facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مجتمع المولات


05-02-2009 06:24 AM

من يدخل هائما على وجهه مثلي الى أحد " المولات " الكبيرة جدا ، وخاصة الأشهر منها في مغاريب عمان ، ثم يرى قطعان الصبيان والشباب والفتيات وهم يطوفون وراء بعضهم كالقطط في شهر شباط ، فصل التزاوج ، يدرك حقيقة الخطر الذي يتهدد الأجيال القادمة في بلد يعد من أكثر البلدان محافظة وجدية وحرصا على وجوب اتباع التقاليد الوطنية والأخلاق العامة .

فالأشكال الغريبة العجيبة التي تظهر بها رؤوس أولئك الأولاد ، وكأن شحنات كهربائية عالية الفولتية ضربت شعورهم ، والسراويل الساحلة ، والأفاعي والعقارب الموشومة على أسفل الظهر ، أو الحلقات المعدنية في سرة البطن ، وكل تلك التقليعات السوقية والهابطة المبتذلة التي يستمتع باتباعها جيل كان المفروض من المفترض ان يكون حاملا للفكر الوطني والقومي ، ورافعا لمشعل العلم والعمل ، ومهيئا للرزانة والرصانة ، كل تلك الصور تنبىء بأن جيلا من القيادات القادمة ستكون مهزومة مهزوزة أمام قط ّ لا وحش مفترس ، ولن نراهن عليه لحمل بندقية أو سماعة طبيب ، أو قلم مفكر ، أو مطرقة قاض يقوم على العدل بين الناس .. تخيلوا معي ، وزير بنطاله ساحل وقفاه موشومة بجمجمة قرد ، أو نائب نامص الحاجبين وراسمهما " بالتاتو " ، أو رئيس هيئة مفوضين شعره على شكل هرم بفضل اختراع أسمه الواكس ، ان لم أخطئ .. حينها سنحارب فعلا ضد أي خطر داهم .. كيف لا وبالعلكة تدار نقاشات مجلس النواب حينها ، وبورق الكلينكس يتم التراشق حين تحتدم المشاجرات ، وسيضرب كل نائب أو " نائبة " على قفاه العاري ، فور تعثره أمام صفعة ناعمة ليد منزلقة جراء البشرة الكريما !!

في بلد كالأردن يعاني من شح الموارد الاقتصادية وشظف العيش وقلة ذات اليد ، نجد في تلك " المراعي " ان نظريات خلق جيل واع وراع ومدرك للتحديات التي تواجه البلد هي نظريات ساقطة بكل المعايير ان بقي الحال كما هو الحال ، وسقوطها سيكون ذريعا .. وهذا يعود في الأساس الى إسقاط الخيار الأخلاقي وسياسات التبدل الاجتماعي وتهميش دور التربية الشاملة في المنزل والمدرسة ، اللتان تعتبران الأساس في أي عملية تربوية ، ولا نحصرها بالتربية الاجتماعية السلوكية فقط ، بل بالتربية الاقتصادية ايضا ، وكيفية التعامل مع متغيرات الحياة ، ومجابهة مظاهر التقليد البهائمي ، لتستمر الحياة بثقافة جديدة عصرية متطورة ، ولكن بغلاف محصن ، يحافظ على استمراريتنا وبقاءنا كشعب يتعايش مع ظروفه الحياتية كما يجب ، وكما نريد ، لا كما يريده الآخرون لنا !

في المول ما غيره لا تقتصر الشخصيات على أبناء الطبقة المخملية والأحياء الراقية الوادعة ، لا بل تتعداها الى أبناء الحارات الفقيرة المتخمة بالخبز والشاي ، والقرى النائم أهلها عند الغروب ، والمخيمات التي تصفق نوافذ منازلها كلما هبت عواصف الشتاء .. وهناك نساء أمهات جئن وصويحباتهن أيضا ، والمشكلة ان الكل يرمق الكل نظرا وتفحصا ، كأن الواحد منهم أضاع الآخر ليبحث في تلك الوجوه عن " فقيده " .

الكل مشغول بترتيب أوضاع العلاقة المتوقعة والتعارف من خلال خاصية "البلوتوث " في هواتفهم النقالة ، التي تبحث عن أسم أو رقم .. ما ينبىء عن حالة مستعصية من الكبت العاطفي والجنسي لدى الغالبية منا ، ممن يبحث عن قطرات لذة كاذبة غير بريئة تطفئ جمرات شهوة غير طبيعية ، كنحل في خلية !

قلة قليلة هي التي تأتي الى تلك الأماكن للأسف ببراءة للترويح عن النفس مع العائلة ، أو بهدف التسوق ، وهؤلاء ايضا يعانون من شباب التسول العاطفي ومطاردات المغازلات العائبة ، و"شيـّاب الرزالة" الخائبة .

فهل سيقضي مجتمع المولات على بقايا القيم الأخلاقية والمجتمعية التي يحاول الكثيرين المحافظة عليها ، كما قضت على حوانيت الأحياء وبقالات الشوارع الفرعية التي كانت فئة كبيرة من المواطنين تعتاش على الوارد منها بيعا وتجارة ؟!

اعتقد إن تلك الأماكن هي بيئة خصبة للاستنتاج تثري تفكير صناع القرار ، والباحثين الاجتماعيين والدارسين لسيكولوجيا المجتمع ، ليروا بأمهات أعينهم الى أين يتجه الجيل ، وماهي تأثيرات السياسات المستوردة دون تنقيح ، وهبوط الفضاء على رؤوسنا ، ومحاربة السلوك الفاضل الذي تصدى له بتمويل مالي وفكري عدد لا بأس به من واضعي سياسات البناء الاجتماعي ، والفقرات المعدلة في القوانين المتعلقة بالأسرة و العلاقات بين أبناء المجتمع الواحد ، الذي أصبح مجتمعات في واحد .. دون ان يعوا ان مرض القطيع يبدأ بإصابة "دجاجة " واحدة .

أخيرا ، أعتذر عن تغيير فكرة المقال الذي كنت مبيتا النية لأكتبه عن مجلس النواب ، قبل رحيله ، عفوا قبل " فض " دورته " الفصلية ، وإسالة دم فضيلة الحوار فيه ولكن وجدت أن أصحاب السعادة قالوا لنا بضمير الغائب : لا تكتبوا عنه فلا شيء هنا يستحق عناءكم لتكتبوا فيه، كل ما هنالك مدير وخمسة مدرسين ، وتلاميذ لم يحفظوا الدرس بعد .

Royal430@hotmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :