facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أنظمة الحكم العربية والإرهاب الواقع والطموح


د.محمد غزيوات الخوالدة
02-06-2014 05:18 PM

يعتبر الحادي عشر من سبتمبر عام2001 علامة تاريخية وسياسية فارقة في المنظومة البشرية والذي قلب الموازين العالمية، وأثر في الكثير من السياسات الدولية والإقليمية والمحلية. ويعود ذلك إلى أن الحرب ضد الإرهاب التي أعلنتها وشنتها الولايات المتحدة الأميركية قد أدت إلى تداعيات دولية شتى وبغض النظر عن تعقب ورصد التفاعلات الدولية المعقدة , فمما لا شك فيه أنه برز خطاب سياسي أميركي محدد الملامح واضح المعالم ، موضوعه أهمية الإصلاح السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي في العالم الإسلامي عموما ًوفي العالم العربي خصوصاً.

ومن هنا طرح الكثير من المفكرون السؤال المهم التالي: ما هي الأسباب الكامنة وراء الإرهاب؟ وجاءت الإجابة بأن الفكر المتطرف الذي يسود في عدد من مناطق العالم العربي وفي غالبية البلاد الإسلامية وخاصة في العقود الأخيرة، هو الذي يكمن وراء انضمام آلاف الشباب المسلمين إلى جماعات الإرهاب, وهذا التطرف بدوره هو نتاج انسداد قنوات التعبير الديمقراطي، وضيق دوائر المشاركة السياسية في اتخاذ القرار Decision Taking وصناعته Decision Making في البلاد العربية والإسلامية نتيجة لسيادة النظم السلطوية فيها، والتي تقوم أساساً على القمع السياسي للمعارضين أو تجاهلهم، وممارسة أفعال تخرق مواثيق حقوق الإنسان فسجلات حقوق الإنسان في الوطن العربي موسومة بالسلبية.

ولقد واجهت مطالب الإصلاح الأميركية ردود أفعال عربية متعددة ورافضة من قبل الحكومات العربية والنخب السياسية والثقافية. ولقد كان هنالك أجماع من قبل الأنظمة السياسية العربية على رفض الطرح الامريكى للإصلاح من الخارج وإن تفاوتت هذه الأنظمة في نوعية الرفض. فقد عبرت بعض الأنظمة عن موافقتها على الحوار مع الولايات المتحدة الأميركية حول الإصلاح واستعدادها لتطبيق بعض الإصلاحات ، شريطة مراعاة خصوصية المجتمعات العربية من ناحية، وأهمية التدرج الزمني في الإصلاح من ناحية أخرى.

والواقع أن نتائج النقاش الذي دار بين المثقفين العرب طوال العقود الماضية أدت إلى الاتفاق بأن ما يسمى بالديمقراطية جديرة بالتطبيق في وطننا العربي، وأن المكون الثقافي لهذه الأمة، وفي مقدمته الدين الإسلامي وهو دين الأغلبية في مجتمعاتنا، لا تتناقض معها على وجه الإطلاق. لقد انتهى النقاش بين المثقفين العرب إلى نتيجة إيجابية، وهي أن الديمقراطية تتضمن بذاتها وبحكم بنائها وقيمها مبدأ الشورى الإسلامي. وهناك الآن اتفاق بأن القواسم المشتركة في النظم الديمقراطية المختلفة ينبغي الاعتراف بها وتطبيقها. وأهم هذه القواسم هي القيام بانتخابات ديمقراطية شفافة ونزيهة ومبدأ تداول السلطة، احترام الأديان وحرية التعبير، وحرية الرأي، واحترام حقوق الإنسان وحرية التنظيم، وسيادة القانون و علية فليس هناك مجال لقبول الحجج الواهية للأنظمة العربية التي تريد المراوغة في مجال تطبيق الإصلاحات فى كافة المجالات , وتبقى قضية مراعاة التدرج في الإصلاح وتبدو هذه الحجة منطقية في الواقع، ولكن فقط بالنسبة للدول العربية التي لم تشهد تأسيس الدولة الحديثة بكل أبعادها، ونعني الدستور والفصل بين السلطات، وسيادة القانون، ووجود جهاز قضائي فعال ومحايد، وتفعيل مؤسسات المجتمع المدني كالأحزاب السياسية والنقابات المهنية والعمالية. وهذا لا يعني تأجيل الإصلاح السياسي، ولكنه يحتاج إلى خطة إصلاح سياسي ذات فعالية معلنة على جميع فئات المجتمع ولها مراحل زمنية ملزمة. إلا أن حجة التدرج فى التطبيق لا تنطبق على جميع البلاد العربية التي سبق لها أن استكملت مقومات الدولة الحديثة منذ وقت بعيد، مثل مصر والاردن وسوريا وتونس والمغرب. وهنا على صاحب القرار ان لا يتعذر بحجة التدرج بالإصلاح، لأنه في هذه الدول يمكن للمسئول بكل بساطة إبطال العمل بالقوانين الاستثنائية، وإلغاء المحاكم العرفية مع أن البعض الغاها صوريا ، وإلغاء كافة الممارسات الغير أخلاقية المنافية لحقوق الإنسان.

غير أن الإصلاح السياسي ليس فقط إلغاء القوانين الاستثنائية، لكن لا بد من إعادة صياغة النظام السياسي ذاته، لمنع سيطرة جهة واحدة او حزب سياسي واحد، أياً كانت اتجاهاته على مجمل الفضاء السياسي. وتلك في الواقع معركة سياسية كبرى سيتم فيها الصراع العنيف بين قوى الدولة المسيطرة وأحزاب وقوى المعارضة الطامحة إلى ممارسة السلطة وفقاً لمبدأ تداول السلطة، أو حتى للمشاركة فيها كحد ادنى.

وإذا كنا ركزنا في مجال تغيير طبيعة الأنظمة السياسية العربية على ضرورة تصفية التراث السلبي لهيمنة نظام الحكم الواحد او الحزب السياسي الواحد أيا كانت صورته، فإن هناك مسؤوليات تقع على عاتق الأحزاب السياسية المعارضة. ولعل أهم هذه المسؤوليات تتعلق بتجديد رؤاها السياسية وإعادة مراجعة برامجها، وعدم الوقوف بشكل أيديولوجي جامد أمام صياغاتها القديمة التي تمت في مناخ القرن العشرين.

هناك حاجة ملحة للتجديد السياسي الذي لابد أن يقوم على القراءة النقدية الواعية للمتغيرات الداخلية و العالمية. ونحن في مجال الإصلاح السياسي وهو يأتي في مقدمة الإصلاحات المطلوبة، نحتاج إلى أن نقف وقفة نقدية متأنية إزاء الممارسات السياسية العربية المتنوعة، والتي من خلال تبريرات أيديولوجية متعددة أدت في الواقع إلى إقصاء الشعوب العربية عن المشاركة السياسية، وأدت في النهاية إلى ترسيخ حالة الاغتراب السياسي والاجتماعي، والتي جوهرها إحساس المواطنين بعدم شعورهم بالمواطنة الصالحة Goodcitizeship والقدرة على السيطرة على مصائرهم، وانعدام قواهم الفاعلة في رسم صورة مجتمعاتهم والإسهام في تنفيذها.

ما الذي يمكن عمله إزاء هذه الممارسة الدكتاتورية السياسية العربية التي استمرت تقريباً طوال نصف قرن، إذا ما أردنا أن نقوم فعلاً بعملية إصلاح سياسي جذري؟ ليس هناك من طريقة سوى قبول النظام العربى الحالي بالأحزاب السياسية العاملة والفاعلة على الساحة السياسية ، فهذا هو الطريق الوحيد لإحياء التعددية السياسية.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا- كيف يمكن الخلاص من إرث النظام السياسي الواحد God chair system ؟ لقد تركت الأنظمة البائدة في كل من مصر وليبيا واليمن وتونس أرثا سياسيا مدمرا أدى في بعضها إلى الوصول إلى حد الحرب الأهلية وهذه لا يمكن حلها إلا بإبداع دستوري، وإلى فكر سياسي ثاقب. وهذا الإبداع وذلك الفكر لا يمكن أن تقدمة النظم السياسية العربية الحاكمة، بل يحتاجان إلى فكر كل القوى الحية في المجتمع العربي المعاصر, فالأحزاب السياسية والنخب الثقافية العربية مطالبة بصياغة أفكار جديدة تتجاوز الفكر التقليدي المكرر ، والمثقفون والباحثون العرب يتحملون مسؤولية البحث المقارن وتحليل التجارب الديمقراطية المعاصرة للبحث عن حلول جديدة. وقد تكون التجربة الديمقراطية التي مرت بها دول أوروبا الشرقية والتي انتقلت بها من السلطوية إلى الديمقراطية مدخلاً مناسباً لمعرفة الكيفية التي يمكن عن طريقها الاستفادة من هذه التجربة.

أن من واجب الأحزاب السياسية والنخب المثقفة في الوطن العربي أن تقوم بتجديد رؤاها السياسية وإعادة مراجعة برامجها، وعدم الوقوف بشكل أيديولوجي جامد أمام صياغاتها القديمة التي تمت في مناخ القرن العشرين. حيث ان الظروف المعاصرة تتطلب التجديد السياسي الذي لابد أن يقوم على القراءة النقدية القائمة على الواعي للمستجدات العالمية.

أن سقوط الاتحاد السوفيتي ونهاية عصر الحرب الباردة، وانفراد الولايات المتحدة الأميركية بمسرح السياسة العالمي أدى إلى تغيير بنية المجتمع العالمي ، وتحول الولايات المتحدة الأمريكية إلى إمبراطورية كونية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر2001, حيث أعطت لنفسها الحق بالتدخل في زوايا هذه الأرض حيث تعتبر مصالحها مهددة مع أنها بدأت تتقوقع على نفسها في الآونة الأخيرة بفضل سياسات اوباما المتحفظة .

يجب أن تدرك الأنظمة الحاكمة والنخب السياسية والثقافية وأحزاب المعارضة أن مجتمع المعلومات العالمي أصبح يسمى مجتمع المعرفة، و ينمو في البلاد المتقدمة بخطوات متسارعة ، مصاحباً في ذلك نمو اقتصاد المعرفة، حيث ستصبح المعرفة هي مصدر للثروة، وبالتالي ستكون هي وليس غيرها أهم مصادر الإنتاج.

كل ذلك يتم في إطار مناخ عالمي يسيطر عليه الإيقاع السريع للتغير غير المسبوق في تاريخ البشرية، بفضل ثورة الاتصالات البينية Inter communication revolution ومن قبلها شبكة الإنترنت، والتي غيرت بشكل جذري نوعية وطبيعة المعاملات الإنسانية والاتصال بين البشر بالرغم من تعدد الثقافات .Multi cultural society ومن ناحية أخرى سقطت اقتصاديات التخطيط، القائمة على الاشتراكية وساد اقتصاد السوق، وارتفعت شعارات حرية التجارة وخصوصاً بعد إنشاء منظمة التجارة العالمية. وبرزت العولمة Globalization باعتبارها هي العملية التاريخية الحاسمة ونقطة التحول في القرن الحادي والعشرين بتجلياتها السياسية والاقتصادية والثقافية.

والسؤال الذي يطرح نفسه فى هذا السياق هل النخب السياسية والثقافية والأحزاب المعارضة السياسية العربية قادرة أن تستوعب كل هذه المتغيرات الكبرى، وتضمنها في مجال صياغة رؤاها السياسية التي تطرحها بديلة للرؤى السياسية التقليدية للنظم السياسية والحاكمة؟!

أن الأحزاب السياسية العربية لا زالت تراوح مكانها فى عملية تطوير ذاتها ولم تبذل الجهد الكافي لتطوير المعرفي والفكري لإطارها السياسي الضروري في هذا المجال. إن التغيير السياسي العربي الشامل قد لا يأتي من قبل النظم السياسية الحاكمة التي ما زالت تمانع في دخول حلبة التغيير الشامل، ولكنه قد يأتي من قبل النخب السياسية والثقافية ومن قبل الأحزاب السياسية المعارضة الغير متحجرة ومؤسسات المجتمع المدني التي تحمل هموم الوطن لو أدركت عظم المسؤولية التاريخية الواقعة على عاتقها.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :