يقوم التعليم بدور محوري في تطوير المجتمعات وتنميتها وذلك من خلال الدور الرئيسي للمؤسسات الأكاديمية والتربوية في تدريب وتأهيل الكوادر البشرية للعمل في كافة المجالات والتخصصات المختلفة، وتعد الجامعة من أهم هذه المؤسسات حيث يناط بها مجموعة من الأهداف تندرج تحت وظائف رئيسية ثلاثة تتمثل في التعليم وإعداد القوي البشرية، والبحث العلمي، إضافة إلى خدمة المجتمع.

حيث تشير معظم الإحصائيات العلمية الدقيقة إلى وجود ارتباط وثيق بين معدلات إنفاق المجتمعات على البحوث والدراسات العلمية ومدى قدرة تلك المجتمعات على تحقيق التنمية الشاملة، فكلما ازداد الاهتمام بالبيئة البحثية انعكس ذلك إيجابا على التنمية بكافة أشكالها.

من هنا فقد اهتمت دول العالم المتقدم بالبحث العلمي باعتباره مقدمة لعملية اتخاذ القرار على كافة المستويات، حيث اعتمدت تلك الأمم بشكل رئيسي على مخرجات البحوث والدراسات العلمية والتوصيات الصادرة عنها لاتخاذ القرارات، فنتائج البحوث والدراسات العلمية والتوصيات المنبثقة عنها تعتبر في الدول المتقدمة الفيصل في اتخاذ معظم القرارت من عدمها.

أما المنهج التقليدي في اتخاذ القرار والقائم على العشوائية ونظام "الفزعة والتنفيعات" فغالبا ما تكون نتائجه سلبية وغير مجدية وتستنزف الوقت والجهد والمال، فكم من المشاريع تعثرت بعد أن أنفقت عليها مبالغ طائلة وبذلت فيها جهود كبيرة، بسبب غياب البحث العلمي الدقيق الذي يمكن أن يعطي قراءات ومؤشرات ويتنبأ بمدى جدوى تلك المشاريع ونسب النجاح والفشل.

فالمؤسسات التربوية والصحية والاجتماعية والمصرفية والخدمية بكافة أنواعها مطالبة بتزويد الجامعات والمؤسسات البحثية بمئات الموضوعات التي تحتاج إلى مزيد من التمحيص والدراسة، لتعم الفائدة وتكون مشتركة، بحيث يتم مساعدة الباحثين بمختلف مستوياتهم على إيجاد موضوعات ذات صلة بالمجتمع ومشكلاته، وبالمقابل تستفيد تلك المؤسسات التي تقدمت بالموضوعات والمشكلات من نتائج وتوصيات تلك البحوث والدراسات، وهكذا تكون الفائدة مشتركة، فالجامعة والباحث والمؤسسة المعنية بالمشكلة قد استفادوا جميعا من العملية البحثية.

لهذا، فلا بد من التعاون بين المؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص والجامعات بهدف خلق بيئة بحثية حقيقية وتوجيه الباحثين لإجراء دراسات وبحوث واقعية تنعكس نتائجها على تلك المؤسسات وعلى المجتمع بأكمله، بدلا من قيام الباحثين بتناول موضوعات ومشاكل تقليدية لا صلة لها بالمجتمع ومؤسساته.