facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




غـداً عيـد


بلال حسن التل
23-09-2015 03:24 AM

غدًا عيد فماذا بقي لنا من معاني العيد ودلالاته؟ وهل نتذكر أن غدًا هو يوم عيد الأضحى، عيد التضحية والفداء، ويوم ابراهيم الخليل أبو الأنبياء الذين جاءوا بدين واحد وإن تعددت شرائعه، ليقول لنا الخالق عز وجل أن التعدد والتنوع سنة من سنن حياة البشر، فلو شاء الله لجعلنا أمة واحدة، وهذه حقيقة نتعبد بتلاوتها قرآناً لعل أكثرنا لا يعي معانيه، فلو كان الوعي سمة تعاملنا مع الدين لكان حالنا غير هذا الحال، ولما عرف العنف والإكراه والبغضاء طريقاً إلى قلوبنا ومن ثم إلى سلوكنا، ولكان الحوار هو طريقنا للوصول إلى الآخر، ولأمنَّا بأن الحوار وحده هو طريقنا للوصول إلى الحقيقة عبر كسر الحواجز بيننا، وهي الحواجز التي تجعل من المجتمع الذي لا يؤمن بالحوار مجموعة جُزر منعزلة مفككة ضعيفة واهنة، يجهل كل منها الآخر، ويجهل ما يمكن أن يحققه من فوائد عندما يلتقي مع هذا الآخر ويتعرف إليه، عندها سيجد أن الجوامع بينهما أكثر بكثير مما يفرقهما ويباعد بينهما، ولعل هذا سر الحكمة الإلهية في جعل الحوار سنةً كونيةً مارسها خالق الكون عندما حاور أول من عصاه وخالفه، أعني به إبليس، ومن ثم جعل عز وجل التعارف هدفاً من أهداف الجعل البشري (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا) وجعل التعاون شرطاً من شروط الفلاح والنجاح، كما جعل التنوع والتعدد حقيقة من حقائق الحياة (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة). فالحوار هو سبيلنا إلى المعرفة والتعارف، والتنوع هو سبيلنا إلى إغناء الحياة البشرية وإثرائها بالإيجابيات.

غداً عيد نحيي فيه سيرة خليل الرحمن إبراهيم بسنةٍ سنها حفيده محمد عندما جعله عيدًا لنا، لنتذكر أن الحوار هو منهج ونهج أبينا ابراهيم، مارسه مع نفسه ومع الكون وهو يبحث عن حقيقة هذا الكون، ويُقلّب بصره في كواكبه ونجومه حتى هداه الله عز وجل إلى حقيقته الكبرى. ثم مارسه مع أبيه وعشيرته عندما حطم أصنامهم وطلب منهم أن يسألوها من فعل بها ذلك. ثم مارسه مع الطاغية النمرود عندما حاجه بالله فقال له أن ربي يأتي بالشمس من الشرق فأت بها من الغرب مقيماً عليه الحجة، ليرسم لنا بذلك النهج الذي يجب أن يسير عليه الدعاة والمصلحين، وهو نهج الحوار والحجة والبيان، فما بال أقوام يظنون أنهم يسيرون على نهج الحنفية السمحاء كما جاء بها خاتم الأنبياء والمرسلين من أحفاد ابراهيم، رسول الله محمد عليه السلام لايؤمنون بالحوار ولا يلجأون إلى الحجة، ولا يعترفون بالآخر، ولا يقرون بالتنوع، ثم يزعمون أنهم مسلمون يطوفون حول البيت العتيق دون أن يمعنون النظر في هذه الصورة الرائعة من صور التنوع والتعدد في الأجناس والألوان والألسن والمذاهب والفهوم التي تجسدها سائر مناسك الحج، فإذا كان كل هذا الحجم من التنوع والتعدد يتم داخل الدين الواحد، فكيف لا يكون أضعاف ذلك بين كل بني البشر الذين جعلهم الله شعوباً وقبائل ليتعارفوا. فلنتذكر هذه الحقيقة جيدًا غداً ونحن نمارس طقوس العيد.

غدًا عيد هو عيد الفداء والتضحية في سبيل العقيدة والوطن والحق، فأين نحن من معاني التضحية والفداء وأقصانا سليب، وأرضنا محتلة، وأوطاننا ممزقة، بعد أن ابتعدنا عن كل معنى من معاني التضحية والفداء، حتى كبش اسماعيل ودلالاته لم نعد نحيي معنى الفداء من خلاله وحولناه إلى تبرع لهذه الجمعية أو تلك، وتناسينا أن أضحية العيد هي درس لنا نُعلم من خلاله الأبناء والأحفاد معنى التضحية والفداء، وأن للأضحية دلالات دينية واجتماعية يجب أن نعيها، وأنها ليست مجرد صدقة نقوم بها من خلال دنانير ندفعها لهذه الجهة أو تلك لتقوم مقامنا في التضحية بكبش اسماعيل.

غدًا عيد يعلمنا كيف يجب أن يطيع الأبناء آباءهم طاعة لله، حتى لو كلفهم ذلك أن يُذبحوا على مذبح هذه الطاعة، تماماً مثل انصياع جد العرب اسماعيل لأمر أبيه الخليل وتسليمه رقبته له طائعاً حتى كاد يُذبح لولا أن افتداه ربه بذبحٍ عظيم. فأين نحن من تربية أبنائنا على الطاعة والبر ونحن نقرأ في كل يوم ونسمع عن أصناف من ألوان عقوق الأبناء للآباء، وما ينجم عنها من تفكك أُسري صرنا نلمسه حتى في العيد، فأحد أهم تجليات العيد ومعانيه هو «لمة» العائلة، وصلة الأرحام التي صرنا نهرب من دفئها إلى برودة الفنادق، ووحشة الغربة في غير بلادنا، وهو الهروب الذي فرّغ أعيادنا من معانيها ومضامينها، وكل آثارها وطقوسها وأجملها «لمة العائلة» حتى قبل يوم العيد استعدادًا له بتجهيز ملابسه وحلواه، بكل ما كان يشيعه ذلك من دفء ومودة بين الناس، قبل أن تتحول حلوى العيد إلى علب باردة لا روح فيها ولا متعة لها نشتريها من هذا المتجر أو ذاك لتصبح جزءا من حياتنا الباردة الجافة، بعد أن فقد كل شيء في حياتنا روحه ودفء هذه الروح، بما في ذلك ملابس العيد وألعاب العيد، فهل نتذكر ذلك كله ونستشعره غداً.. فغداً عيد.

الرأي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :