قضايا وطنية ملحة
أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
12-12-2025 01:25 AM
برأيي ان القضايا الوطنية العاجلة اولها تحديد الدور الاردني في النظام العالمي الجديد و ثانيها البحث بعمق لحلول لجيل زد بعقل منفتح و ثالثها الظروف المعيشية الاقتصادية. لكن تحديد دور الاردن و شكل وجوده في المنطقة هو الاكثر اهمية حاليا و هذا يحتاج حوار فكري ثقافي سياسي.
رأيي الشخصي ان هنالك نظام عالمي جديد يتشكل ببطء وكأن الحرب الروسية الاوكرانية كانت شرارة انطلاقه. ما يهمنا في منطقتنا ان شكل المنطقة يتغير و كل دولة تبحث عن دور لتجلس على الطاولة. احيانا اشعر اننا في الاردن نحتاج لحوار فكري لنحدد دورنا القادم حتى لا تصبح القيادة السياسية اسيرة التوجهات والعواطف الشعبية ففي المراحل المفصلية تصبح مصالح الدول هي الاهم.
كتبت منذ اكثر من عام ان مجلس النواب بشكله الحالي سيكون عبئا على الوطن و القيادة السياسية وما زالت هذه قناعتي فهو لم يقدم شخصيات فكرية ثقافية تستطيع ان تخاطب الخارج بلغة اليوم ولا الداخل الذي اصبح فيه جيل زد اول جيل رقمي بمتطلباته في واجهة الاستحقاق الداخلي. كما ان اعطاء الشرعية لاي تيار مرفوض خارجيا لا نملك في الاردن دفع اثمان وجوده خصوصا اذا كان ذلك التيار في ادبياته مناكفا لوجود الدولة القطرية و ما ينبثق عنها من مؤسسات.
للامانة ان قناعتي الشخصية ان الانتخابات بشكل عام لم تقدم كفاءات وقد تكون تجربة الانتخابات بمجملها لم تنضج بعد عواملها في دولنا لكن ذلك موضوع آخر.
يبدو ان الادارة الامريكية الحالية ليست مرحلة مؤقته بل واجهة لوجه جديد للولايات المتحدة التي يبدو انها حددت بوصلتها وفق المصالح و ليس القيم حتى و ان كانت هذه القيم شكلية. هنالك دول في المنطقة تستطيع تقديم اوراق اعتمادها من منظور مالي اقتصادي لكننا لا نملك هذا المدخل.
برأيي ان المرحلة الحالية هي المرحلة الثانية من نظرية الفوضى الخلاقة و التي كانت بالاساس تحت مسمى الهدم و اعادة البناء حيث سنرى خروج كل الدول و التيارات التي كانت ادوات في الهدم تحت مسمى الربيع العربي و غيره و الان ستكون هنالك دول و تيارات لاعادة البناء او الهندسة او التقسيم لا فرق. هذه التغيير لا يهتم باراء الشعوب او القانون الدولي لذلك لا يجوز ان نسبح في الاردن عكس التيار و نقيد القيادة السياسية بخيارات لا نمتلك القوة العسكرية او الاقتصادية لفرضها بل ان نترك لهم المساحة للحفاظ على الاردن من منطلق براغماتي بحت يراعي المصالح الاردنية بالدرجة الاولى. الكثير من هذه القرارات و المبادرات لن تكون شعبية و لكنها ضرورية.
أما جيل زد فهو جيل ما زال قابل للاحتواء و بمبادرات بسيطة غير مكلفة قوامها اعداده بالتدريب للمنافسة على الوظائف في الخارج و ايجاد منصة تعنى بمشاكله التي نراها نحن الاجيال السابقة صغيرة و لكنها بالنسبة لهذا الجيل اكثر اهمية مما يعتقد الجميع. هذه المنصة ليس المطلوب ان يكون القائمين عليها من جيل زد و لكن ممثلين للمؤسسات المختلفة القادرة على التعامل و حل المشاكل العادية لهذا الجيل.
الموضوع الاقتصادي والمعيشي فهو مشكلة مزمنة اشبعت نقاشا لذلك لن اعرج عليها.
ألخص وأقول انه برأيي الشخصي فإن القضايا الوطنية الاكثر الحاحا هي تحديد دور الاردن و مكانه في النظام العالمي الجديد الذي يتشكل و التعامل مع قضايا جيل زد بمنظور واقعي قابل للتطبيق. هاتين القضيتين قد تحتاج المضي بهما التضحية بجزء من الرضا الشعبي مقابل حفظ الوطن و افساح مجال لخيارات قد تكون غير شعبوية.