facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مؤرخ حيفا: أحزاب اليسار في اسرائيل عليها تغيير نمط خطابها السياسي


07-12-2025 03:19 PM

عمون - حوار سليم النجار - د. جوني منصور مؤرخ حيفا يقول ما لا يقول الآخرين في عالمنا العربي عن اليسار في اسرائيل، ويكشف عن مكتونات هذا اليسار كما يعرفه ، يطرح الأسئلة ولا يبحث عن اجابات معلبة، بل كتب وعرّف من واقع معايشته اليومية في الخط الأخضر٠
حاوره سليم النجار

1: كيف تكون اليسار في اسرائيل؟

يرتبط نشأة اليسار السياسي في إسرائيل ارتباطًا وثيقًا بتاريخ الحركة الصهيونية والهجرات الصهيونية وخصوصا الهجرة الأولى إلى فلسطين، وهذا يعني قبل قيام اسرائيل ككيان.

لم يتأسس اليسار في إسرائيل دفعةً واحدة، بل تطور كحركة أيديولوجية وسياسية ترسخت وأصبحت القوة المهيمنة في المجتمع اليهودي على مدى عقود طويلة.

المصادر المفاهيمية: الاشتراكية والصهيونية ( والتي تشكلت خلال الهجرتين الثانية والثالثة).

الأيديولوجية الاشتراكية: برزت الفكرة المركزية لليسار في إسرائيل مع رواد الهجرة الثانية (1904-1914) والثالثة (1919-1923)، الذين جلبوا معهم أيديولوجية اشتراكية عمالية من أوروبا.

وتم الشروع في التطبيق العملي: سعى هؤلاء الرواد إلى تحقيق الاشتراكية من خلال إرساء أطر تعاونية وثورية في فلسطين.
وقد تجلى ذلك في إنشاء:

إقامة مشروع "الكيبوتسات والتجمعات الزراعية": التي كان الهدف منها تطبيق مبادئ المساواة، والملكية المشتركة لوسائل الإنتاج، والعيش التعاوني.

وهناك نموذج "الموشافيم": نموذج أقل تعاونية من الكيبوتس، ولكنه لا يزال يتمتع بخصائص اشتراكية قائمة على التعاون المتبادل.

تأسيس المنظمات السياسية والاقتصادية (عشرينيات القرن العشرين)

لتطبيق هذه الأيديولوجية وإدارة مشاريع الاستيطان، أصبح اليسار قوة منظمة، أي الانتقال الى مرحلة المأسسة السياسية:

تأسيس الهستدروت (1920): تأسس الهستدروت للعمال اليهود في فلسطين كمنظمة اقتصادية واجتماعية جامعة لجميع العمال. لم يكن مجرد نقابة عمالية، بل كان أيضًا جهة توظيف رئيسية (من خلال شركات ضخمة مثل:"سوليل بونيه" و"كور")، ومقدمًا لخدمات الرعاية الاجتماعية والصحية (التأمين الصحي والتي تُعرف باسم "كوبات حوليم"، أي صندوق المرضى). وشكّل الهستدروت أساس القوة السياسية لليسار.

تأسيس أحزاب العمال: اتحدت الأحزاب التي مثلت اليسار الصهيوني، مثل "أحدوت هعفودا"("اتحاد العمل") و"هبوعيل هتسعير"("العامل الشاب")، لاحقًا لتشكيل حزب مباي (حزب عمال أرض إسرائيل)، الذي أصبح الحزب المهيمن والقائد.

قيادة الييشوف: سيطر اليساريون بقيادة ديفيد بن غوريون على المؤسسات الوطنية (مثل المنظمة الصهيونية والوكالة اليهودية)، وأصبحوا القوة القيادية والتنفيذية للحركة الصهيونية حتى قبل قيام الدولة.

الهيمنة وتأسيس الدولة

القيادة الحصرية: طوال فترة الييشوف وبعد تأسيس الدولة، وحتى انقلاب الحكم في عام ١٩٧٧، قاد اليسار السياسي (وخاصة من خلال حزب مباي، الذي أصبح يُعرف باسم معراخ، ثم حزب العمل) الحكومة.

الأيديولوجية المركزية: شكّل اليسار الصهيوني-الاشتراكي شخصية دولة إسرائيل حديثة العهد، وبنى مؤسسات مركزية في المجالات الاقتصادية والأمنية (الهاجاناه خلال فترة الانتداب البريطاني وحتى عام 1948، ثم جيش الدفاع الإسرائيلي) والاجتماعية.

خلاصة القول، نشأ اليسار في إسرائيل نتيجةً لحركة اشتراكية رائدة نظّمت نفسها وأصبحت قوة سياسية واقتصادية وعسكرية منظمة، ونجحت في السيطرة على قيادة الحركة الصهيونية وتأسيس الدولة.

سؤال رقم 2: هل يتقبل الأسرائيلي فكرة حزب يساري في اسرائيل؟

إن مسألة ما إذا كان الإسرائيليون سيقبلون (أو سيعيدون قبول) فكرة وجود حزب يساري مهيمن مسألة معقدة للغاية، ولا توجد إجابة قاطعة لها. فهي تعتمد على العديد من العوامل السياسية والاجتماعية والأمنية التي تغيرت بشكل كبير في العقود الأخيرة.

يمكن دراسة إمكانية قبول فكرة اليسار من خلال تحليل التحديات والفرص الحالية الناشئة.

تحديات اليسار اليوم (لماذا يصعب تقبّلها؟)

على مدار العقد الماضي، شهد اليسار تآكلًا مستمرًا نتيجةً لعدد من العقبات الرئيسية:

• التحدي الأمني والسياسي:

"صدمة أوسلو": فك الارتباط عن غزة، والانتفاضة الثانية، والعمليات العسكرية الكبرى التي أعقبت محاولات المصالحة والتنازلات الإقليمية، خلقت لدى الجمهور شعورًا بأن أفكار اليسار السياسي لا تصمد أمام اختبار الواقع الأمني.

حركات التحرر الإقليمية: إن تقوية منظمات مثل حماس وحزب الله، وأحداث مثل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تُعزز النموذج الواقعي الأمني لدى غالبية الجمهور، الذي يُفضّل الاستقرار والردع والسيطرة الأمنية على الحلول السياسية المعقدة.

غياب الشريك: يشكك الكثيرون في اسرائيل بوجود "شريك" فلسطيني قادر على التوصل إلى تسوية من أجل السلام والأمن الدائمين. وهذه ذريعة خلقها بنيامين نتنياهو لتعزيز هيمنته وسيطرته وعدم التوصل الى تسوية بل إدارة الصراع.

تفكك القاعدة الانتخابية

الجنوح نحو الوسط: انتقل جزء كبير من الناخبين "البراغماتيين" من اليسار التاريخي إلى أحزاب الوسط (مثل "يش عتيد" و"أزرق أبيض/معسكر الدولة")، التي تتبنى مواقف سياسية أقل إلزامًا أو أقل تطرفًا من اليسار الكلاسيكي.

الناخبون الشرقيون والتقليديون: فشل حزب العمل في استعادة التواصل مع الجماهير التقليدية والشرقية، التي تحول الكثير منها إلى دعم أحزاب اليمين بعد انقلاب الحكم في 1977.

غياب رسالة اجتماعية-اقتصادية فريدة

في الماضي، كان اليسار السياسي يُعرف بالاشتراكية والعدالة الاجتماعية، ولكن منذ ذلك الحين، تحول اليسار نحو نوع من الليبرالية الاقتصادية. واليوم، تتبنى العديد من الأحزاب (من اليمين إلى الوسط) خطابًا اجتماعيًا، مما يُصعّب على اليسار السياسي التميز على أسس اقتصادية فحسب.

إمكانيات وآفاق التبني (لماذا قد يتغير هذا؟)

على الرغم من الصعوبات، هناك شروط وإمكانيات قد تعيد اليسار إلى مركز الخطاب السياسي في اسرائيل:

التركيز على القضايا المدنية والاقتصادية

"اليسار الجديد": هناك إمكانية لحزب يساري أن يُركز بشكل شبه حصري على قضايا مثل العدالة الاجتماعية والاقتصادية، وأزمة السكن، والتعليم العالي، وخدمات الرعاية الاجتماعية. وبذلك، قد يجذب اليسار جماهير جديدة أقل اهتمامًا بالقضية الفلسطينية وأكثر اهتمامًا بتكاليف المعيشة. أي الاهتمام بالشأن اليومي دون اهمال الشأن السياسي والقومي.

النضال الديمقراطي: قد تضع الصراعات الداخلية حول الطابع الديمقراطي لإسرائيل اليسار في طليعة الدفاع عن حقوق الأقليات بصورة محدودة لكسب التأييد في صناديق الاقتراع، وفصل السلطات، والنظام القانوني، مما يُوحد حوله جمهورًا ليبراليًا واسعًا.

تغيير في النموذج السياسي

إذا حدث تغيير إقليمي جذري (مثل مبادرة سلام شاملة تدعمها دول عربية مؤثرة)، فقد يُفرغ ذلك طاولة النقاش ويعيد الجمهور إلى إمكانية التوصل إلى حل سياسي، مما يُعزز موقف أحزاب اليسار.

حلول واقعية: يمكن لليسار أن ينجح إذا طرح خطة سياسية جديدة لا تركز فقط على التنازلات، بل على الأمن الفوري وإدارة الصراع بطريقة تُحسّن جودة حياة المواطنين، على عكس الأفكار القديمة.

أزمة ثقة في قيادة اليمين

تعاني الحكومة الاسرائيلية اليمينية من إرهاق حكومي وهذا قد يدفع الأزمات السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية الحادة في ظل حكم اليمين جمهورًا واسعًا إلى البحث عن بديل أيديولوجي شامل، لا يتجاوز حزب الوسط "أزرق أبيض".، بمعنى ابقاء اليسار من الخلف.

ختامًا:
يتطلب تبني فكرة اليسار من أحزاب اليسار تغييرًا في نمط عملها وخطابها. إذا استطاعوا تقديم خطة أمنية موثوقة ومتجددة وطرحوا تسوية جدية مع الفلسطينيين، إلى جانب تركيز قوي على العدالة الاجتماعية والديمقراطية، فهناك إمكانية لكسب أصوات الناخبين. وما دامت المخاوف الأمنية مهيمنة على الخطاب العام، فسيظل الانتقال إلى اليسار التقليدي تحديًا.

سؤال 3: العربي الفلسطيني في الخط الأخضر ما مدى قدرته التعامل مع حزب يساري اسرائيلي؟

إن قدرة المواطن العربي الفلسطيني في إسرائيل (داخل الخط الأخضر) على التماهي مع حزب يساري إسرائيلي والتعامل معه مسألة معقدة ومتغيرة، وتتأثر بمزيج من العوامل الأيديولوجية والسياسية والاجتماعية.

شهدت العلاقة بين الجمهور العربي الفلسطيني في إسرائيل والأحزاب اليسارية الصهيونية (مثل حزب العمل وحزب ميرتس سابقًا) تحولات عديدة منذ قيام الدولة، وتتميز بدرجة عالية من التناقض (الموقف المزدوج):

صلة تاريخية ومصالح مشتركة

لطالما اتسم الجمهور العربي والأحزاب اليسارية الصهيونية بتقارب معيّن، ويعود ذلك أساسًا إلى:

الموقف السياسي: كانت (ولا تزال) الأحزاب اليسارية الصهيونية هي الأحزاب الرئيسية التي أيدت علنًا حل الدولتين، او التوصل الى تسوية أو اتفاقية السلام، وحقوق الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة. وهذا موقف يتماشى مع المصلحة الوطنية الفلسطينية لمواطني إسرائيل من الفلسطينيين.

الحقوق المدنية: طرح اليسار الصهيوني المساواة المدنية ومكافحة العنصرية والتمييز العنصري وايضا التمييز في الخدمات. وللجمهور العربي مصلحة واضحة في التصويت للأحزاب التي تُقدم أجندة المساواة المدنية والاقتصادية.

السياق التاريخي (مباي): في الماضي، كان حزب مباي (الحزب الأم لحزب العمل) هو الحزب المهيمن الذي سيطر على القطاع العربي من خلال آليات الحكم المحلي والمحسوبية السياسية (مع أن هذه الآليات تُذكر أيضًا على أنها مثيرة للجدل)، وفرض حالة من الخوف والرعب ادت او ساهمت في رضوخ كثيرين لآملاءات قيادات تقليدية متعاونة مع الحزب الحاكم..

العقبات والتباعد الأيديولوجي

على الرغم من التقارب السياسي نوعا ما مع القضية الفلسطينية، إلا أن هناك فجوات جوهرية:

الطبيعة الصهيونية للأحزاب اليسارية

"الصهيونية" كخط أحمر: يواجه الجمهور العربي الفلسطيني في إسرائيل خطًا أحمر أيديولوجيًا: فالأحزاب اليسارية هي أحزاب صهيونية تأسست لخدمة وجود دولة إسرائيل ومصالحها كدولة يهودية. هذه الحقيقة تثير الريبة وتحد من القدرة على التماهي الكامل، لا سيما فيما يتعلق بهويتها الوطنية الفلسطينية.

الاعتراف بالنكبة: لا تميل الأحزاب اليسارية الصهيونية إلى الاعتراف الكامل بالرواية الفلسطينية لنكبة عام 1948، ولا إلى الترويج لحق العودة. بمعنى انها تتهرب من هذه المسائل.

الأحزاب العربية المتفانية

التمثيل الذاتي: تُقدّم الأحزاب العربية غير الصهيونية (مثل القائمة المشتركة سابقًا، و"القائمة العربية الموحدة – وهي ذات توجه اسلامي"، و"الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير") تمثيلًا سياسيًا متفانيًا يُلبّي الاحتياجات الوطنية والمدنية والدينية للجمهور العربي. غالبًا ما يُفضّل الناخب العربي حزبًا يُمثّل هويته الوطنية تمثيلًا كاملًا. وإن كان هناك نقاش معقد مع القائمة العربية الموحدة التي دخلت الائتلاف الحكومي مع حكومة بينيت – لابيد.

التأثير الداخلي: يُعتبر التصويت للأحزاب العربية وسيلةً أقوى للتأثير على المجتمع العربي داخليًا وتعزيز القيادة المحلية.

تراجع اليسار

في العقدين او الثلاث الاخيرة، تراجعت القوة السياسية لأحزاب اليسار الصهيوني. بالنسبة للناخب العربي، يُعتبر التصويت لحزب صغير في معارضة دائمة تصويتًا زائفًا، لا يخدم المصالح المحلية.

إمكانية المنافسة: على أساس مدني

إمكانية تبني فكرة اليسار موجودة، لكنها تتمحور بشكل رئيسي حول القضايا المدنية والاجتماعية والاقتصادية، وليس بالضرورة حول القضايا الوطنية الفلسطينية:

المصلحة الاقتصادية: يهتم العديد من الناخبين العرب بأحزاب اليسار/الوسط التي تُركز على خدمات الرعاية الاجتماعية والتعليم ومكافحة الجريمة والعنف في المجتمعات العربية. في هذه القضايا، هناك تقارب في المصالح مع اليسار الإسرائيلي عمومًا.

تجنب المخاطر: بالنسبة لشرائح من الجمهور العربي (وخاصة الأكاديميين والمتعلمين)، يُوفر التصويت لحزب صهيوني يساري "حماية" ضد تفاقم المشاعر العنصرية وصعود أحزاب اليمين المتطرف، مع الحفاظ على المشاركة السياسية. وحول هذين التوجهين هناك تراجع عبر الزمن بسبب تراجع مكانة اليسار الصهيوني في اسرائيل، ومن جهة أخرى جنوح كثيرين من الاسرائيليين نحو اليمين وترك العرب الفلسطينيين يميلون الى الاحزاب العربية اكثر من اختيار الميل الى حزب يساري صهيوني.

الخلاصة:

يستطيع المواطن العربي الفلسطيني في اسرائيل التعامل مع حزب يساري إسرائيلي إذا قدّم أجندة واضحة للمساواة المدنية والعدالة الاقتصادية وسياسة سلام موثوقة. ومع ذلك، ستبقى الصعوبة المركزية دائمًا هي الهوية الصهيونية لهذه الأحزاب، مما يحد من قدرتها على تمثيل الهوية الوطنية الفلسطينية الكاملة للناخب. لذلك، من المرجح أن تبقى معظم الأصوات العربية منقسمة بين أحزاب عربية ملتزمة بنسبة عالية، وتسبة أقل لأحزاب صهيونية يسار الوسط.

سؤال 4: أين موقع اليسار الأسرائيلي في المشهد السياسي؟

اليسار الإسرائيلي حاليًا (اعتبارًا من عام ٢٠٢٥) في موقع الأقلية السياسية والمعارضة، ويقع تقليديًا في الطرف اليساري الليبرالي من الخارطة السياسية في إسرائيل.

يتميز موقف اليسار الحالي بالانكماش الانتخابي والانقسام الداخلي، ويواجه صعوبات كبيرة في التأثير على مراكز صنع القرار.

الموقف الأيديولوجي المركزي

يُعرّف اليسار أساسًا بمواقفه المتميزة في ثلاثة مجالات مركزية:

١. السياسي والأمني

حل الدولتين: هذا هو الموقف الرائد الثابت لليسار. يدعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل، على حدود عام ١٩٦٧ (مع تبادل متفق عليه للأراضي).

الانفصال: التأكيد على ضرورة الانفصال عن الفلسطينيين وإنهاء السيطرة على الأراضي، مع اعتبار الاحتلال مصدر ضرر أمني وديمقراطي لإسرائيل.

المبادرة السياسية: المطالبة بمبادرة سياسية، وإجراء مفاوضات نشطة، والسعي إلى ترتيبات إقليمية.

٢. الاشتراكي الديمقراطي

الدفاع عن الديمقراطية الليبرالية: دعم قوي لتعزيز النظام القضائي والحفاظ عليه ومنع احداث ثورة فيه كما يريد حزب الليكود واحزاب سمينية اخرى. وفصل السلطات، والتوازنات بين السلطات.

حقوق الإنسان والأقليات: تعزيز المساواة الكاملة لجميع المواطنين، وحماية حقوق الأقليات (مثل مجتمع المثليين والمجتمع العربي)، مع مكافحة العنصرية والتمييز.

دولة لجميع مواطنيها: يتم التركيز على جعل إسرائيل دولة تخدم جميع مواطنيها على قدم المساواة، مع الحفاظ على طابعها اليهودي الديمقراطي. وهنا مفهوم لجميع مواطنيها بالتركيز على المواطن اليهودي أكثر من العربي دون الاشارة إلى ذلك رسميا.

اجتماعي-اقتصادي

دولة الرفاه: دعم واضح لزيادة ميزانيات الرعاية الاجتماعية والصحة والتعليم، وتقليص الفجوات الاجتماعية-الاقتصادية الكبيرة في إسرائيل.

التنظيم والتخطيط: دعم تشديد الرقابة الحكومية على أسواق الإسكان والغذاء، مع فرض ضرائب أعلى على الشرائح العليا (التصاعدية) بهدف إعادة توزيع الثروة. وهذا كما يبدو ان يكون سائدا بسبب التغييرات المالية في الاسواق العالمية وتوجهات الرأسمالية العالمية.

حضوره السياسي اليوم

يمثل اليسار حاليًا بشكل رئيسي حزب الديمقراطيين المنبثق عن الحزب الأم التاريخي "حزب العمل"، والأحزاب الأصغر التي تنتمي إلى هذه الكتلة (مثل ميرتس، التي فقدت تمثيلها).

تراجعه كقوة حاكمة: بعد أن كان القوة المهيمنة في إسرائيل حتى عام ١٩٧٧ (وجزئيًا حتى عام ٢٠٠١)، فقد اليسار قدرته على قيادة ائتلاف حكومي ذي قاعدة راسخة. ويُنظر إليه كعامل محدود انتخابيًا لا يمكنه "إنتاج" حكومة بمفرده.

ما وراء الوسط: تحول العديد من الناخبين "اللينين" لليسار إلى دعم أحزاب الوسط (مثل يش عتيد ومعسكر الدولة). تتبنى أحزاب الوسط عمومًا مواقف اليسار في المجالين الديمقراطي والليبرالي، لكنها تتخذ مواقف أمنية أكثر تحفظًا او تشددا (تصريحات لابيد وغانتس خلال الحرب الاسرائيلية الابادية على غزة تدلل على ذلك)، مما يجعلها أكثر جاذبية لعامة الجمهور.

التشرذم: يواجه اليسار صعوبة مستمرة في توحيد صفوفه والتغلب على الانقسامات الداخلية، مما يُضعف نفوذه في الكنيست.

باختصار:

يقع اليسار الإسرائيلي في أقصى يسار الخريطة السياسية، مُمثلًا أيديولوجية السلام والعدالة الاجتماعية والديمقراطية الليبرالية. ورغم تراجع نفوذه، لا يزال يُمثل صوتًا نقديًا مهمًا فيما يتعلق بالاحتلال وسلوك المستوطنين في الضفة الغربية وقضايا المساواة المدنية، مما يُجبر الوسط واليمين على معالجة هذه القضايا.

سؤال 5: ما مدى انتشار اليسار في المجتمع الأسرائيلي؟

يُعتبر اليسار السياسي في إسرائيل، بالتعريف الضيق للأحزاب الصهيونية الواقعة على يسار الوسط (مثل حزب العمل السابق وميرتس سابقا)، أقل شيوعًا بين الجمهور اليهودي حاليًا، وقد تراجعت قوته الانتخابية (قوته في صناديق الاقتراع) بشكل كبير في العقود الأخيرة.

مع ذلك، لا تزال الأفكار والقيم الليبرالية المرتبطة باليسار (مثل المساواة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية) منتشرة على نطاق واسع بين فئات محددة في المجتمع الإسرائيلي ومن ابرزها المثفقين.

الأقلية السياسية: المؤشرات الانتخابية

يتجلى تراجع انتشار اليسار في المؤشرات التالية:

التمثيل في الكنيست: يبلغ مجموع قوة أحزاب اليسار الصهيوني (حزب العمل وميرتس سابقا) حاليًا عددًا صغيرًا نسبيًا من المقاعد (في الانتخابات الأخيرة عام ٢٠٢٢، على سبيل المثال، حصل حزب العمل على ٤ مقاعد، بينما لم ينجح حزب ميرتس). وتدعم الكتلة اليمينية والأحزاب الحريدية الأغلبية في الكنيست.

إضعاف "المعسكر": إن الجمهور الذي يعتبر نفسه "يسارياً" في السياق السياسي الأمني يشكل نحو 10% إلى 15% من الجمهور اليهودي، وفقاً لمعظم الاستطلاعات السياسية، مقارنة بنحو 40% إلى 50% ممن يعرّفون أنفسهم بأنهم "يمينيون"، ونحو 25% إلى 30% ممن يعرّفون أنفسهم بأنهم "وسطيون".

تقسيم مجتمعي نحو توجهات اليسار او الابتعاد عنه يتعلق بالجمهور العربي الفلسطيني واليهودي في اسرائيل:

المجتمع العربي الفلسطيني في اسرائيليتماهى مع افكار وطروحات اليسار مثل حل الدولتين والسعي الى المساوة المدنية.

ونشير الى انه في اوساط الاكاديميين والمثقفين تنتشر افكار حقوق الانسان والليبرالية وتوجيه نقد نحو الاحتلال باعتباره(بالنسبة لهم) مصدر المشكلة.

ونشير ايضا الى تركيز التوجه نحو المركز في اوساط الليبراليين من كصمفي الطبقة المتوسطة والعليا.

اما الشباب من جيل 40 وتحت فلديهم توجه نحو التشديد على الامن في اوساط اليهود طبعا. وهذا جنوح نحو اليمين وليس اليسار. وهي غير قائمة لدى الشباب العربي الفلسطيني في اسرائيل.

اما الاحزاب المتدينية فتجنح نحو اليمين ومنها نحو اليمين المتطرف والسعي الى السيطرة والهيمنة على الحيز العام بشكل عنيف.

انتشار القيم: الوسط الليبرالي

تبنى الوسط (مثل أحزاب "يش عتيد" أو "معسكر الدولة") جزءًا كبيرًا من الأفكار الديمقراطية الليبرالية التي كانت تُعرف سابقًا باليسار حصرًا.

الديمقراطية والقانون: انحازت معظم أحزاب الوسط إلى اليسار في كفاحها لتعزيز الديمقراطية وحماية النظام القانوني.

الاقتصاد والمجتمع: تدعم أحزاب الوسط أيضًا الأفكار الاجتماعية والنهوض بالطبقة الوسطى.

المعنى: يتمسك العديد من الإسرائيليين بقيم اجتماعية ليبرالية (يسارية)، لكنهم يترددون في التصويت لحزب يساري بامتياز بسبب خطه السياسي الراديكالي الذي يُقدمه في نظرهم، أو لعدم ثقتهم بفعاليته في حل التحديات الأمنية. ويفضلون حلًا وسطًا يتمثل في حزب وسطي ومنهم، في السنتين الاخيرتين، يقبل الطروحات الليبرالية في الاقتصاد والمجتمع والعمل وغيره في حين انه لا يساوم في مسائل الامن، وهذا تحديدا بدأ يحدث بعد 7 اكتوبر 2023..

في الختام، من منظور انتخابي، يُعتبر اليسار أقل شيوعًا ويمثل أقلية. من الناحية الأيديولوجية، تنتشر قيمه الليبرالية على نطاق واسع، لكنها غالبًا ما تُترجم إلى دعم لأحزاب الوسط التي تتبنى نهجًا أمنيًا أكثر تحفظًا وايضا جنوح في هذه الجزئية نحو اليمين.

سؤال 6: ما هو موقع اليسار الأسرائيلي بين الأحزاب اليسارية في العالم؟

إن موقع اليسار الإسرائيلي بين الأحزاب اليسارية في العالم فريد من نوعه ويشكل تحدياً كبيراً، ويتسم بالتوتر المستمر بين الصهيونية التقليدية والديمقراطية الاجتماعية والضغوط المتزايدة في العالم الغربي للتوافق مع المواقف المؤيدة للفلسطينيين أو ما بعد الصهيونية.

الصلة التاريخية والأيديولوجية (التشابه)

ينتمي اليسار الإسرائيلي، في جوانب عديدة، إلى الأسرة العالمية للأحزاب الديمقراطية الاجتماعية:

التقدمية الاجتماعية: على غرار الأحزاب الاشتراكية والديمقراطية الاجتماعية في أوروبا، يدعم اليسار الإسرائيلي دولة الرفاه، والعدالة الاجتماعية، وحماية حقوق العمال، وتعزيز المساواة للأقليات (بما في ذلك حقوق المثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسية وحقوق المواطنين العرب طبعا بحدود تتناسب والتطلعات الصهيونية).

الانتماء الدولي: حزب العمل الإسرائيلي عضوٌ منذ زمن طويل في الاشتراكية الدولية، وهي منظمة عالمية جامعة للأحزاب الديمقراطية الاجتماعية. ولا نتصور ان لها اي دور مؤثر في العقدين الاخيرين على الساحة الدولية.

التفرد ومصدر التوتر (الاختلاف)

وقد نجد تفردا لليسار الاسرئايلي، وينبع تفرده بسبب موقعه المعقد في العالم، من عاملين رئيسيين:

أ. اليسار الصهيوني

الصهيونية كركيزة أساسية: اليسار الإسرائيلي (حزب العمل وحزب ميرتس سابقًا) صهيوني واضح. يرى أن الحفاظ على إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية هو هدفه الأسمى.

الأمن أولًا: على عكس بعض اليسار العالمي، يتمسك اليسار الإسرائيلي بمنظور واقعي أمني قوي. يدعم حل الدولتين ليس فقط لأسباب أخلاقية، بل كضرورة وجودية للحفاظ على دولة إسرائيل آمنة ويهودية. وحل الدولتين لديه ليس وفقا لشروط وتوجهات اشلرعية الدولية، وانما وفقا لمقاسات اسرائيل.

ب. الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

انتقادات متزايدة من الخارج: تحولت العديد من الأحزاب اليسارية في أوروبا وأمريكا الشمالية واللاتينية إلى أقصى اليسار في السنوات الأخيرة فيما يتعلق بالصراع. تميل هذه الأحزاب إلى تبني مواقف انتقادية للغاية تجاه إسرائيل، حتى أنها تتهمها بـ"الفصل العنصري" أو "الاستعمار". وأخيرا تتهم اليسار الاسرائيل لتجنبه قبول تسمية الحرب على غزة بكونها حربا ابادية.

المطالبة بالتخلي: يتوقع اليسار العالمي أحيانًا من اليسار الإسرائيلي التخلي تمامًا عن الأيديولوجية الصهيونية، أو على الأقل إدانة سياسات الحكومات الإسرائيلية (بما في ذلك حزب العمل السابق) بشدة، وهذا ما لم يحدث ولن يحدث.

الانفصال العاطفي: غالبًا ما يكون الجيل الجديد من النشطاء والسياسيين في اليسار العالمي منفصلين عن الخلفية التاريخية لليسار الإسرائيلي (مثل إنشاء الكيبوتس والهستدروت) وعن التهديد الأمني الوجودي، ولديهم رؤى معاصرة تحاكي ما يجري في العالم من تقلبات في الشأن الحزبي.

الوضع الحالي

لذا، فإن وضع اليسار الإسرائيلي هو:

مُقدَّر من قِبَل المؤسسة القديمة: فهو يتمتع بدعم تقليدي من الأحزاب الاشتراكية العريقة (مثل حزب العمال البريطاني السابق أو الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا) التي تُدرك تعقيد الصراع.

مُهاجم من قِبَل الجناح الراديكالي: فهو عُرضة للضغوط والنقد من الأجنحة الشابة والأكثر راديكالية في الأحزاب اليسارية الرئيسية (مثل مطالب حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) أو الإدانات اللاذعة).

في جوهره، يتصرف اليسار الإسرائيلي كتيار معتدل يسعى إلى سد الفجوة بين الاحتياجات الأمنية والوجودية لدولة إسرائيل والمطالبة العالمية بحل عادل للصراع الفلسطيني، وهو موقف يُقلل من شعبيته بين الجناح الراديكالي في اليسار العالمي اليوم.

سؤال 7: ما هي أولوية اليسار الأسرائيلي في الحياة المطلبية أو الموقف السياسي اتجاه القضية الفلسطينية؟

غالبًا ما تكون أولويات اليسار الإسرائيلي المُمَثَّل في النظام السياسي (مثل حزب العمل أو حزب "الديمقراطيين" المتحدين) ثنائية، وتتطلب مراعاة كلا المحورين: السياسي/الأمني والاجتماعي/الحياتي، حيث يُنظر إلى المحور السياسي على أنه أساس الراية الأيديولوجية للمعسكر.

في العقود الأخيرة، بذل قادة اليسار محاولات متكررة للتركيز على المحور الاجتماعي-الاقتصادي في محاولة لإعادة التواصل مع الجمهور وتغيير صورة الحزب، إلا أن الجمهور ووسائل الإعلام غالبًا ما تُركز عليهم في المقام الأول وفقًا لمواقفهم من القضية الفلسطينية.

الموقف السياسي من القضية الفلسطينية

تُعدّ القضية الفلسطينية السمة الأبرز والأكثر تميزًا لليسار الإسرائيلي:

حل الدولتين: مطلبٌ لا يقبل المساومة لإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، على أساس حدود عام 1967 (مع تبادل متفق عليه للأراضي). وطبعا كما قلنا آخذين بعين الاعتبار متطلبات اسرائيل الامنية ودون التنازل عنها او المساومة عليها. لكن بالمجمل لديهم استعداد لخوص مسار تسوية.

إنهاء الاحتلال: اعتبار السيطرة على الأراضي تهديدًا للديمقراطية والهوية اليهودية لدولة إسرائيل، والمطالبة بإنهاء الاحتلال بشكل استباقي.

حقوق الإنسان: يُشدد اليسار الأكثر تطرفًا على أهمية احترام حقوق الإنسان للفلسطينيين في الأراضي كمبدأ أخلاقي وقانوني، وليس فقط من باب المصلحة الإسرائيلية.

الدافع السياسي: تتخذ الأحزاب اليسارية هذا الموقف شعارًا لها، معتقدةً أن السلام والانفصال هما مفتاح أمن إسرائيل وازدهارها على المدى الطويل.

متطلبات الحياة اليومية (الأساس الاجتماعي)

يحرص اليسار على تضمين برامجه تركيزًا قويًا على القضايا الاجتماعية والاقتصادية والديمقراطية، اللازمة لتحسين حياة المواطنين:

دولة الرفاه: دعم النموذج الاجتماعي الديمقراطي (الجزء الموروث من حزب العمل التاريخي)، مما يعني:

تقليص الفجوات: رفع الضرائب على الأغنياء وزيادة ميزانيات الرفاه.

تعزيز الخدمات: زيادة الاستثمار في الصحة العامة والتعليم العام.

مكافحة غلاء المعيشة: تعزيز التشريعات التي تُعنى بأسعار السكن والغذاء والمعيشة.

الديمقراطية الليبرالية: يقف اليسار في طليعة الدفاع عن استقلال القضاء ومنع احداث تعديلات عليه، وحقوق الأقليات (بما في ذلك الجمهور العربي ومجتمع الميم)، وتعزيز فصل الدين عن الدولة.

حقوق العمال: تعزيز قوة النقابات العمالية، وتعزيز قوانين العمل التي تحمي حقوق العمال (مثل قانون "السلطة للعمال").

ملخص: تغيير الأولويات

يمكن القول إن أولويات اليسار مُقسّمة على النحو التالي:

الأيديولوجيا (المحرك):سياسيا تُشكّل القضية الفلسطينية النواة الأيديولوجية والمحرك الرئيسي لليسار، والتي بدونها يفقد تميّزه مقارنةً بالمركز.

الجاذبية الانتخابية (الجسر): تُعدّ القضايا الاقتصادية والديمقراطية أدوات اليسار لجذب الناخبين من المركز، ومحاولة زيادة قوته الانتخابية. وهي بالتالي تشكل جسرا لإعادة التلاقي مع جمهور الذي فقده سابقا.

في واقع الأمر، يحاول اليسار أن يدعي أنه لا يوجد تناقض: إن حل الصراع السياسي هو الشرط الضروري لتحرير الموارد الاقتصادية والأمنية، مما سيسمح لإسرائيل بالتركيز على متطلبات الحياة اليومية لمواطنيها. وهنا لا بد من الاشارة الى استحزاذ الميزانية على حصة الاسد للشأن الأمني والعسكري.

سؤال 8: هل يعترف اليسار الأسرائيلي في حقوق الشعب الفلسطيني؟

نعم، يعترف اليسار الإسرائيلي بحقوق الشعب الفلسطيني، ويُعدّ هذا الاعتراف عمومًا أحد المبادئ المحورية التي تُميّز هذا المعسكر. مع ذلك، ثمة اختلافات في مدى تأكيد ودرجة الاعتراف بين مختلف الفصائل داخل اليسار.

مبادئ الاعتراف بالحقوق الفلسطينية

يتجلى هذا الاعتراف في عدة محاور رئيسية، تُشكّل الأساس الأيديولوجي لأحزاب مثل حزب العمل وميرتس (سابقًا):

1. حق تقرير المصير

حل الدولتين: يدعم اليسار الإسرائيلي بوضوح حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة تعيش بأمن إلى جانب دولة إسرائيل.

نهاية السيطرة: ينبع هذا المفهوم من الاعتراف باستحالة السيطرة على شعب آخر، وأن الحفاظ على الديمقراطية والهوية اليهودية لإسرائيل يتطلب الانفصال عن الشعب الفلسطيني.

٢. الحقوق المدنية والمساواة

المساواة داخل إسرائيل: يدعم اليسار بأغلبية ساحقة الحقوق المدنية الكاملة والمساواة لجميع مواطني إسرائيل، بمن فيهم المواطنون العرب الفلسطينيون في الدولة، مع مكافحة التمييز والعنصرية.

حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية: يُشدد اليسار على أهمية احترام حقوق الإنسان للفلسطينيين المقيمين في الأراضي الخاضعة للاحتلال والسيطرة الإسرائيلية (يهودا والسامرة/الضفة الغربية).

٣. وضع الأراضي والحدود

حدود عام ١٩٦٧: يرتبط الاعتراف بالحقوق الفلسطينية بمطلب إقامة دولة فلسطينية على حدود عام ١٩٦٧، مع ترتيبات إقليمية متفق عليها (تبادل للأراضي).

9: الأحزاب اليسارية في العالم العربي كيف تتعامل مع اليسار الأسرائيلي؟

ج. إن موقف الأحزاب اليسارية في العالم العربي ومواجهتها لليسار الإسرائيلي بالغ التعقيد والتشابك والتناقض، ويختلف اختلافًا كبيرًا من بلد إلى آخر ومن منظمة إلى أخرى.

في حين أن كلا المعسكرين يشتركان في مبادئ مشتركة (مثل العدالة الاجتماعية والديمقراطية ومكافحة الإمبريالية)، إلا أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والهوية الصهيونية لليسار الإسرائيلي يخلقان فجوة أيديولوجية تكاد تكون غير قابلة للردم.

فيما يلي تحليل لسبل المواجهة وخصائصها:

1. الرفض والمقاطعة التامة (التيار السائد)

الموقف الأكثر شيوعًا للأحزاب اليسارية العربية (وخاصة تلك التي تُعرف بالماركسية أو القومية العربية أو القومية المتطرفة) هو الرفض والمقاطعة التامة لأي كيان إسرائيلي، بما في ذلك اليسار الصهيوني:

السبب الأيديولوجي: يرى اليسار العربي دولة إسرائيل كيانًا استعماريًا قائمًا على حساب الفلسطينيين. بالنسبة لهم، تُشكّل صهيونية الأحزاب اليسارية الإسرائيلية (مثل حزب العمل) تناقضًا جوهريًا مع مبادئ النضال ضد الإمبريالية والاستعمار.

مقارنة داخلية: بالنسبة لهم، لا يوجد فرق جوهري بين اليسار الصهيوني واليمين الصهيوني؛ فكلاهما يدعم الحفاظ على الطابع اليهودي للدولة والسيطرة على معظم أراضي فلسطين التاريخية.

تجنب "التطبيع": هناك قلق بالغ من أن الارتباط باليسار الإسرائيلي سيخلق "تطبيعًا" يُضفي شرعية على الاحتلال ووجود إسرائيل لدى الرأي العام العربي.

أمثلة: تمنع الأحزاب اليسارية في مصر والأردن ولبنان أحيانًا أعضائها من إقامة اتصالات علنية مع المسؤولين الإسرائيليين.

٢. التعاون المحدود (التيار الليبرالي/البراغماتي):

هناك تيار أصغر من الأحزاب والأفراد اليساريين العرب، على استعداد للتعاون المحدود والمركّز مع اليسار الإسرائيلي، مع تحديد أهداف واضحة:

الهدف المشترك: إنهاء الاحتلال: يتمحور التعاون دائمًا تقريبًا حول هدف إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية. يُنظر إلى اليسار الإسرائيلي كأداة داخلية يمكنها التأثير على صناع القرار في إسرائيل.

التركيز على القضايا المدنية: أحيانًا يتم التعاون حول قضايا لا تتعلق مباشرةً بالصراع، مثل النضال المشترك من أجل حقوق العمال والديمقراطية والعدالة البيئية.

اليسار غير الصهيوني: عادةً ما يكون التعاون الأكثر نجاحًا مع عناصر اليسار الراديكالي غير الصهيوني داخل إسرائيل (مثل منظمات حقوق الإنسان غير الحزبية، على سبيل المثال منظمة حقوق الانسان في اسرائيل، منظمة بتسيلم، وحركة السلام الآن، الخ...)، نظرًا لاستعدادهم لانتقاد السياسة الإسرائيلية بشدة.

أمثلة: بعض العناصر الاشتراكية في الأردن (ذات النفوذ المحدود) التي تحافظ على علاقات سرية أو علنية مع نشطاء السلام الإسرائيليين.

٣. الضغط والنقد السياسي

حتى في غياب التعاون المباشر، تمارس الأحزاب اليسارية العربية ضغطًا مستمرًا على اليسار الإسرائيلي:

مطلب التطرف: التوقع الرئيسي هو أن يخضع اليسار الإسرائيلي لتطرف أيديولوجي، وأن ينبذ الصهيونية، ويتبنى الرواية الفلسطينية بالكامل، بما في ذلك الاعتراف بالنكبة أو حق العودة.

الخطاب الداخلي: يستخدم اليسار العربي مواقفه لتعزيز الخطاب الداخلي في المجتمعات العربية ضد أي تسوية أو اتفاق مع إسرائيل.

خلاصة:

يسيطر الصراع الوطنيالقومي على مواجهة اليسار العربي مع اليسار الإسرائيلي.فترفض معظم الأحزاب اليسارية العربية اليسار الإسرائيلي بسبب هويته الصهيونية، وتعتبره جزءًا لا يتجزأ من النظام الاستعماري الاستيطاني. قلة قليلة فقط من العناصر البراغماتية مستعدة للتعاون بشكل محدود حول الهدف الضيق المتمثل في إنهاء الاحتلال.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :