عمون- نور ابوزيد- يواجه الأردن تحديات اقتصادية وأمنية واجتماعية صعبة تجعله يقف على مفترق طرق في لحظات تعد الأصعب منذ عقود.

وما يعرفه المسؤولون ومن هم في المراكز العليا يخفى عن عامة الناس، فعندما يصعد قاضي القضاة إمام الحضرة الهاشمية الدكتور أحمد هليل الى المنبر ويخطب الجمعة متحدثا عن المرحلة القادمة فان كلامه يعد مسؤولا وموجها.

ان خطبة الجمعة هذا اليوم لم تكن كالخطب السابقة التي تتمحور حول المواعظ الدينية انما كانت سمتها الواضحة سياسية اقتصادية.

وتجسد هذه الخطبة الواقع والحال الذي نعيش وهي رسالة تحمل مضامينا متعددة، رسالة للداخل والخارج.

عضو مجلس النواب محمد نوح القضاة علق على خطبة هليل قائلا: ان خطبة الجمعة تعد خطبة دينية توجيهية تتحدث الى الأمة الاسلامية ولا تنحصر داخل الحدود.

وأضاف القضاة لـ "عمون" ان سماحة الشيخ هليل اليوم خاطب بحكم موقعه الديني واستنجد بأخوتنا الذين تجمعنا بهم العروبة والدين وروابط اجتماعية قديمة وحديثة.

واشار القضاة الى ان عمر بن الخطاب "رضي الله عنه" بعث في عام المجاعة برسالة الى عمرو بن العاص الذي كان واليًا على مصر وطلب منه ارسال مساعدات ومعونات الى اهل المدينة المنورة.

وتابع ان الاردن اليوم يمر بضائقة اقتصادية تتطلب من اخوتنا في دول الخليج ان يبادروا إلى الدعم فيها.

كما ان دول الخليج لا قدر الله اذا مرت باي ضائقة فان الاردن سيكون الداعم الاول لها، وهذا التعاون القائم ما بيننا وبين دول الخليج تعاون قديم. 

وختم ان الاردن يمر بمرحلة امنية حرجة نظرا لما يجري في سوريا والعراق وفلسطين المحتلة، ووقوف الاردن وحده في هذه المرحلة فيه صعوبة بالغة خاصة ان أمن الدول العربية مترابط ومتكامل.

وعلق القيادي في جبهة العمل الاسلامي زكي بني ارشيد على خطبة هليل اليوم قائلا: اننا اذا افترضنا ان هذه الخطبة اجتهاد خاص من سماحة الشيخ احمد هليل فاجتهاده مشكور ولكن لا داعي لتحميل الخطبة ما لا تحتمل.

وأضاف بني ارشيد لـ "عمون" في حال كانت الخطبة مقصودة بمضامينها ومعانيها فهذا يعني أننا في أزمة عميقة متعاظمة ولا تخفى على أحد، ولطالما حذرنا من الوصول إليها ، أو أننا مقبلون على ما هو أعظم .

وقال بني ارشيد: "على كل الأحوال ما كل ما يعلم يصلح ان يُقال حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر" في اشارة الى سبب هذه الخطبة .

وأشار الى ان الاردن وطننا جميعا، وجميعنا معنيون بالمحافظة عليه ودرء الخطر عنه، وأضاف ان
الجبهة الداخلية المتماسكة الموحدة قادرة على التصدي لكل المخاطر.

وأكد بني ارشيد اننا في الاردن لن نتخلى عن واجبنا الوطني مهما كانت الظروف واشتدت الاختلافات وتباينت وجهات النظر .

المحلل الاقتصادي حسام عايش قال ان الاوضاع وصلت الي حد المناشدة الدينية للدول الخليجية بشكل خاص والدول التي تقدم المعونات للأردن بشكل عام وطلب العون للأردن.

وأضاف لـ "عمون" ان ارتفاع الاصوات في خطب الجمعة وفي غيرها من المنابر داعية دول الخليج والدول التي تقدم المساعدات والهبات للأردن الى تقديم المساعدات، يدل على ما لم تصرح به الحكومة من اوضاع تتطلب وتدعو شخصا بمكانة الشيخ احمد هليل لتصدّر خطبة الجمعة ودعوة الاشقاء لمد يد العون للأردن.

واشار الى ان الحكومة فيما يبدو لا تتبع مبدأ الشفافية في التعامل مع الناس وبالتالي قدمت موازنة نالت موافقة مجلس النواب لكنها لم تقل ما الذي يقف خلف هذه الموازنة.

وتابع ان هذه الموازنة قدمت باعتبارها توازن بين نفقات جارية ونفقات رأس مالية وتؤدي الى نمو اقتصادي يقدر بـ 3.03 %.

وختم قائلا ان الوضع يستدعي ان تكون الحكومة شفافة وواضحة ودقيقة وان ترسم سياسات توظف الايرادات التي ستحصل عليها من الداخل والمساعدات التي سترد اليها من الخارج بطريقة تؤدي الى نمو اقتصادي يحسن مداخيل الحكومة والمواطنين مما يوفر المناخات لبيئة اقتصادية اكثر تفاعلية فيما يتعلق بالأداء الاقتصادي ونتائجه العامة.

يذكر ان قاضي القضاة إمام الحضرة الهاشمية الدكتور أحمد هليل وجه اليوم الجمعة خلال خطبته مناشدة الى ملوك وأمراء وشيوخ الخليج العربي لدعم الاردن.

وحذر هليل بخطبته شديدة اللهجة من تمزق الجبهة الاردنية التي تعد الحامي والظهير للخليج العربي قائلا ان الدائرة ستدور على الجميع في حال مس الاردن اي مكروه.

يشار الى اننا نقف امام مرحلة جديدة في السياسات الدولية وان الوضع الاقتصادي في الاردن غير منفصل عن الاوضاع السياسية في المنطقة بالإضافة الى الاوضاع الامنية الاقليمية المحيطة في الاردن وما نجم عنها من هجرات وتغييرات ديموغرافية، علاوة على محدودية الموارد التي ترفد الدخل القومي.