عمون -عبدالله مسمار -ليس الامر رمزيا فقط كما يظنه البعض، نعم القدس تعني الجميع ولها مكانة خاصة لدى المسلمين والمسيحيين ويرفضون المساس بها، لكن لقرار نقل السفارة اليها والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل ابعادا استراتيجية، وفرض واقع جديد على الارض.

لن تكون عاصمة اسرائيل مفرغة من الاسرائيليين، ولن تكون العاصمة، بينما المنشآت والمؤسسات الحكومية تبقى في يافا المحتلة او ما اسموها تل ابيب، ولن تبقى سفارة واشنطن وحيدة في القدس ولو بعد حين، هذا ما ينبئ عنه فرض الواقع الجديد على الارض.

الخبير الامني القومي الفلسطيني الدكتور ابراهيم حبيب تحدث لـ عمون من قطاع غزة، مؤكدا ان نقل سفارة واشنطن الى القدس خطوة متقدمة من استراتيجية اسرائيل 2020، والتي بناها الاحتلال منذ زمن بعيد، وتعنى توسعة اراضي القدس الغربية لتصل الى 600كم2 على حساب القدس الشرقة باستهداف ما لا يقل عن 200 كم2.

واوضح ان مليون فلسطيني يعيشون في محافظة القدس الكبرى سيعمل الاحتلال على اخراجهم منها وسحب هوياتهم ونقل صلاحياتهم الادارية الى الضفة، اضافة الى التسارع الكبير في عملية الاستيطان، وهذا ما بدأ فعلا لتخفيض نسبة الفلسطينيين في القدس الغربية الى 5% بعدما كانوا يشكلون 19% منها.

واضاف حبيب ان الاحتلال يستخدم اساليب ضغط على سكان القدس الكبرى من الفلسطينيين ومنها فرض الضرائب الكبيرة لإخراجهم من بيوتهم، وفي المقابل تقدم تسهيلات كبيرة لمواطنيها من اجل الهجرة الى القدس.

وعن اقامة الدولة الفلسطينية قال حبيب إن اسرائيل تدرك تماما ان اقامة دولة فلسطينية في اراضي الضفة الغربية يمثل "لف حبل المشنقة على عنق اسرائيل" الامر الذي لا يمكن ان تقبل به بهذه الصورة ولذلك تفرض اسرائيل واقعا جديدا على الارض يضمن لها اخراج القدس من اي حل نهائي للقضية والابتعاد عن الضفة الغربية، منوها الى اصرار الاحتلال في مقترحاته على اقامة الدولة الفلسطينية خارج اراضي الضفة، الامر الذي يشكل الخطر الاكبر على الأردن.
ويؤيده بذلك الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي الدكتور جواد الحمد، الذي يرى ان هناك ارادة اسرائيلية منذ القدم بأن لا تقوم دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، مشيرا الى انهم يجدون الحل بإقامة كنتونات فلسطينية غير متصلة جغرافيا او أحد اشكال الحكم الذاتي، او اخراجهم خارج الاراضي الفلسطينية بأكملها.

ويؤكد الحمد أن القرار الامريكي بالاصل سياسي، وينافي القوانين الدولية، ويتبنى المفهوم الديني لاسرائيل بالنسبة لهيكل سليمان واعتقادهم بوجوده تحت حائط البراق "المبكى المزعوم"، الا انه له تداعيات كبيرة على الأرض تؤدي بلا شك الى اخراج سكان القدس الفلسطينيين منها.

ويشير الحمد الى ان اهم معيقات بناء الدولة الفلسطينية هو التوسع الاستيطاني الاسرائيلي في الضفة الغربية، الامر الذي توافقه الادارة الامريكية اضافة الى انظمة عربية عدة، ويمثل اشكالية كبيرة امام الرفض الاردني الفلسطيني التركي للقرار الامريكي.