الذكرى السادسة لرحيل علاء الطراونة
12-05-2014 08:52 PM
عمون - تمر الاثنين ذكرى رحيل الكاتب والزميل الصحفي علاء الطراونة.
و كتب الراحل عاطف الفراية في عمون مقالاً عنه قبل أيام من رحيله بعنوان "عموني بقلب صيني".
وكان الطراونة احد كتاب "عمون" وقد خضع لعملية زراعة قلب في الصين الا ان القدر اختاره بجوار ربه قبل 6 اعوام.
رحم الله ابا فارس واسكنه فسيح جنانه.
تاليا ما كتبه الراحل عاطف الفراية عن الراحل الطراونة بتاريخ 14 / 3 /2008 م، وكلاهما في الدار الاخرة :
عموني بقلب صيني
يغادر الدوحة هذه الأيام إلى الصين.. لإجراء عملية تغيير قلب..!!
ما أبعد الصين.. وما أقربها من القلب.. ما دامت ستمنحك قلبا لم تجده في وطنك..لك الله يا علاء.. ما (أقوى جبايرك) وأنت تمشي إليها واثق الخطوة ملكا.. لا يعتريك خوف.(أما قبل):
قبل أن أنشر مقالتي الأولى في عمون.. وكنت اكتشفتها وما زلت أقلب صفحاتها وأبحث عن أصدقاء زمان.. ظهر أمام عيني بتعليقاته الجريئة والجميلة.. والمنحازة للوطن.. والمنفعلة المليئة بالعنفوان.. باسم مستعار..
(المهاجر)
لم أقاوم إغراء عمون طويلا..خرجت من عزلتي الطوعية وبدأت النشر.. وظهرت تعليقاته على مقالاتي.. (المهاجر) نكهة في الكتابة كانت جذابة.. تواصلنا عبر عمون التي كانت جسرا للوصول إلى الطيبين دائما.. وعدني في تعليقاته أن أراه في الكرك صيفا.. ظننته هناك.. إلى أن هاتفني من الدوحة!! .. عرفني بنفسه .. علاء الطراونة.. محرر اقصادي في الدوحة.. خريج مؤتة..
فتى كركي متوقد لم يكمل الثلاثين.. تصادقنا.. وبدأ يكتب مقالا في عمون باسمه الحقيقي.. ولعله ليس صدفة أن يكون مقاله الأول في 26 /4/2007 بعنوان (بنكرياس للبيع) يتكلم فيه عن تجارة الأعضاء البشرية في الأردن.. كيف يكون صدفة إحساس الفتى الغض بأمر كهذا في الوقت الذي كان فيه يعيش بمضخة اصطناعية للقلب في انتظار عملية يغير بها قلبه... ياااا.. يغير قلبه!!! ويحي .. وأنا الذي آخر ما علمني خميس بن جمعة أن الإنسان الفقير يمكن يوما ما أن يغير حذاءه.. والغني يغير سيارته.. والجائع قد يغير وطنه.. لكنه يحمل وطنه في قلبه أينما حل أو ارتحل.. فقد حمل علاء هموم الأردن في قلبه العليل إلى الدوحة.. ولم يكتب في أمر سواها رغم أنه بدأ مقالاته الثلاثة والعشرين وهو في حالة انتظار لتغيير ذلك القلب التالف الذي وسع الأردن.. فكيف سيحمل الأردن في قلب صيني؟ لا بأس.. ما القلب إلا عضلة .. أو مضخة .. أصبحت ـ كما سمعت ـ تستبدل بآلة..
طوال الأشهر الفائتة وعلاء يمنعني من الكتابة عنه لأن أعزاء في الأردن لا يعرفون حقيقة مرضه.. ولا يريد أن يصدمهم.. (يا لرقة قلبه التالف) إلا أنه كان كلما تهاتفنا يشعرني أن المرض أمر ليس حاضرا في ذهنه.. يتكلم بلهجة كركية تماما كأنه في الحسينية ليقول لي: (أنا عايش ألحين على بطارية.. والبطارية تعطلت) (خلص.. ماظل حل.. يجب أن أسافر إلى الصين..هناك يأخذون قلوب المحكومين بالإعدام .. مقابل المال.. المال؟؟.. لا تخف..فالحكومة القطرية ستدفع كل التكاليف.. الحكومة التي أوسعها ربعنا شتما.. أعرف شخصا.. سافر هناك وعاد بعفشة جديدة كاملة .. قلب وكلى وكبد.. وأظنه قال: ورئتين) يااااااا .. أي ضعف كنت أعيشه وأنا أسمعك.. وأي قوة كانت تؤهلك للنطق بكل تلك القسوة.. كنت أمشي على شاطئ عجمان لحظتها..أراقب النوارس وأبحث عنه بينها.. وأحدثه عن شرياني التاجي شبه المغلق.. قلت له: لو كان قلبي صالحا لمنحتك إياه..ولكني أخجل أن أمنحك قلبا بشريان تاجي مغلق ولا يتغذي إلا على قطران السجائر.. ضحكنا طويلا..ثم حدثني عن أنه ربّى نفسه على عدم الانتظار.. وأنه جاهز لانتهاء عمره في أية لحظة..(بعيد الشر عنك... ستسافر وتعود بقلب صيني متين.. مثل قلوب أبطال الكونغ فو..بأمر الله) هكذا أجبته.
..ولم يكن علاء حينها يدري أن بعض أصدقائنا في عمون حتى الآن يرسلون لي رسائل يقولون فيها: ( خميس..قلبي يحدثني أنك المهاجر).. لم يستوعبوا بعد أن علاء شخص حقيقي حتى بعد أن كتب باسمه وصورته!!... أإلى هذا الحد تشبهني ؟
(خاتمة)
أرجو من كل عموني .. كاتبا .. وقارئا.. ومعلقا.. أحب (المهاجر) أم لم يحب.. اتفق معه أو اختلف.. أن يلهج معي بالدعاء أن يعيدك الله لنا.. ولأهلك.. وللأردن.. وللكرك .. ولأزقة الحسينية.. ولعمون.. الخيمة التي جمعتنا من أصقاع الدنيا قبل أن نرى بعضنا.. سالما غانما معافى.. ولو بقلب (صيني.. تايواني.. أصلي.. تقليد.. مش مهم.. )..
المهم..عد سالما يا ولدي.. يا أخي..يا صديقي.. عد سالما.. أرجوك.