facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الفوضى الخلاقة


عصام قضماني
22-02-2019 12:25 AM

الأن تذكرت أين تعرفت أول مرة على مصطلح «الفوضى الخلاقة» كسلوك قبل أن تصبح دلالة سياسية .. إليكم القصة.

كنا صغارا في الصفوف الأولى , وكان ثمة مدرس للفلسفة , لم نستطع اليه سبيلا، كان يهيمن على الصف , بهيبته وسبره لغور أرواحنا الصغيرة وعقولنا الطرية حد السذاجة , فلا شغب ولا ضحك ولا شرود، ولا خربشة على الكتاب ولا أية كلمة خارجة عن النص فوق سطح الدفتر، بصراحة صدق فيه القول، تسمع صوت الإبرة إن وقعت على الأرض لفرض السكون المملوء بالخوف والرهبة .

كان مجرد خطأ كفيل بأن يجعل أحدنا «مسخرة» الصف , ليحمل معه على طول العمر لقبا يلازمه وهو غالبا ما يكون فكاهيا .

المهم كيف يمكن التغلب على مثل هذا المدرس , وأي ثغرة يمكن أن يجدها طلاب صغار بلا خبرة ولا دراية بالمؤامرات ولا بالدس .

حسنا , إتفقنا بمجرد أن يدخل هذا المدرس الصف أن نبدأ حديثا جماعيا وثنائيا مع طقطقات مسموعة للأرجل وإلتفاتات عشوائية للرؤوس، وبالفعل هذا ما تم , لقد أوجدنا بالصف فوضى من نوع أخر ، فوضى جماعية , تاه فيها المدرس وأفلت من يديه سلطة ضبط إيقاع الحصة , فهو لن يعاقب صفا بأكمله , ولن يدركه الوقت ليسبغ على جميع من في الصف ألقابا ولن يستطيع أن يوبخ الجميع فتاه المسكين و وكاد أن ينفجر , قبل أن يعلن تنحيه ويغادر طالبا فزعة مدير المدرسة , الذي قرر ترك الأمور , فكان أن ضحى بالمدرس بتغييره وكأن ما كان راق له , والبداية مع مدرس جديد , تغير كل شيء إلا نحن .

مدير المدرسة الذي قرر أن يتنحى المدرس , بقي في مكانه، الفوضى التي أنشأناها في الصف إستمرت , بل تصاعدت لأننا حققنا إنتصارا على الإنضباط والنظام الذي مللنا حكمه للصف، ذهب المدرس الى منزله متأسيا ليس على فشله، بل على فشلنا، الذي إكتشفناه متأخرا و النتيجة أننا رسبنا في هذا المادة جميعا إلا من رحم ربي، وربما عقدة مادة الفلسفة ظلت تلاحق معظمنا كمتلازمة الصداع النصفي , ما الذي تغير سوى الأسماء .

الأن عرفت ما هي الفوضى الخلاقة، فما قمنا به في تلك الحصة التي غيرت تاريخنا الدراسي، كان فوضى خلاقة، وما كان خلف هذا المدرس العظيم بضبطه لإيقاعنا كي نفهم الدرس بخير منه .

أصدقائي، ليست كونداليزا رايس صاحبة “الفوضى الخلاقة” بل نحن، من بدأها ومن إخترعها في مدارسنا وشوارعنا ومكاتبنا وبيوتنا .

فقدان للنظام والترابط، هزة تصيب مجتمعاً إنسانياً أو اضطرابات قبلية أو سياسية، فقدان الأمن، أليست هذه هي الفوضى الخلاقة، أنظروا من حولكم، نحن نمارسها يوميا .

الرأي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :