حين كان " كنترول " الباص ذلك الرجل الطيب المتقدم بالعمر الذي كسا مفرق شعره البياض وغزت التجاعيد تفاصيل وجهه، يتحزم بذلك " الجزدان " البني العتيق ،،،، زمان حين كان الباص أشبه بالطائرة ، يرهقك قطع المسافة بين بابيه الأمامي والخلفي ، حتى أننا كثيرا ما اختفينا على المقاعد الخلفية كي لايرانا الجد او صديق الوالد ، او الجار ابو العبد الذي يجلس في المقعد الأمامي فيكتشف اننا قررنا بشقاوة الطفولة مشوارا دون استئذان ، أو لنبتعد عن وابل الأسئلة من احد الأقارب حين نلتقي به في الباص صدفة .

كان " الكونترول " ذاك الشخص الذي يشبه مساعد ربان الطائرة ، يوجه السائق للمسير أو التوقف أو انزال الركاب أو تحميلهم ، أو دعوة السائق لإبطاء السرعة ، حين يشعر بأن السائق يستعرض مهاراته امام نساء جميلات تعمر المرآة بوجوههن ، كان الكونترول تغمر قلبه الإنسانية فيساعد طاعنا في السن في الصعود أو النزول ، يوزع الإبتسامات على الصغار ، يوعز للسائق ان يخفض صوت المذياع حتى لايزعج بعض الراكبين الى آخر محطة وقد أخذتهم غفوة ، ربما تتضمن أحلاما جميلة ، يذكر السائق بموعد الآذان ونشرات الأخبار ، حين كان حديث الكونترول وهو يعدد اسماء محطات النزول المحفورة في اذهاننا على قلتها في ايقاع راقص .

يذكر الركاب في زمن يتسابقون على تجسيد مظاهر النخوة والشهامة أن أولوية الجلوس لكبار السن والنساء . حين كان الكونترول يشعر انه يقدم لك خدمة تستوجب الإحترام المتبادل ، في ظل هذا المشهد القديم ، ومأساة مانراه اليوم من افعال وسلوكيات لا أميل الى تعدادها " للكونترول " كان الكنترول لنا نحن الأطفال بطل الفيلم الذي يستحق التشبه به ، والاعجاب بأفعاله وسلوكياته ، حتى اصبح لعبه نمارسها تشعرنا بالفرح اسمها " الكونترول " ،،،،،،،،، كنت أنا أتميز بأني أدعو لمن يحقق لي طلبا أو يصنع لي معروفا ـــ روح الله يوفقك وتسير كونترول ..

واخيرا ربما نتفق على أن المعنى العربي لكلمة كونترول التي تعني الضبط والسيطرة والتوجيه لاتنطبق على مهام ودور الكونترول ، وقد تكون كلمة معاون او محصل هي الانسب .

وضمن منظومة النقل العام الحديث والمتطور يبدو انه لامكان فيه " للكونترول “ الذي تحل مكانه البطاقة الذكية أو آلة تحصيل النقود مما يدفعنا للتساؤل عن مستقبل من يمتهنون هذه المهنة فلابد من تدريبهم وتأهيلهم وتوجيههم للعمل في قطاعات أخرى .