facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




قاض وجلاد


د. صباح حراحشة
26-09-2016 01:40 PM

سأقتلك إن لم يعجبني رأيك، هل هو عنوان لمرحلة جديدة قد ندخلها بسرعة إن لم نتعامل معها بوعي وحزم؟

ونحن نعبر مرحلة تغير تاريخية في دولة مارست بالأمس حقها في اختيار مرشحيها تحت القبة، دولة وضعت لها عنوانا وهدفا واضحا بالتحول نحو الديمقراطية ونحو الإصلاح في كافة المجالات، هذه الدولة وبرنامجها الإصلاحي الآن تحت المحك، فهي إما أن تدعم الإصلاح والتحول الديمقراطي حقا وتحميه بالقوانين الواضحة والقوية، وإما أن تتراجع عن رفع شعار الديمقراطية والتعددية وتجد لنفسها طريقة مبتكرة للتعامل مع التنوع واسع الطيف الذي يميزها والذي فرضته عليها كل المراحل التاريخية التي عبر من خلالها.

الانتخابات الأخيرة أفرزت توجهات مختلفة وواضحة للناخبين والمرشحين على حد سواء، وكان فيها مساحات بارزة للتيارات التي تدعم اليمين، وأخرى للوسط، وثالثة لليسار، وهذا مؤشر صحي للتعدد يجب البناء عليه وتطويره وتجييره لخدمة الأردن والنهوض به والتنبيه على أن هذا الاختلاف إيجابي وطبيعي ومطلوب وموجود في كل المجتمعات في العالم، فإذا لم تقم المؤسسات الإعلامية بدورها الحقيقي في التثقيف والتوضيح والسير باتجاه تعزيز فكرة التنوع وتقبل الأفكار المختلفة، فربما ندفع جميعا الثمن غاليا والذي قد يتمثل بالعنف المطلق ضد أصحاب الأفكار التي قد لا تعجب البعض.

علينا أن نعمل جميعا على تعزيز فكرة الحوار البناء وتبادل الأفكار والجدل حول مختلف الأمور، علينا تعزيز فكرة أن اعتراضنا على فكرة معينة هو شيء إيجابي وصحي ولكن شكل هذا الاعتراض يجب أن لا يخرج عن نطاق تقديم أفكار وطروحات تقابل الأفكار والطروحات التي لا تعجبنا، فمواجهة الفكرة لا يكون إلا بتقديم فكرة مقنعة وأقوى منها وليس باستخدام القوة والرصاص والقتل.

قدم البعض برنامجا انتخابيا يطرح توجهات تعامل البعض معها بحدية وتطرف شديدين، فعلى سبيل المثال هوجمت فكرة الدولة المدنية في مهدها قبل مناقشتها وتوضيح مبادئها، وكفر البعض أصحاب هذه الفكرة وهم لا يعلمون أنهم يعيشون في دولة مدنية أصلا، وهذا يدل على أن الهجوم يبدأ قبل التمحيص والتفكير والبحث، فلو تريث هؤلاء قليلا لعلموا أن دولتهم هي دولة مدنية أصلا وهذا لا يجعل منها دولة كافرة بل يعني أنها دولة تحتكم للقوانين وتمنح مواطنيها حرية الاعتقاد وهي من أهم وأبرز حقوق الإنسان على الإطلاق، فعلى من تقع مسؤولية فقر المعلومة لدى المواطن؟

لا شك أن مناهجنا قصرت في التثقيف السياسي لطلابنا على اختلاف المراحل الدراسية، فغابت مفاهيم محددة وواضحة عن أذهان الكثيرين كمفهوم المواطنة مثلا، وحلت محلها مفاهيم جديدة فرضتها طريقة التربية وفقر المعلومة، فكانت الانتماءات الضيقة أوضح وأعمق من الانتماء للوطن فتضخمت فكرة الانتماءات العائلية والمناطقية والأيدلوجية على حساب الوطن، وترسخت هذه الانتماءات لأنها وجدت البيئة المناسبة في ظل قوانين خجولة وفي ظل تطبيق خجول أيضا لهذه القوانين، فعندما تعلم أن انتمائك الضيق هو من يحميك ويخدمك فما حاجتك لانتماء أكبريشمل الوطن الذي يعيش فيه الجميع سواسية تحت مظلة القانون دون اعتبار للواسطات والمحسوبيات.
نحن أمام مرحلة جديدة علينا من خلالها أن نستمع لكل الآراء، وأن نحاكم الفكرة كفكرة، وأن لا نقصي الفكرة لأن من قدمها لا ينسجم معنا فكريا، علينا أن نستمع للإسلاميين وللوسطيين ولليساريين، وعليهم جميعا أن يعملوا معا لخدمة الوطن. على هذه التيارات أن تناقش كل ما يهم الوطن كل من زاويته ومن وجهة نظره، وعليهم جميعا في المحصلة أن يضعوا مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وعلى هذه التيارات أن تدعو مناصريها لتقبل بعضهم بعضا وأن تقدم نموذجا لهم في طريقة المضي معا ليكبر الوطن.

مارسنا القتل باسم الشرف دون تطبيق رادع للقانون للحد من هذه الحالة، فأعطى البعض نفسه الحق باستلاب حياة الآخرين دون شرف تحت مسمى الشرف، ومارسنا القتل في الأعراس والأفراح دون تطبيق رادع للقانون أيضا لأولئك الذين لا يمكن لهم أن يفرحوا دون يزغرد لهم الرصاص حتى وإن استقر في جسد إنسان لا ذنب له سوى مشاركتهم فرحهم، مارسنا القتل في مشاجرات تحركها العصبيات وثورات الغضب دون أن نغضب بما يكفي على التجرؤ على عباد الله، فهل سنمارس القتل الآن لأننا لن تعجبنا أفكار البعض؟

حاسب الفكرة بفكرة مقابلة، ولا تحاسب المفكر وتصادر عقله. اكره الخطأ ولا تكره المخطئ بل ساعده للعودة عن خطأه بأن تقدم له نموذجا للتصرف الصحيح دون أن تحاربه وتشحنه ضدك. انتقد السلوك ولا تنتقد الأشخاص فانتقاد الأشخاص سيعزز الغضب والبغضاء بينما انتقاد السلوك سيعزز التفكير بهذا السلوك واعادة تقييمه. لن أقتلك لأنك تختلف معي في الرأي بل أحترم رأيك وسأفكر به ولكنني بالمقابل أدعوك لتقييم فكرتي وعدم رفضها دون أن تدرسها جيدا.





  • 1 مهند الصمادي 26-09-2016 | 01:53 PM

    دام قلمك وصح لسانك


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :