facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




نفاق سياسي


م. أشرف غسان مقطش
23-12-2018 12:08 PM

قبل عدة أشهر، وحينما أعلنت النقابات المهنية إضرابها العام إحتجاجا على قانون الضريبة، دعيت إلى النزول إلى الميدان للإضراب. رفضت الدعوة معتذرا عن ذلك، وكنت قد أوضحت وجهة نظري في ذلك.

واليوم أعرض عليك عزيزي القارئ وجهة نظري عينها التي قد تجيب على تساؤلات البعض من القراء بالغمز واللمز عن سبب عزوفي عن نشر أي مقال "يعارض" سياسات الحكومة في مختلف المجالات، وأهمها قانون الضريبة المعدل.

أنا موظف حكومي. وعليه، يفترض بي كموظف حكومي إعلان الولاء والوفاء للحكومة ونصرتها "ظالمة أو مظلومة" من منظار حديث المصطفى لا من منظار المثل الجاهلي البدوي. وإلا سأكون منافقا ذا وجهين إذا أضربت ضد الحكومة احتجاجا على قانون الضريبة بينما تجدني مع اقتراب نهاية الشهر أهرول مسرعا إلى الصراف الآلي لكي أقبض معاشي الذي تمنحني إياه الحكومة!

الحكومة تمنحني الخبز "الذي ليس به وحده يحيا الإنسان"؛ فهل يعقل أن أحتج عليها خلف ظهرها بينما أطأطأ لها رأسي مبتسما ضاحكا في وجهها شاكرا لها على لقمة الخبز؟ وإلا يفترض بي أن أقدم إستقالتي من الحكومة لكي أضرب مع النقابات وأنا مرتاح الضمير إحتجاجا على قانون الضريبة! فهل ستمنحني النقابات بعد الإضراب لقمة الخبز؟

في بداية الألفية هذه، حينما كنت طالبا في جامعة البصرة في العراق، سألني أحد زملائي الطلبة حينما وجدني أضع على قميصي شعار "الأردن أولا" وفي ظل حكم حزب البعث العربي الاشتراكي للعراق بقيادة صدام حسين: كيف لك أن تضع هذا الشعار وأنت تدعي القومية جهارا ونهارا؟ فأجبته: وكيف لك أن تكون قوميا إن لم تكن وطنيا؟ فقطب حاجبيه وولى مدبرا!

وبالمثل، كيف سأكون مخلصا للوطن إن لم أكن مخلصا لولي نعمتي "الحكومة"؟

عودة إلى أيام الدراسة في العراق، وبعد سقوط بغداد، كنت قد شهدت مظاهرة عارمة في البصرة، كان العراقيون في حينها يصيحون هياجا: "نحنا ما نريد لا صدام ولا أميركا"!

هذا الموقف ذكرني بقصة لا أدري مدى صحتها تروى على لسان الإمام علي إبن أبي طالب. والقصة أن أحدهم سأله: ما رأيك بأهل الشام؟ فأجابه الإمام: رجل واحد منهم لا أبادله بعشرة، ثم سأله: وما رأيك بأهل مصر؟ رد عليه الإمام: هؤلاء قوم على كل صائحة يصيحون، ثم سأله: وما رأيك بأهل العراق؟ فأدلى الإمام بدلوه قائلا: عجبت لأمر هؤلاء القوم فإنهم لا يرضون لا بالحق ولا بالباطل.

فإذا كان صدام حسين في عين العراقيين يرمز للباطل، وكانت أميركا ترمز للحق، أو قل العكس بالعكس؛ فكيف أنى لهم أن يصرخوا أنهم لا يريدون لا هذا ولا ذاك؟! ولربما لا أجانب الصواب إذا ما قلت بأن المنطق ينأى بنفسه عن التناقض إذا كان صدام وأميركا يرمزان معا في نظر العراقيين إلى الحق أو إلى الباطل! وما أدرانا؟ لربما كانوا يريدون "الفرس" كحل وسطي بين صدام حسين وأميركا!

الحكومة ليست كلها حقا، وليست كلها باطلا! فيها من الحسنات ما تستحق الثناء عليها، وفيها من السيئات ما تستحق الذم عليها، لكن هذا الذم يفترض ألا يستحسنه أحد مني وأنا أعمل في مكتب حكومي، معلق على أحد جدرانه ثلاث صور ملكية!

ورغم أن المثل يقول: "مادح نفسه كذاب" إلا أنني لا أتحرج من القول بكل ثقة أن الموضوعية والحيادية سنة قلمي في الكتابة والحكم النهائي في ذلك يعود إليك عزيزي القارئ. ولكي تكون الموضوعية والحيادية في الكتابة في أبهى صورها يفترض بي ألا أكون من "أهل الشقاق والنفاق"!

لا أنكر أنني فيما مضى كنت قد نشرت عدة مقالات هنا في هذه الزاوية، تضمن بعضها ومن بينها مقال عنوانه "ضريبة الدخل" نقدا بناء للحكومة، لكن أعتقد -وقد تؤيدني أو تعارضني في ذلك عزيزي القارئ- أن نقد الحكومة لما فيه خير الوطن أمر لا يتشابه في أي وجه من الوجوه مع النفاق السياسي!





  • 1 أحسنت القول + العمل موجود للمحتجين على سياسات الحكومة 23-12-2018 | 12:21 PM

    حولت العمالة الوافدة إلى بلادها في 4 سنوات (2014-2017) 12 مليار دولار حسب قاعدة بيانات البنك المركزي الأردني ولو بقيت هذه المبالغ الهائلة في يد المتعطلين عن العمل الأردنيين لعملت رواجاً اقتصادياً كبيراً ولما كان هناك شكات مرتجعة وغارمات في السجن، أمس رأيت بأم عيني عامل وافد حول 15 ألف دولار حصيلة وفره الصافي لسنتين خلاف ما حوله لزوجته وأطفاله قبل ذلك وهو غير ساكن عند والديه من المتعطلين الأردنيين!


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :