facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تجارة لن تبور!


د. زعبي الزعبي
09-09-2017 09:57 PM

مشهد مؤلم هذا الذي يتجلى لنا كل عام في موسم الحج، فللوهلة الأولى يتراءى للناظر من بعيد ان الموضوع لا يتعدى ان يكون سوى ململةً او تذمراً من بعض الحجاج الذين لم تعجبهم الخدمات المقدمة، الا ان الواقع اثبت ان الحجاج الأردنيين يعانون الأمرّين عند توجههم لأداء مناسك الحج. و هذا ما لمسته من واقع معاناة العديد من الحجاج هذا العام.

اذا كنت من الذين لا يحبون الاطالة في القراءة و يريدون الخلاصة؛ كل ما عليك ان تفعله هو ان تقرأ الجملة التالية بوضوح:

( تجارة الحجيج مربحة جداً لدرجة انها استقطبت كل (من هب ودب) و ادعى المهنية والتدين نظراً لاستعداد الحجاج لبذل الغالي و الرخيص كي يقوموا بمناسك الحج ( وهذا امر مفهوم بالطبع فهي فرصة قد لا تتكرر) و في ظل عدم وجود دور رقابي فاعل لوزارة الأوقاف التي لم تمنع هذه المكاتب من استغلال الحجيج الاردني)
فبالنسبة للحجيج الاردني تبدأ المعاناة مبكراً من عند مكاتب السياحة و السفر التي تقدم برامج خاصة للحج فيتوهم الحاج ان الأمور تحت السيطرة خاصة و ان هذه المكاتب لا تنفك تطمئن الحجاج على تميز خدماتها و خبرتها الواسعة في وفادة و رفادة ضيوف الحرمين الشريفين. لا سيما وان هنالك العديد من الأبناء والاقارب الذين يريدون ان يطمئنوا ان ذويهم وأحباءهم سينالون العناية الكافية للقيام بالمناسك؛ وبالتالي لا يترددوا بدفع المبالغ الطائلة للمكاتب من اجل ضمان ذلك.
الا ان الواقع مغاير لهذه التطلعات حيث تعم الفوضى مكاتب الحج نظراً لعدم وجود تنسيق فاعل بين إداريي الشركة نفسها او بين الشركة ووكيلها في الحرمين الشريفين ( المطوّف المعتمد). فتبدأ أولى المصاعب بالمواصلات من عمان الى المدينة او من مطار جدة الى مكة حيث يقبع الحجاج في المطار تحت المظلات الخارجية التي لا تقي من حر او رطوبة لساعات طويلة بانتظار الحافلة كي تقلهم الى أماكن سكناهم. وقد يطول الانتظار إذا حصل تجاوز من هنا او هناك للدور مما قد يأزم الموقف منذ البداية وهذا يمكن حله لو ان الاداريين اخذوا بعين الاعتبار مواعيد الرحلات وضرورة التواجد في الموعد المحدد من قبل الوكلاء المعتمدين الذين يستخدمون ذريعة الازدحام للتخلص من اي شكوى. وهنا ينبغي التنويه بأن المواصلات يمكن حلها بالتعاقد مع شركات منضبطة عوضاً عن باصات مستقلة الا ان هذا قد يتطلب مزيداً من البذل المادي من قبل المكاتب التي (تحسبها عالليبرة) ولا تريد ان ينقص من ربحها شيء مما يفسر العديد من المصاعب الأخرى. فالمسافة بين جدة و مكة لا تستغرق اكثر من ساعة و نصف بالحافلة الا انها قد تستغرق اربع ساعات نظراً للجولة المكوكية بين المطوّفين المختلفين لجمع الهويات اللازمة للحجاج و هذا كان من الممكن تفاديه لو ان المكاتب قامت بترتيب معين مع المطّوفين لإيصال هذه الهويات الى أماكن المبيت كما رأينا بأم اعيننا مع المكاتب الأخرى من دول عربية شقيقة التي قامت بتوزيعها على الحجاج في أماكن مبيتهم!
فرحة الوصول الى مكة تنسي الحاج كل همومه فيتوجه لأداء العمرة اولاً و لكن تبدأ هنا معاناة كبار السن و ذوي الاحتياجات الخاصة الذين تم طمأنة ابنائهم و أقاربهم انهم بالحفظ و الصون. الا انه نظراً لحرص المكاتب على اقتصادية الرحلة يتم تزويد المجموعة كاملة بدليل واحد لا يستطيع ان يقوم بتوفير الدعم اللازم لكافة الحجاج خاصة عندما تقوم السلطات بفصل الحجاج داخل الحرم نظراً لاستخدام بعضهم الكراسي المتحركة مثلاً مما يضيع حقوق بعض الحجاج في الاستفادة من معلومات المرشد الديني وخبرته. وهذا كان من الممكن تفاديه لو تم توفير مساعد مخصص لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة. بعد العمرة تبدأ عملية الاستعداد للحج وهنا تبرز مشكلة كبرى وهي الانقطاع في الاتصالات بين أعضاء المجموعة والإداريين حيث لا يستطيع معظم الحجاج ان يستخرجوا بطاقات هاتف سعودية نظراً للقيود التي تتعلق بتوفير بصماتهم عند دخول المملكة ولكون السلطات في المطار تقوم بجمع هذه المعلومات عند المغادرة نظراً للضغط الهائل من الزوار. هذا الانقطاع في المعلومات يضيع الكثير من الوقت ويسبب الكثير من الأخطاء خاصة في التحضير لأيام الحج القادمة ويسبب ايضاً العديد من الهفوات بعض الحجيج فيما يتعلق بالمسائل الدينية والتي تؤدي الى حالة فوضى سببها عدم وجود المعلومة. وكان من الممكن تفادي هذه المشكلة لو تم الاشتراك بحزم التجوال الدولي الميسرة قبل المغادرة وانشاء مجموعات تواصل اجتماعي على المنصات المختلفة مثل واتساب بدلاً من انعدام المعلومة. المصاعب الحقيقة تبدأ منذ يوم التروية حيث يبدأ الحجيج بالتوجه الى عرفة للمبيت وهنا تبرز مشاكل المبيت وأنواعه وخاصة قضية المواصلات والتي قد تكون يسيرة على الشباب صغار العمر ولكنها شاقة على كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة والذين يكتشفوا فيما بعد انه لا وجود لترتيبات خاصة بهم، بل لا وجود لأطباء مع برنامج الحج الخاص بهم، صحيح ان هنالك بعثة طبية تابعة لوزارة الأوقاف لكنها بعيد كل البعد عن مواقع إقامة برامج الحج المميزة او الحجاج الفرادى و هذا امر مفهوم. حيث ان الأصل ان يكون هنالك طبيب مقيم معهم في مواقع مبيتهم خاصة و ان هنالك تجمعات و ائتلافات لبرامج الحج المميز تسمح بسهولة بتغطية تكاليف توفير طبيب، و هنالك كم كبير من الأطباء مستعدين للقيام بذلك مجاناً اذا تم عرض فرصة الحج عليهم!
يبقى المبيت بعرفة من اسهل الصعاب و الحق يقال ان المناسك كلها سهلة و لكن المواصلات و تنسيقها هو ما يجعل التوجه لأداء المناسك أشبه بمغامرة مجهولة النتائج! و هنا يأتي النفير من عرفة الى مزدلفة حيث نتفهم تحرك اكثر من مليوني حاج الى مزدلفة معاً و هذا بالطبع يبطء المسير بشكل ملحوظ و لكن المستحيل فهمه هو عدم وجود اي نوع من الترتيبات للمبيت في مزدلفة! حيث يتفاجأ الحجاج بأن عليهم الجلوس على قارعة الطريق لساعات عدة دون ان يكون هنالك حتى ترتيب لتجميعهم من قبل المكاتب في جلسات مهيأة مثل اخواننا و اخواتنا من الدول الاخرى بل يكتفي اصحاب المكاتب بتبرير ذلك بأن المبيت لساعات قليلة لا تستوجب ذلك رغم ان الاجدى ان يقوموا بفرش الارض بأسلوب (الجلسات العربية)و توفير مساحات منفصلة للرجل و النساء وهذا لا يستغرق اكثر من ربع ساعة اذا توافرت مستلزمات التخييم البسيطة و الغير مكلفة!
بعد المبيت بمزدلفة تبدأ صعوبة اخرى و هي المواصلات و المبيت في منى، حيث تنقطع المواصلات نظراً لسوء التنظيم للتفويج و تبدأ معاناة المشي في مناطق مكتظة نظراً لعدم وجود تنسيق ( و بشكل واضح ) بين الادارة و السائقين و يجد الحاج نفسه مضطراً لأن يجد الحلول لانعدامها من قبل الادارة فيقوم في معظم الحالات بالمشي مسافات طويلة لاستقلال اي وسيلة نقل متوفرة بينما يقوم البعض الاخر بالمشي من منشأة رمي الجمرات الى الحرم ( تقريباً ٧ كم) نظراً لعدم وجود وسيلة نقل او لارتفاع اسعارها الخرافي. و تستمر هذه الحالة ثلاثة ايام بمعاناة شديدة الا اذا أقام الحاج بمنى طيلة هذه الفترة و هنا معضلة أخرى فالمبيت في منى نوعان: اما ان تكون مع بعثة الحج الاردنية وتقوم بالمشي ما بين مقر الإقامة و منى لرمي الجمرات ( مع تحقيق شرط المبيت) او ان تتنقل لمنى كل ليلة من مكة او ما حولها للمبيت و من ثم الرجوع للرمي و تكرار معاناة التنقل الغير مبررة بسبب سوء التنسيق. و هنالك الحج المميز الذي يوعد الحاج فيه بمبيت في منى لساعتين لتحقيق شرط المبيت مقابل ٢٠٠ دينار أردني لهاتين الساعتين لكل ليلة!!
بعد الانتهاء من رمي الجمرات الثلاث في ايام التشريق ينفض الجميع لترتيب السفر الى عمان و نجد الصعوبات متشابكة نظراً لتأخر شركات الطيران او سعة مطار جدة و هذه أمور خارجة عن نطاق السيطرة للمكاتب و الحق يقال ان السلطات السعودية تقوم بجهد طيب لتيّسير اداء المناسك و لكن التنقل ما بين المناسك هو الجهاد الأصغر بعينه و المكاتب للأسف لا تعطي الموضوع اولوية بل ان هنالك درجة عالية من (اللاأبالية) و إيماناً عميقاً بقصر ذاكرة الحاج الفَرِح بتلبية نداء المولى عز وجل و قيامه بمناسك الحاج مما يعطي أمانا لأصحاب المكاتب للاستمرار بالحال كما هو عليه طالما انه لا يوجد من يراقب و يحاسب و يتابع من قبل الوزارة و نحن هوا لا نتهم مكتباً بعينه بل ننصح و نوجه و ننبه الى وجود منظومة كاملة معطوبة وغير فاعلة لخدمة الحجاج الفرادى بشكل خاص. خلاصة القول ان جميع الحجاج الأردنيين لم يأبهوا بكل هذه الصعاب التي كان من الممكن تفاديها بسهولة؛ لأن تركيزهم كان -و بروح إيجابية رائعة- على اداء المناسك كاملة دون اي تشويش و بتعاون عائلي متميز للجميع. الا اننا نقدم هذه الملاحظات كي لا يستمر الحال كما هو عليه وكي لا يعاني اخوتنا حجاج الأعوام المقبلة من نفس المشاكل.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :