facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بحر البحرين .. الدافئ


رشاد ابو داود
16-12-2015 05:48 PM

ما ان تطأ قدماك أرض بلد عشت فيه سنوات ، حتى تجد باستقبالك إنساناً لصيقا بك ، كان شاهدا على فرحك و حزنك، على غربتك الملتبسة يحددها دفء المكان ، طيبة الناس و طينة الأرض ، فالأرض ايضا كالبشر اصناف ، منهم من يشعرك بانك شقيقه و صديقه ، ومنهم من يضحك في وجهك و يذمك في قفاك، يقول امامك أهلا بك وفي سره يقول : ما اتى بك أيها الغريب ؟ بعض المدن طاردة تقدم لك فنجان القهوة بارداً ورغيف الخبز نيئاً، و بعضها حاضنة تغلي القهوة امامك فتفوح في المكان رائحة الود، تقتسم معك رغيف الخبز وتقدمه لك ساخناً ساخناً ككلمات الترحيب التي تخرج من فرن القلب الدافىء. امضيت الاسبوع الماضي خمسة أيام في البحرين بعد غياب خمس سنوات . وجدتني في استقبالي ، ذاك الذي عاش هناك أربع سنوات ، فرحت بي ورأيتني بكامل تفاصيلي التي كانت ، اخذتني إلى البيت الذي سكنته والى الناس الذين سكنوني ، للبحر الذي كان جاري ، والنخل الذي كان يحدثني عن تاريخ البحرين ، وكنت اهزه فيتساقط عليّ رطبا طيباً كطيبة اهل البحرين ، الى الشوارع التي كانت تعرفني واعرفها شارعا شارعا فهي ليست كثيرة لكنها كبيرة ، وحارة حارة وهي ضيقة لكنها باتساع القلب يمنح الحياة و يحضر لك العالم بنظرة عين ولمسة يد ،وطبعاً بفكر متجذر في العمق . قلت لعزيز حميد الصديق الطيب الرقيق الانيق الذي لم يفارقني طيلة زيارتي: اريد ان اذهب الى البيت ، اقصد الذي سكنته ولم اغيره طيلة الاربع سنوات قال : حاضر اي مكان تحب ان تراه آخذك اليه .ذهبنا وانتشيت ،شقة في الطابق الثاني تطل على شقفة من البحر تظهر من بين بنايتين عاليتين ، تباً للاسمنت كم قتل الارض الخضراء في مدننا العربية . في اليوم الثاني اخذني الى الحارة الصديق رضي وكنا جميعنا زملاء واصدقاء في جريدة «الوقت» التي شاركت في تأسيسها عام 2006 مع ابراهيم بشمي و د.خولة مطر ومحمد فاضل و غسان الشهابي وخالد الرويعي وآخرين . حرصت ان اذهب الى دكان الحارة الصغير الممتلىء بكل ما يحتاج الجيران، عينات لكنها كانت تكفي للاحتياجات الطارئة من شاحن الموبايل الى ابرة الخياطة الى فرشاة الاسنان . ما ان دخلت حتى فوجىء صاحبها الهندي ، ابتسم وخرج مرتبكا يسلم عليّ بفرح اذهلني . قلت له : هل لا زلت تتذكرني ؟ قال بلكنته العربية المكسرة : طبعا استاذ . وسألني عن اولادي واحوالي وقال : ها رديت (عُدت) البحرين ؟ قلت له : لا زيارة فقط . شعرت ان ابتسامته تراجعت ، هزّ رأسه ، اشتريت منه بعض الاشياء و...ودعته بحنان . البحرينيون اوفياء ، اوفياء جداً . كنت اثناء وجودي هناك اهرب من الصحافة اليّ ، اكتب ومضات ، بعض النقاد سموها شعرا وبعضهم نصوصا وبعضهم توقيعات. لم اكن انوي نشرها لكن الاصدقاء الحّوا وشجّعوا وتولوا جمعها و...نشرتها قبل شهرين في كتاب . قلت طالما انها كتبت في البحرين فلماذا ، ومن قبيل رد الوفاء بالوفاء، لا اوقعها هناك في مسقط حرفها ولتسمح لي حبيبتي عمّان ان اوقع الكتاب فيها لاحقاً. وهذا ما كان وما فاجأني . فقد ترتب حفل التوقيع في جريدة « الأيام» بكرم مهني واخلاقي من الزميل عيسى الشايجي رئيس تحريرها. حضر كثر ممن أحبهم ويحبونني ،الشاعر الكبير قاسم حداد وحسين المحروس وعباس يوسف، ومن كانوا يتابعون «الوقت» ومقالاتي الثلاث في الاسبوع . لم اشعر بان خمس سنوات مضت من العمر ولا من دفء أهل البحرين . عدت الى حبيبتي عمان حاملا المزيد من منّي ، الى بردها الدافىء وحضنها الذي لا بديل عنه والى بلدي الذي احب والوطن الذي اعشق.

"الدستور"





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :