفِيعِ، إِذْ كَانَ المُؤْتَمَنَ الأَمِينَ عَلَى تَنْفِيذِ تَوْجِيهَاتِ جَلَالَةِ المَغْفُورِ لَهُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى المَلِكِ الحُسَيْنِ بْنِ طَلَّالٍ - طَيَّبَ اللَّهُ ثَرَاهُ - وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ تَسْخِيرِ كَافَّةِ الإِمْكَانِيَّاتِ وَالمَوَارِدِ المُتَاحَةِ وَاسْتِثْمَارِهَا لِتَوْطِيدِ قَوَاعِدِ أَرْكَانِ بُنْيَانِ نَهْضَةِ الأُرْدُنِّ الحَدِيثِ، وَدَفْعِ عَجَلَةِ التَّنْمِيَةِ الشَّامِلَةِ قُدُمًا نَحْوَ الأَمَامِ.

وَلَعَلَّ أَنْ أَبْرَزَ مَا يَتَمَتَّعُ بِهِ دَوْلَةُ المَرْحُومِ أَحْمَدَ اللَّوزِيِّ هُوَ أَنَّهُ كَانَ بَسِيطًا عَفُوِيًّا فِي تَعَامُلِهِ مَعَ الآخَرِينَ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ فِي السُّلْطَةِ أَمْ خَارِجَ نِطَاقِهَا، فَقَدْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ هُمُومِ المُوَاطِنِينَ وَحَرِيصًا عَلَى التَّوَاصُلِ وَالتَّشَاوُرِ مَعَهُمْ وَإِشْرَاكِهِمْ فِي عَمَلِيَّةِ صُنْعِ القَرَارِ، وَقَدْ كَانَ دَوْلَتُهُ زَاهِدًا فِي حَيَاتِهِ، وَمَعْرُوفًا بِصِدْقِهِ وَنَزَاهَتِهِ، وَمَشْهُودًا لِدَوْلَتِهِ بِكفَاءَتِهِ وَجَدَارَتِهِ، فَأَحَبَّ الوَطَنَ وَأَخْلَصَ إِلَيْهِ فَأَحَبَّهُ المُوَاطِنُ وَاقْتَدَى بِهِ، وَهَذَا هُوَ السَّبَبُ الَّذِي جَعَلَ الشَّعْبَ الأُرْدُنِّيَّ يُسَطِّرُ سِيرَتَهُ وَمَسِيرَتَهُ بِأَحْرُفٍ مِنْ نُورٍ، لِيُصْبِحَ رَمْزًا خَالِدًا مِنْ رُمُوزِ أَبْنَاءِ هَذَا الوَطَنِ المُخْلِصِينَ الأوْفِيَاءِ، وَالَّذِينَ نَذَرُوا حَيَاتَهُمْ وَكَرَّسُوا أَنْفُسَهُمْ وَقَدَّمُوا التَّضْحِيَاتِ الجِسَامَ لِإِعْلَاءِ شَأْنِهِ بَيْنَ الشُّعُوبِ المُتَحَضِّرَةِ وَالأُمَمِ النَّاهِضَةِ.

وَقَدْ شَكَّلَتْ شَخْصِيَّةُ دَوْلَةِ المَرْحُومِ أَحْمَدَ اللَّوزِيِّ القِيَادِيَّةُ وَحِكْمَتُهُ المُتَمَيِّزَةُ، وَقُدْرَتُهُ الفَائِقَةُ عَلَى الإِنْجَازِ وَالتَّغَلُّبِ عَلَى الصُّعَابِ وَتَحْوِيلِ التَّحَدِّياتِ إِلَى فُرَصٍ، مَحَطَّ إِعْجَابِ جَلَالَةِ المَغْفُورِ لَهُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى المَلِكِ الحُسَيْنِ بْنِ طَلَّالٍ - طَيَّبَ اللَّهُ ثَرَاهُ - لِذَلِكَ عَهِدَ جَلَالَتُهُ إِلَى دَوْلَتِهِ بِتَشْكِيلِ الحُكُومَةِ فِي أَعْقَابِ اغْتِيَالِ دَوْلَةِ رَئِيسِ الوُزَرَاءِ الأَسْبَقِ الشَّهِيدِ وَصْفِيِّ التَّلِّ فِي مَرْحَلَةٍ مِنْ أَصْعَبِ المَرَاحِلِ الَّتِي وَاجَهَتِ الأُرْدُنَّ - حِينَئِذٍ - وَقَدِ اسْتَطَاعَ بِحِكْمَتِهِ وَحَنَكَتِهِ تَثْمِيرَ التَّوْجِيهَاتِ المَلَكِيَّةِ السَّامِيَةِ إِلَى وَاقِعٍ حَيٍّ وَمَلْمُوسٍ، وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ تَبَنِّي حُكُومَتِهِ سِيَاسَاتٍ فَاعِلَةٍ دَفَعَتْ عَجَلَةَ التَّنْمِيَةِ وَالنَّهْضَةِ الشَّامِلَةِ إِلَى الأَمَامِ.

وَمِنَ المُهِمِّ أَنْ أُشِيرَ هُنَا إِلَى أَنَّ جَلَالَةَ المَلِكِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّانِي - حَفِظَهُ اللَّهُ وَرَعَاهُ - قَدْ عَهِدَ إِلَى دَوْلَةِ المَرْحُومِ أَحْمَدَ اللَّوزِيِّ فِي نِيسَانَ مِنْ عَامِ ( ٢٠١١) بِرِئَاسَةِ لَجْنَةٍ مَلَكِيَّةٍ مُكَلَّفَةٍ بِمُرَاجَعَةِ نُصُوصِ مَوَادِّ الدُّسْتُورِ الأُرْدُنِّيِّ، وَذَلِكَ لِلنَّظَرِ فِي أَيِّ تَعْدِيلَاتٍ دُسْتُورِيَّةٍ مُلَائِمَةٍ لِحَاضِرِ الأُرْدُنِّ وَمُسْتَقْبَلِهِ، وَتَرْسِيخِ التَّوَازُنِ بَيْنَ السُّلُطَاتِ، وَالارْتِقَاءِ بِالادَاءِ السِّياسِيِّ وَالحِزْبِيِّ وَالنِّيَابِيِّ وَصُولًا إِلَى صِيغَةٍ دُسْتُورِيَّةٍ تُمَكِّنُ مَجْلِسَ الأُمَّةِ مِنَ القِيَامِ بِدَوْرِهِ التَّشْرِيعِيِّ وَالرِّقَابِيِّ بِكفَاءَةٍ وَفَعَّالِيَّةٍ، وَفِي نَفْسِ الوَقْتِ تَعْزِيزُ اسْتِقْلَالِيَّةِ القَضَاءِ وَنَزَاهَتِهِ.

لَقَدْ رَحَلْتَ عَنَّا يَا دَوْلَةَ أَبَا نَاصِرٍ جَسَدًا، إِلَّا أَنَّ رُوحَكَ الطَّاهِرَةَ مَا زَالَتْ حَيَّةً فِي قُلُوبِنَا وَخَالِدَةً فِي وِجْدَانِنَا، وَمَا زَالَتْ أَشْرَقَةُ ابْتِسَامَتِكَ العَذْبَةِ وَتَجَلِّيَاتُ وَجْهِكَ البَشُوشِ مَحْفُورَةً فِي ذَاكِرَتِنَا، وَيَكْفِيكَ فَخْرًا يَا أَبَا نَاصِرٍ أَنَّكَ قَدْ تَرَكْتَ لَنَا إِرْثًا مَجِيدًا مِنَ السِّيرَةِ العَطِرَةِ وَالسُّمْعَةِ الطَّيِّبَةِ، لِيُذَكِّرَكَ كُلُّ مَنْ يَعْرِفُكَ، وَيَتَذَكَّرَ مَحَاسِنَكَ وَيَسْتَذْكِرَ فَضَائِلَكَ وَأَخْلَاقَكَ النَّبِيلَةَ، وَيَذْكُرَ انْجَازَاتِكَ الوَطَنِيَّةَ الَّتِي لَا يَنْسَاهَا أَحَدٌ، فَأَنْتَ الغَائِبُ الحَاضِرُ، وَسَتَبْقَى الرَّجُلَ الوَطَنِيَّ الَّذِي يَفْتَخِرُ بِهِ كُلُّ أُرْدُنِيٍّ حُرٍّ شَرِيفٍ، وَيَعْتَزُّ بِخِصَالِكَ الحَمِيدَةِ وَمَزَايَاكَ الفَرِيدَةِ وَالَّتِي يَتَفَرَّدُ بِهَا أَبْنَاءُ المُجْتَمَعِ الأُرْدُنِّيِّ الأَصِيلِ، وَسَيَبْقَى إِرْثُكَ التَّلِيدُ قُدْوَةً حَسَنَةً لِلأَجْيَالِ القَادِمَةِ، فَسَلَامٌ عَلَيْكَ يَوْمَ وُلِدْتَ وَيَوْمَ رَحِلْتَ وَيَوْمَ تُبْعَثُ حَيًّا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :