facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




قوة الفكرة وفكرة القوة


د. ماهر عربيات
23-03-2016 01:12 PM

أصاب الأديب والروائي الفرنسي فيكتور هوغو حينما قال : أقوى شيء في الكون، بل أقوى من الجيوش وأقوى من القوة المجتمعة للعالم بأسره، هي فكرة آن أوان خروجها إلى النور. وصدق حكيم عندما قال: الزمن القادم، ستصبح فيه قوة الفكرة أقوى من فكرة القوة. ولم ينحرف عن الواقع من قال : كل التغيرات السياسية المهمة تبدأ بفكرة . بل قد يتغير شأن العالَم وليس فقط السياسي فيه بفكرة. ألم يقل أوغست كونت : وحدها الأفكار تغير العالَم . ولكن متى يحين أوان الفكرة فيكونَ لها هذا الدور الخطير؟
حينما تواصل دولة إسناد شئونها لمفكريها وعلمائها فهذا بيان صريح بأنها ماضية على الدرب القويم ، فلا تنهض الدولة بغير العلم، وما حمل العلم يوما أهلََه إلا إلى المجد والحضارة والسمو ، ومتى كانت كوكبة العلماء ذات مكانة وحضور أساسي وجليل في منطق النسيج الإجتماعي والسياسي والإقتصادي، فهذا برهان قوي على أنها أوسع من الجهود والإمكانات المتواضعة أو اللقاءات الشحيحة التي تتنازع هنا وهناك، وأكبر من القصور الفارهة التي زحفت بعيدا عن ضوضاء وقلق وهواجس الحياة ، وهي بهذا الحضور من ثوابت الحياة الديمقراطية. وحينما يتعاظم دورها وإمكانية تأثيرها في حياة المجتمع والسياسة والإقتصاد ضمن تلك الإنطلاقة وبهذا الشعاع الباهر، يطلق عليها حينئذ : الثينك تانكس أو مراكز الفكر .
من البديهي القول أن أي دولة لا يمكن أن تكون متكاملة القدرة والنفوذ والحظوة إن لم تبتدع لذاتها الوسائلَ والأدوات المطلوبة لذلك. وكلما تنوعت مظاهر صلابة وقوة الدولة اتسع لها المجال لبسط هيبتها ومكانتها، والإستئثار بالمفاصل الكبرى لنهج العالَم السياسي والإقتصادي والعسكري والثقافي ، ولسنا بصدد الحديث عن مجمل مظاهر قوة الدولة لأن معظمها نار على علم ولا يستوجب الأمر الكشف عنها. ولكن شكلا منها لا زال في تقديرنا بعيدا عن التناول على الرغم من أهمية وضرورة التقاطه من قبل رجال الفكر والرأي حتى تكتمل جوانب الإحاطة بفلسفة الدولة الصلبة. إننا نقصد على وجه التحديد مؤسسات الفكر أو مراكز البحث ووظيفتها في تكوين الوعي


ودورها في توجيه الرأي العام وتوفير ما يحتاج إليه صناع القرار من إرشاد وتنوير ومعلومات ودراسات.

لا جدال في أن غالبية مراكز التفكير التي تشهد اليوم شيوعا واسعا في مختلف دول العالَم قد ولدت ميتة. بل هي لا تعدو عن كونها جمعيات ثقافية وجعجعة بلا طحن، أو مراكز بحثية محدودة أو هياكل منظمات غير أكاديمية يجري توظيفها من قبل العديد من أنظمة الدول غير الديمقراطية لتكون مطية لها بما تقدمه من مؤازرة سياسوية وأيديولوجية تنشط فقط على سطح الأحداث بعيدا عن جوهرها وغير منخطرطة بها توجيها وتقويما، ويشمل هذا الأمر دول الديمقراطيات الغربية التي راهنت على قدرتها في تكوين الرأي العام وابتكار ما تحتاجه من حلول لقضاياها الراهنة وتحقيق مشاريعها المستقبلية والإستراتيجية. ولعل الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العصر الحديث التي شهدت شكلا من مراكز البحث القادرة والمنتظمة في إنتاج الأفكار والمشاريع الضخمة للسياسات الدولية أو المحلية كالإقتصاد والتعليم والصحة وغيرها. وبات هذا النموذج من مؤسسات البحث الأمريكية بما صاغ لنفسه من معايير وخصائص، شريكا رئيسيا في صناعة القرار، وربما لا نغالي إذا قلنا أنه تخطى تلك الشراكة بما يملكه من إمكانيات وقدرات ضخمة حتى أضحى لاعبا أساسيا في تحديد رؤساء الولايات المتحدة.
لقد عبرت مراكز الفكر عن حضورها المثير منذ الوقت الذي دخل فيه إنتاجها الفكري حيز التنفيذ ، لتقدم نفسها للعالم بصفة عامة ولصناع القرار الأمريكي على وجه التحديد على أنها مؤسسات فكر ودراسة وإمداد وتوجيه ، مشيرة إلى الدور الإرشادي والتنويري الذي أخذت تمارسه وتضطلع به في كوكب ظاهره يدار بجبروت المال والسلاح ، لكن باطنه تتولاه عقول تجيد هندسة الإدارة عن بعد، وامتلكت مفاتيح كثيرة مكنتها من طرح الأفكار وتهيئة المبررات التي تكفل للولايات المتحدة استمرارية نفوذها على العالم.

Mahers.arab@hotmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :