منذ أن بدأ الأستاذ الدكتور محمد عدنان البخيت ينشئ مدرسته التوثيقية في التاريخ الأردني بين طلاب الدراسات العليا في قسم التاريخ، ونحن نشهد صدور سلسلة من الكتب والدراسات تحتل قسماً غير قليل أرفف المكتبات: عمان وضواحيها، اربد وضواحيها، مادبا، الكرك، لواء عجلون وغيرها الكثير مما تصدت له وزارة الثقافة بتحمل نفقات الطبع والتوزيع في برنامجها المبدع.

وحين نخص د. محمد عدنان البخيت، هذه الشخصية «الأردنية المبدعة» فإننا لا ننسى جهده العظيم في مؤسسة تاريخ بلاد الشام، وتحشيده لمئات من علماء تاريخ هذه المنطقة الذين اعطوا الكثير في مجموعة مؤتمراتهم ومحاضراتهم ودراساتهم. فالدكتور البخيت لم يكن أبداً «إقليمياً» بالمعنى السياسي المخادع، وإنما كان رجل فكر ورؤيا، يبدأ من حيث يجب، بالكشف عن تاريخ الأردن الذي كان دائماً حامل الهم القومي، وكان تاريخه يبدأ من آلاف السنين، «فعين غزال» كانت قرية قبل ستة آلاف عام، وكانت موئلاً زراعياً نقرأ في مكتشفات موثقة علمياً، وشواهد آثارية لا لبس فيها!

قبل فترة زارني اخ عزيز وكرمني باهداء كتاب وضعه شقيقه الاكبر عن سوف الحاضرة النامية الجميلة وسط منطقة نفاخر بآثارها، والشقيق كما عرفني الصديق العسكري السابق النشط، كتب كتابه وهو غير اكاديمي فاهتم بالجزء الاجتماعي من المدينة، وبتاريخها الحديث، وهذا مهم، فاخر مرة زرت المدينة زيارة عجلى بمناسبة عزاء، فهالني نمو القرية التي اعرفها منذ ثلاثين عاما، واخذها شخصية المدينة الحديثة، مع احتفاظها بالروح الفلاحية البسيطة، رغم ان «بيت الباشا» في مدخلها ما يزال كما هو رغم استملاك الدولة له، ولعل بلدية سوف هي المدعوة الى اثارة اهمية ترميم هذا البيت في حياة المنطقة والبلد، مثلما ان وزارة الثقافة بميزانيتها المكدورة تستطيع ان تحمل بعض العبء، فهذا البيت هو افضل مركز ثقافي سوفاني، وحديقته يمكن توسيعها لتكون ملتقا رحبا للنشاطات الثقافية والامسيات الشعرية، وقراءة القصص القصيرة والمسرحيات، وبدل ان تكون نشاطات مهرجان جرش الشعري في عمان، فمن الممكن ان تكون في بيت الباشا، فسوف مدينة مثقفين، وهي غير بعيدة عن جرش.

كتاب الأستاذ بني مصطفى عن مدينته سوف، لأسلوبه وموضوعاته طعم خاص، يذكرنا بكتاب د. البخيت عن «مملكة الكرك»، وعلينا أن نشجع هذا النوع من التوثيق في الانثروبولجي حين تقرأه الأجيال القادمة! الرأي