للحكومة - أي حكومة - مذاهب كثيرة في تنفيس الشكوى العامة سعيا للجم الاحتقان ومنع تفاقمه. افضل هذه المذاهب على الاطلاق هو راتب الموظف العمومي الذي يبدو ساذجا بما يكفي لأن يقع فريسة لتصديق اي همهمة او تدليس بزيادة مجزية . بصفتي موظفا مذعنا ومستلبا لاحلام يقظة بثروة تهبط من "غامض علم الله"، اوكلت الي زوجتي مهمة اصلاح ورتق مجموعة من احذية الاولاد استعدادا للعيد . على بوابة الاسكافي وقفنا مجموعة من المغبرة وجوههم بدا ان كلا منا يبحث عن حلم الخلاص من عالم الرتق والخيبة. فاجأنا احد الوقوف بسيل من شتائم لاعنا الوضع بسخط، بعدما اكد : ما في الجيبة الا ليرة ويسترها الكريم ما يطلب السكافي اكثر..
نظر صاحبنا الى السكافي الذي استعجلناه للمغادرة الى اشغالنا، واضاف: لو يصح لي هيك شغلة افضل من وظيفة راتبها لا يكفي اربعة ايام.
تدخل آخر مشيرا الى حاوية كبيرة في الجوار وقد التهمت النصف العلوي لانسان بدا منهمكا في البحث عما يباع غير آبه بجلبة السوق غير الرحيمة. قال : هذا المشهد يكثف الاوضاع ويشير الى اي حد بلغنا0
غادرت محملا باحذية الصغار، التي بدت عليها خيوط رتق تحيطها بما يشي بالحال وتذكرت قول احمد مطر :
في مقلب القمامة،
رأيت جثة لها ملامح الأعراب ،
تجمعت من حولها النسور والذباب ،
وفوقها علامة ،
تقول هذي جثة كانت تسمى سابقا كرامة.