facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مجلس النواب، ما أشبه اليوم بالبارحة ..


د. نضال القطامين
20-09-2018 01:08 AM

كنت قد ألقيت الكلمة التالية في مجلس النواب السابع عشر قبل نحو سبعه أعوام، وأعيد نشرها اليوم وفي اعتقادي ان كل كلمة فيها تصلح لهذا المجلس ولغيره وأكثر...

"لعلَ هَذهِ الحُكومَةَ التي نُجلُّ شُخوصَ رئيسَها وأعضاءَها، تكونُ أخرَ حكومةٍ تتشكلُ بالطريقةِ الحصريةِ الأردنية: خلواتٌ سِرية، أيامٌ طويلةٌ يقفُ الحاجبُ فيها على بابِ دولتهِ يَرقبُ الداخلينَ والخارجين، ويَمنعُ المُتطفلينَ والفُضوليينَ....، أوراقٌ مُتناثرةٌ وبقايا قهوةٍ وأعقابُ سجائر، عشراتُ الإتصالاتِ والقُبلاتِ والتوصِياتِ والمُجامَلات، تَصريحاتٌ هُنا وتَسريباتٌ هُناك، هَامشٌ إضافيٌ لقراءِ المَواقِع والصُحفِ ومُحبي التعليقاتِ وروّادِ الصالونات، وفي المحصلة، رغمَ كلِ الجهودِ والتوقعاتِ والأماني، تَخرجُ الحكوماتُ كسابقاتِها، عاديةٌ وتقليديةٌ و(كلاسيك)، لا شيءَ مُختلف، يُكلَّفُ الرئيسُ ثم يُمنحُ في أسبوعهِ الأول فرصةَ التعارفِ على وزرائِه، حتى إذا استوى مَقامُ العامِلِ والناوي على العمل، .......رَحَلَت كأنها لم تكن ....، فترىَ القومَ صَرعى يَرمُقونَ وَهُم خارِجُونَ مِن الرابع، الداخلينَ إليه، بعُيونِ الحاسدينَ ورُبما الشامتين، لا برامجَ ولا مَشاريع، وإن وُجِدت فليسَ لديهِم الوقتُ لها،....تَراهُم يَستنِدونَ جَميعُهم الوزراءَ والأمناء، السائقونَ والسكرتيرات، من أولِ يومٍ لهُم في المنصِب، على حُجةٍ أصبَحت جُوكراً يُستخدمُ متى شاؤوا وأينَما شاؤوا: المديونيةُ وعجزُ الموازنة، وما في مصاري في البلد، ولن نسألَ أينَ ذهبت، ولكن، أليسَ في البلدِ عقولٌ تَسعى للمَال وتَجلِبهُ؟

هل تنتهي في الأردنِ مُهِمةُ الوزيرِ مع أخرِ قبلاتِ المهنئين، ليتفرغَ حينها للاستعدادِ للمغادرة؟

أربَعُ حكومَاتٍ في عَامَين.....مَا الجَديدُ في البَرامِجِ وفي الإنجاز؟ لا شيء، فمَا زَالت الصبة خضرا، وجُوكرُ المديونيةِ جَاهزٌ للاستخدام، وكُلمَا ارتكَبَ نائبٌ خطيئةَ السَعي لخدمةٍ في قريةٍ نائيةٍ، أو تَحركَ بَعدَ أن أكل وَجهَهُ أقاربهُ لتعيينِ أذنٍ أو حارس، رُفِعَ هذا الجُوكرُ في وجهِهِ.

هِيَ أسئلةٌ وغَيرُها، سَئمتُ طرحَها وسَئمتُ إجاباتها، وَلعَلَ مَا يُعزيني قليلاً، أنني كنائبٍ في هذا المَجلس، مُغادرٌ عَمّا قريب، وَلَعَلَ هَذا الخِطاب أخِر خِطابٍاتي، فَقَد سَئِمتُ النيابَةَ وَالكِتابَةَ وَالخَطابَة، سَئِمتُ شُروطَ الرَبيعِ وَكُلِ الفُصول، سَئِمتُ الحَديثَ عَن التزوير، وَمَا زَالَ فِي خَاطِري ذَاكَ الحَاجُ العَجوزُ فِي أواخِرِ السَبعينِ يَتكىءُ عَلى عُكازِهِ وَسَطَ خَيمَةِ الإنتِخابَاتِ وَيُلوحُ بهَا يَستَنهِضُ هِمَمَ النَاسِ بالتَصويتِ، غَيرَ عَابىءٍ بِظهرِهِ الذي انحَنَى طِيلةَ سَبعَةَ عُقود، وَلا يَلتَفِتُ إلا لِظمَأِهِ وَظمَأَ النَاسِ...يلتفت لِنَائِبٍ يُعَينُ حَارِسَاً أو أذِنَاً، لا زَالَ فِي خَاطِري نَمُوذَجَاً حَيَاً لِشَعبِنَا، وَقَد عَوَدَتنا الحُكومَاتُ طِيلةَ عُمرِ الدَولةِ، أنَ النَائِبَ هُوَ مَن يَبحَثُ عَن الخَدَمَاتِ، أمَّا النَائِبُ الذي يَرتَكِبُ خَطيئةَ التَشريعِ وَالرقَابَةِ، فذاكَ المَحرومُ مِنَ المَصروفِ وَمِنَ الأذنَةِ وَالحُراسِ........

سَئِمتُ اسطِوانَةً مَمجُوجَةً تُعِيدُ كُلَ يَومٍ أنَاشيدَ التَزويِرِ وَالشَتم، سَنَرحَلُ عَن المَجلسِ، وَليَتَقدمَ كُلُ الخُطبَاءِ وَالهَاتِفينَ وَذوي الأبوَاقِ، وَليُرينَا كُلٌ مَراجِلَهُ، وَأنا جَازِمٌ أنَ أتخَنَ بُوقٍ سَيَكُفُ عَن النَحيبِ مَعَ أوَلِ آذِنٍ وَأولِ حَارِس.

سَتَجري الإنتِخابَاتُ هَذا العَامِ كَمَا تَعرفُون، وَأيَاً كَانَ قَانُونُ الإنتِخابِ فِيهَا، وأيَاً بَلَغَت دَرَجَةُ نَزَاهَتِهَا، فَلَن تَكوُنَ مُخرَجَاتُها بِدعَةً مِنَ النُوابِ، فَالنَاخِبُ لَم يَتَغيَر، وَالظُروفُ كَذلِك، وَمَا لَم تَجري انتِخَابَاتٌ عَلى أسَاسٍ حِزبِي فَلَن تَرتَقِي المُخرَجَاتُ لِمَا يَطمَحُ إليهِ النَاس، فأيُ ديمُقراطِيَةٍ مُقَزَمَةٍ هَذِهِ التِي لا تَستَنِدُ على التعدُدية الحزبِيَةِ المُتَجَذرةِ في وُجدان الناس لإفرازِ الأفضَلِ لِقيَادَةِ المُجتَمَعِ، وهَل عَهِدَت دِيمُقراطِياتُ العالَمِ المُتَحَضرِ الإستِنَادَ علىى العَشائِرِيَةِ لِفَرزِ قادَةِ الفِكرِ وَالوَطَن؟!

وأَيُ هَرَمٍ مَقلوبٍ هَذا الذي لَن تَقومَ بِهِ أيُ ديمُقراطِيَاتٍ فِي أي بَلَد كان؟! فمِن سُخريَة القَدَر أن تَسعَى الحُكُومَاتُ لإيجَادِ قَوانِينِ الإنتِخَابِ وَلا تَسعَى مسبقا لإيجَادِ ورعاية التَعَدُديَةِ الحِزبِيَةِ،...

مع أنَهُ مِن أهَمِ وَاجِبَاتِ الحُكومَةِ فِي هَذِهِ المَرحَلةِ، إعَادَةُ إنتَاجِ مَفهُومٍ جَديدٍ لِلأحزَابِ مُتَضَمِنَاً قَانُونَاً عَصريَاً لهَا، وَفَتحِ كُلِ الآفَاقِ أمَامَ تَجَذُرِهَا فِي الشَارِعِ وفي جيل الشباب مَعَ احتِوَاءِهَا لِمُختَلَفِ الإتِجَاهَاتِ، حَتَى نَصِلَ لِثَلاثَةِ اتِجَاهَاتٍ رَئِيسَةٍ فِيهَا يَمينٌ وَوَسَطٌ وَيَسار يستند عليها قانون الانتخاب وليس العكس،......

وَالقَولُ أنَ الوَقتَ فَاتَ عَلى ذَلِك، هُوَ مِن أسبَابِ التَخَلُفِ السِيَاسِيِ وَنَتِيجَتهُ الكَارِثِيَةُ سَتَكونُ حَتمَاً رَدَاءَةَ المَشرُوعِ السِيَاسِيِ الإصلاحِي، وليَعلَمَ الجَمعُ أنَ المَجلِسُ السَابِعُ عَشر وَالثَامِنُ عَشَر وَالعِشرون، سَيَبقَى عُرضَةً لِلهُتَافَاتِ وَالإتِهَامَات.


سَأختِمُ مَعَالي الرَئيِس، الزَمِيلاتُ وَالزُمَلاءُ الكِرَام، بِالتَذكِيرِ بِأَنَ المَجلِسَ السَابعَ عشر لَم يَكُن نِتَاجَ ثَورَةٍ وَإنمَا أتى إستِكمَالاً لِلمَجَالِسِ النِيَابِيَةِ السَابِقَةِ، وَأَنَ كُلَ القَضَايَا التَي تَمَ عَرضُهَا عَلى هَذا المَجلِسِ قَد عُرِضَت سَابِقاً عَلى المَجَالِسِ السَابِقَةِ وَمَا زَالَت شُخُوصُهَا تَتَنفسُ برِئَاتٍ كَامِلَة، وَلا يُمكِنُ لِهَذا المَجلِسِ أن يَتَحَمَلَ وِزرَ تِسعَةِ عُقُودٍ وَوِزرَ عَشرَاتِ الحُكوُمَاتِ وَمِئَاتِ الوُزَراءِ، حَتَى جَعَلَ الشَارِعُ السِيَاسِيُ فِي الأردُن الذي لا يُدرِكُ أحَدٌ – بِالمُناسَبَةِ - حَجمَ تَمثِيلِهِ لِلنَاس، مِن مَجلِسِنَا وَحدَهُ دُونَ غَيرِهِ، مُمَثِلاً شَرعِيَاً لِلفسَادِ وَلِلبيرُوقرَاطِيَةِ، وَهَذا مُنَافٍ لِلمَنطِقِ وَالعَقلِ وَالنَقلِ، وَمِنَ السُخرِيَةِ أن يُحَاكَمَ هَذا المَجلِسُ الذي جَاءَ ضِمنَ مَنظُومَةٍ سِيَاسِيَةٍ قَبِلَ بِهَا الأُردُنِيونَ عَشَراتِ العُقُودِ، بِشُروُطِ الثَوَرَاتِ فِي الإقلِيم، وَمِنَ المُثيِرِ لِلشَفَقَةِ أن نَجعَلَ هَذا المَجلِسَ حَشيّةَ قَشٍّ يَتَدَرّبُ عَليهَا هُواةُ المُلاكَمَةِ وَهُواةُ السِيَاسَةِ وَكتّابُ الدَرَجَاتِ المُختَلِفَةِ وَأصحَابُ المُراهَنَاتِ وَالأجِندَاتِ وَأبطالُ التَزويِرِ.

وَأودُ أن أُذَكِرَ يا سَادَتي بِأننَا لَسنَا مَجلِسَ العُمومِ الأُردُنِي بِحُلَتِهِ البرِيطَانِيَةِ، وَمُؤكدٌ أننَا لَسنَا الكُونغرس الأُردُنَي بَشروُطَهِ الأمرَيكَيَةِ، وَلَكِن أيضَاً لَم تَهبِطَ مَجَالِسُنَا النِيَابِيَةِ مَنَ السَمَاءِ، وَإنَّ جَعلَ هَذا المَجلِسَ نُصُباً لِشيطانِ الفَسادِ، وجَعلَ رَجمِهِ رُكنَاً مِن أركانِ الصُعودِ السِيَاسِي، هُوَ لعَمرِي الإفلاَسُ بِعَينِهِ، وَلَو عَادَ الزَمَنُ لِلوَراءِ وَقُدّرَ لِلبَعضِ أن يَنضَّموا لِهَذا المَجلِسِ، لاختَلَفَتِ الكَلِمَاتُ وَلتَبَدّلتِ الحُروُف، والفَرقُ شَاسِعٌ وَكَبيِرٌ بَينَ مَن يَجلِسُ يُشاهِدُ المُبَارَاةَ على أريكتهِ الوَثيرَةِ، وَبَينَ الذَي يَتَصَبَبُ عَرَقاً فِي المَلعَبِ."

ماذا يمكنني لو قيّض لي ان اتحدث نائباً اليوم غير هذه الكلمات... ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ صدق الله العظيم.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :