عندما تغيب الشمس بنورها الوهاج و تلامس زرقة و صفاء بحر بيروت في حب و اندماج بأشعتها التي يطفئ حرارتها أمواج شواطئها و تغريد عصافيرها تشتعل نار الشوق اليها و القمر يلامس سواد ليل بحرها الأصيل أصوات شط أمواجه الهامسة والمنعشة و كآنها نغمات هادئة تجبر الخواطر و تعيد الذكريات التي تملاء القلب نبضا بحبها وتنشط الروح و تذكي العقل بأصفى أنواع العشق لها و أجمل الاسترخاء و تجلب بهبوب رياحها الخفيفة التي تلامس الجسد البهجة.

هذه المدينة الجميلة التي امضيت بها ثلاث سنوات مضت كنسم الهواء العطره المفعمه بالجاذبية و الحب و التعلم وذكريات الماضي، الحب و السياسة والناس سواء وقت كان العم جمال طوقان وزير الخارجية سفيرا بها وعلاقته بالشيخ رفيق الحريري الذي اعتبره ابناً له مثل ابنه سامي ، و صداقته للروؤساء فؤاد شهاب و كميل شمعون وسليمان فرنجيه و رشيد كرامي ، وحلاقه الأردني "عوده" الذي كان يحضره من عمان شهريا وخصيصا الي بيروت لحلاقة الشعر له و لرشيد كرامي ، و العم الدكتور نمر طوقان الذي سقط في بحرها مع صديقه ورفيق عمره نائب الشوف ورجل الاعمال إميل البستاني بطائرة هوت الي أعماق بحر بيروت في ١٥ آذار ١٩٦٣، او الوالد توفيق طوقان و الذي كان الضيف الدائم المقيم في السان جورج و علاقته مع كبار الشخصيات ومع ال خوري أصحاب الفندق وهو الذي قام بتعريف الملك الحسين علي سيمون خوري الذي كان مسؤول اصلاح اليخوت في فندق السان جورج الشهير وبطل التزحلق على الماء و كان سببا في اختيار الملك له للحضور الي الأردن وليكون من اهم الشخصيات التي لعبت دورا في تطوير مدينة العقبة. او علي جانب اخر زملائي في كلية فيكتوريا بالإسكندرية و اذكر منهم عمر وشقيقه المرحوم رشاد مسقاوي و محمد حمدان وعثمان هاشم غندور و عمر حماض وأصدقائي من الجامعة نقيب المهندسين خالد شهاب و د.فوزي ابن فوآد بك الطرابلسي و شقيقه الدكتور عبد الله، و حسان عبس من طرابلس ، المهندسه زينه مرعبي ومنذرابو ضهر نائب رئيس بلدية صيدا ومن طرابلس ال البابا والسلطي وميقاتي وعويضه .

ثم ثلاث سنوات عمل في بيروت توطدت علاقتي بأصدقاء أفاضل منهم نبيل الداعوق دكتور الأنف والأذن الشهير خريج الجامعة الامريكية و صديق و زميل ابن العم وزير المالية و محافظ البنك المركزي الأردني أمية طوقان وزوج شقيقة الملياردير عدنان خاشقجي، والمهندس حيدر زميل الصديق ليث شبيلات في الجامعة الامريكية ، و الدكتوره حصن عبود من الجامعة الامريكية في بيروت ، ومحمد القباني و زوجته رلا والذي كان مدير شركة الاودي و الفولكسفاجن في عمان لخمس سنوات ثم عاد الي لبنان و كان له و لاسرته أجمل الأثر في تعريفي بجبال لبنان و مزارعها، و الصديق وجدي وزوجته زينه سلمان أصحاب فندق بكرزي الرائع في جبال الشوف بهندسته المعماريه التاريخية وايضاً المهندس نبيل السعدي و زوجته فاتن أصدقاء لبنانيون قادمون من دبي وايضاً هناك اصدقاء ممن يعيشون في ميتشيجان و منهم الحكيم محمد الدويغلي وزوجته جمانه الفقيه ومن بيروت عائلات الرمال والصواف وشعبان وعواد و سلام ومهنا أصحاب مطاعم مهنا والغانم و أبو جوده ونادر وخوريجيه وعون و جنبلاط والمهندس مازن البزري من صيدا ومختار انفه ناظم صليبا و الصديقة دارين شهاب واحمد عسيران من الامن الداخلي و أصدقائنا من البقاع ومن بعلبك وفريق فندق موفينبك وغيرهم الكثير والقائمة تتطول ممن غمروني بلطف عشرتهم ومودتهم وكرمهم وحسن ضيافتهم و اعتذر عمن لم اذكرهم.

بيروت هي العشق وهي السحر الرباني و هي ليست مكانا بل مدينة حية، هي رمز الحياة والاناقة والثقافة تجمع الحب والجمال و المقاومة و الصمود ، الطعام الجيد و حفلات السهر، تآسر القلوب وهي احق من تعرف بأنها مدرسة تعليم "الحب والحياة في زمن الحروب " بلا منازع.

هي المدينة التي بمجرد ان تطيء قدمك المطار وتتنسم هوائها العليل ورياحها الطيبه حيث يستقبلك ضابط الجوازات بكل ادب مرحبا بك بابتسامه تشعر انها وطنك الثاني ، التصقت بك والتصقت بها دون مقدمات ، ولا تغادرها الا وفي قلبك غصة الفراق ،وتبدي روحك رغبة العوده وكما غنت فيروز الاستاذه و المطربه التي تجعل القلوب تحن وتتراقص في رومانسية لا تقاوم " ياهوا دخل الهوا خذني على بلادي".

بيروت ، الروشة ، شارع الحمراء ، الجامعة الأمريكية ، مستشفى كليمنصو، ، دك ديوك ، ايربان سوبرماركت و عزيز سوبر مركب و مطاعم ذو المذاق اللبناني الطيب منها لقيس و ماندلين واسكوبار ، الحازميةيارد ، حلويات الصفدي وامل والحلاب والروك كافيه و قهوة عزمي ، المتروبول و مطاعم بابل وام شريف و سلطان إبراهيم ، ومهنا وامالين والصياد وباتشي وعبد الوهاب والانتركوت ، شارع مونيه، و فلافل صهيون و فول و حمص "فلفول" و سمارت فيل و هيلتون الحبتور ومول الايه ب سي والسينمات ذات الشاشتين الكبيره و الكراسي المريحه، ومكتبه أنطوان ، سبورتنج كلوب و المارينا و زيتونه باي وفندقي فينيسيا و السان جورج ، وغيرها من أماكن ترفيه المدينه انطلاقا أل جونيه و مقاهايها ومطاعم السمك بها و كازينو لبنان الشهير الذي يضع صوره خاصه لزيارة الملك الحسين له في ردهة المدخل الرئيسي ، هم من مفاتيح السعاده والقلب .

بيروت هي الحاجه الملحة للحياة السعيدة فهي مثل الهواء للبقاء حيا نحتاج جميعنا الي هوائها الملئ بأكسجين من نوع خاص يحملك الي احضانه بدفء المحب والعاشق. انها اول دروس الحب في مدرسة الحياة رغم كل الصعاب والحروب التدميرية.

لبنان هي العشق والحب الأول في حياتي عندما كنت طالبا في المدرسة ولم ابلغ بعد السادسة عشر من عمري، هي زهرة رآيتها وهي تنمو في داخل قلبي و تتمدد بأفرع عشق لا توصف و لا تموت تسقيها عواطفي وتحمي جذورها جوارحي، هي قطعه حلوى لا تشبع منها واسطورة فريدة لا نظير لها ، لا يماثلها حدث ما اياً كان ، بل هي استثنائية تتجاوز المألوف مصاغة في قالب شعري من الذهب وتبقي محفوره تسكن في القلب وتتملك دنياك وتبقــي في الذاكرة تآنس بها الروح إدمانًا للابد و تشهد عليها نجوم السماء جنونا بحبك لها عندما تغيب الشمس و يبقى برفقتك عشق وجودها القمري في حياتك. و كما يقولون " من يسكن الروح كيف للقلب ان ينساه" و لولا لبنان العظيمة لما عرف الحب دربا.

انها لبنان العشق والهوى ، لأهلها الكرام السلام وكل الحب والتقدير والاحترام ولنا عودة لها قريبا بإذن الله قريبا.

aftoukan@hotmail.com