عمون - محمد الخوالدة - اجمع المشاركون في اللقاء الذي اجرته (عمون) مع مجموعة من مثقفي الكرك عن واقع العمل الثقافي في المحافظة على ان امر النهوض بهذا العمل والارتقاء بادائة مرتبط بمدى جاهزية وقدرة الهيئات المعنية في المحافظة على النهوض بالواجبات المناطة بها , معتبرين ان العنصران المادي والبشري سبب اخفاقات الحركة الثقافية في المحافظة .


مدير ثقافة الكرك خالد البرقان ابدى تفاؤله بمستقبل العمل الثقافي في محافظة الكرك رغم مااعتبره بعض المعيقات المالية والبشرية, مضيفا ان الكرك لم تغفل في اية مرحلة من المراحل الجانب الثقافي فبقي الحراك الثقافي قائما بالرغم من الشح المالي وعدم بذل الكثير من الهيئات الثقافية في المحافظة بما عليها من واجب في هذا الاتجاه .

واشار البرقان إلى وجود 14 هيئة ثقافية اهلية في الكرك مسجلة لدى وزارة الثقافة اضافة لوجود هيئات اخرى مرتبطة بوزارات ومؤسسات مختلفة فيما يبلغ عدد المنضوين تحت مظلة هذه الهيئات جميعها زهاء 200 عضو , معتبرا ان هذا العدد من الهيئات الثقافية والاعضاء غير كاف بل ويوحي بوجود خلل لابد من معالجته

وتابع ان هذا الخلل مرتبط بالمواطن وبالمثقف نفسه حيث اتخذ الأمر وفق تعبير البرقان جانبا شخصيا مستدلا على ذلك من تراجع اداء الكثير من الهيئات الثقافية التي كان لها دور رائد عند تاسيسها , مضيفا إلى العامل الاقتصادي إلذى ادى إلى هجرة الكثير من المهتمين بالشأن الثقافي من ابناء الكرك إلى خارج المحافظة .

وعن دور المديرية في اسناد العمل الثقافي في المحافظة اوضح البرقان ان وزارة الثقافة في الاساس حاضنة للفعل الثقافي وليست صانعة او موجهة له, مشيرا إلى ان المديرية منذ تأسيسها ورغم ضعف الامكانات المالية استطاعت ان تؤسس العديد من الهيئات الثقافية في العديد من مناطق الكرك انطلاقا من رغبتها بتعميم العمل في كافة مناطق المحافظة وخاصة النائية منها وهو ماساعد وفق البرقان في الكشف عن الكثير من المواهب الابداعية الواعدة التي تمت رعايتها وحفزها .

واشار إلى ان العمل منصب حاليا لتاسيس فرقة مسرح باسم المحافظة مع التركيز على القضايا الثقافية المتعلقة بالاطفال ,اضافة إلى مالدى المديرية من خطط للتوسع في اقامة الانشطة الثقافية المتنوعة .

وقال رئيس منتدى درب الحضارات الاديب نايف النوايسة أن مبتدأ الفعل في الكرك كان من منتصف السبعينيات بعد الانطلاقة الجديدة لبلدية الكرك ، وقيام نادي الكرك بدوره الطليعي فضلا عن إسهامات الدوائر والمؤسسات الأخرى ذات العلاقة بهذا الشأن كالتربية والجمعيات ، وفي كل مناطق الكرك .

واضاف إن الصورة الثقافية الحالية للكرك بدأت في مطلع التسعينيات حينما أعيد فتح مديرية الثقافة وفي الوقت ذاته تم تأسيس الملتقى الثقافي في الكرك وقد تمكن مثقفو الكرك من جمع شتاتهم وتأطير نتاجاتهم من خلال هاتين المؤسستين وتوجيهها إبداعا نوعيا ومؤسسيا بحيث تمّ تقديم أسماء ثقافية لها وزنها على الصعيد المحلي والوطني والعربي .

وبين لقد عرفت الكرك الكثير من المثقفين وقدمت للخارطة الثقافية المحلية والعربية أسماء لها اعتبارها ،ونتاجات لها وزنها ،كما عرفت الصحف والمجلات ووسائل الإعلام الأخرى الكثير من النخب الثقافية المحترمة ، كان ذلك ما قبل انطلاقة الحناجر الثقافية من هيئات محترمة تأسست في الكرك وتوزع ألقها في كل الجهات .

واستذكر النوايسة بدايات عمل الملتقى الثقافي في الكرك وقال ما زلت اذكر كيف كنا نتنقل بحافلة الملتقى الثقافي من محافظة إلى محافظة حتى ترسّخ في وجدان الجمهور المثقف في الأردن أن رسالة الكرك الثقافية بحرٌ لا يعرف السكون ، وكانت مديرية الثقافة الإطار الرسمي الايجابي الذي يفتح لنا مغاليق الكثير من الجهات التي تستهدفها لرسالتنا الثقافية , واستمر هذا المد لفترة طويلة ، لكنه انحسر قليلا فقليلا لأسباب تعود أحيانا إلى انكسار الرؤية واعتلال الحالة التوافقية بسبب عوارض شخصية ، وقد أدى هذا الانكسار إلى ولادة هيئات ثقافية أخرى حملت راية الفعل الثقافي وأعلت من شموخها في آفاق ما زالت تحترم العمق الثقافي الراهن في الكرك.

وحدد النوايسه ماقال انه أوجاع الخارطة الثقافية في الكرك ولخصها ب:
جنوح بعض رموز هذه الهيئات إلى تغليب الذات الثقافية الخاصة على الذات الثقافية العامة مما أدخل الهيئة الثقافية أيا كانت في دوامة تشتت غير محمود ضيّع عليها الكثير من الحضور في رسم المشهد الثقافي ,اضافة الى ضآلة قيمة بعض الهيئات الثقافية في الكرك وجمود عطائها مما قلل من وزنها ،وكأنها ما ولدت إلا لتكون إطارا غير ثقافي ومع ذلك نراها تنافس وترفع الصوت في الوسط الثقافي ولكن دون جدوى . واشار النوايسة في حديثه الى منافسة العاصمة وظفرها بحصة الاسد من الاهتمام الرسمي والاعلامي والدعم المالي على حساب مناطق الاطراف , والكرك هي مدينة بعيدة عن العاصمة، لذلك هي بعيدة عن الاهتمام وتقع إلى حد كبير على حافة التعتيم وعدم الاكتراث ,غير أن مثقفي الكرك ومثلهم أبناء المحافظات الأخرى يسعون جهدهم لإيصال صوتهم الثقافي بقوة رغم معاندة العاصمة لهذا الصوت الوافد من خارجها ,. وبين ان للاعلام دور مهم في ترويج الفعل الثافي وتسليط الضؤ عليه ولا أقول إن الإعلام غائب تماما عن الأنشطة الثقافية ،ولكننا في المحافظات بحاجة إلى إعلام ثقافي لاإعلام إخباري ،وهذا لا يتيسر خارج العاصمة من هنا يفقد المشهد الثقافي الكثير من قيمته وألقه .

وقالت الناشطة الثقافية عروبة الشمايلة لابد من مراجعة شاملة للوضع الثقافي في المحافظة لنعرف اين الخلل ,مؤكدة ان ما ينهض بالواقع الثقافي في المحافظة هو المشاريع الثقافية الدائمة والتي هي بحاجة إلى امكانات مالية وليست الانشطة الانية , كما اشارت إلى ضعف موارد الهيئات الثقافية في المحافظة وترهلها بسبب تقاعس الكثير من القائمين على هذه الهيئات عن واجبهم .

واضافت الشمايلة لابد من معرفة بماذا يفكر المثقف وماذا يحتاج وان يكون هناك جهود متضافرة للاجابة عن هذا السؤال .

اكرم المعاسفة رئيس نادي الكرك الثقافي الاجتماعي قال لم تعد المؤسسات الثقافية وحدها المعنية بالفعل الثقافي باعتبار الثقافة المجتمعية حالة ينبغي ان تعاش وبامكان أي تجمع او مؤسسة اهلية ان تقوم بالفعل الثقافي بمفهومه الواسع وليس كما يحصر البعض مفهوم الثقافة بالعمل الابداعي الفني والكتابي , فكافة السلوكات التي يمارسها الإنسان في حياته ذات منشأ ثقافي , ويؤكد ان الناس بحاجة إلى فعاليات ثقافية مقنعة لامرتجلة منتقدا ماسماه بترهل الهيئات العامة والادارية المعنية بالشان الثقافي في محافظة الكرك وقال انها بحاجة إلى دماء جديده, مطالبا بايجاد صندوق وطني لدعم الثقافة على غرار صندوق دعم الرياضة .

خالد الضمور نائب رئيس ملتقى الكرك للفعاليات الشعبية قال ان الحركة الثقافية في المحافظة انتعشت خلال فعاليات الكرك مدينة الثقافة الاردنية 2009 لوجود حافز محرك لكافة المعنيين بالفعل الثقافي افرادا ومؤسسات فيما تراجع الحراك بعد انتهاء تلك الفعاليات .

الضمور تحدث ايضا عن دور الملتقى في اسناد الفعل الثقافي بمفهوم الثقافة الواسع وقال ان الكثير من المؤسسات الاجتماعية التي يمكنها الاسهام في تعميق هذا الفعل لاتقوم بماهو مطلوب منها لذلك لابد كما قال من الوصول بالاشخاص الاكثر كفاءة لادارة هذه المؤسسات مطالبا وزارة الثقافة وغيرها من الوزارات المعنية اعادة بحث اوضاع المؤسسات التابعة لها واكثرها في المحافظة تحكمها الفردية والمزاجية والغاء غير الفاعل منها ليصار إلى توفير الموارد المالية اللازمة لدعم واسناد المؤسسات والهيئات النشطة .

وكمثال على المؤسسات الثقافية النشطة في الكرك اشار ناصر المعايطة عضو منتدى درب الحضارات إلى ما قام ويقوم به المنتدى من انشطة ومشاريع ثقافية بالتعاون مع رابطة الكتاب في اربد والهيئات الثقافية في محافظات جنوب المملكة اضافة إلى زيارات تبادل الخبرات والاطلاع على تجارب الجول العربية المجاوره في المجال الثقافي وقال انها انشطة اثبتت جدواها وفاعليتها , لافتا إلى ابرز المشاريع التي يضطلع المنتدى بتنفيذها حاليا ومنها الاطلس التراثي الاردني /الجنوب نموذجا ومشروع حكاية مكان التي تبرز وجدانيات القرى الكركية تحت عنوان امسيات القرى . وبين المعايطة ان الاوضاع المالية للمنتدى تحول دون تنفيذ العديد من الانشطة والمشاريع الثقافية الطموحة .

واجمع المشاركون في الندوة على ان احتفالية الكرك مدينة الثقافة الاردنية 2009 حققت نجاحا واضحا وذلك من حيث ماخلقته من حراك ثقافي لمدة عام كامل وان لم يخلو الأمر من بعض الهنات والاخطاء الإدارية واوجه الانفاق المالي غير المبررة احيانا بحيث ذهب الجانب الاكبر من المبلغ المالي المرصود للمأكفات المالية , لكنهم طالبوا بان يستعاض عن مشروع المدن الثقافية بتوزيع المبلغ المالي الذي يخصص سنويا لهذه الغاية على مديريات الثقافة في المملكة مشروطا بمشاريع ثقافية جادة ومجدية .