عمون - ناقش المنتدى الدولي للاتصال الحكومي الذي ينظمه المركز الدولي للاتصال الحكومي في دورته الثامنة، العوامل الأساسية التي تسهم في التأثير على البيئة والمناخ، ودور الإعلام والاتصال الحكومي في تغيير سلوك المجتمع تجاهها، والأثر الذي تلعبه القوة الناعمة في التصدي للكوارث والتحديات التي تمر بها الدول، كما تطرق إلى أسس التعليم المبتكر والاستراتيجيات التي يجب أن تنفّذ للوصول إلى أفراد متعلمين قادرين على قيادة المجتمع، وارتباط التفاؤل بإيصال رسالة الإعلام بشكلها الأمثل للمتلقي.

جاء ذلك خلال افتتاح أعمال اليوم الثاني من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي الذي ينظمه المركز الدولي للاتصال الحكومي التابع للمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، حيث شهد سلسلة حوارات تفاعلية افتتحها سعادة طارق سعيد علاي مدير المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، وشارك فيها كلّ من معالي الدكتور ثاني الزيودي وزير التغيّر المناخي والبيئة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وسعادة سعيد محمد العطر المدير العام لمكتب الدبلوماسية العامة في وزارة شؤون مجلس الوزراء والمستقبل أمين عام مجلس القوة الناعمة لدولة الإمارات العربية المتحدة، وسعادة الأستاذ الدكتور حميد مجول النعيمي مدير جامعة الشارقة، وميشيل جيلان باحثة وخبيرة في السيكولوجية الإيجابية.

وقال سعادة طارق سعيد علاي مدير المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة: "إن ما يطرحه المنتدى هو انعكاس لرؤية متكاملة تتبناها إمارة تتبع نهج صاحب السمو حاكم الشارقة في دعم المؤسسات والمجتمع والأفراد، وقد أكدتها مؤسسات الدولة عبر مشاركتها في المنتدى بجلسات وخطابات تفاعلية وفعاليات جانبية".
وأضاف مدير المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة: "اخترنا أن يكون المنتدى الدولي للاتصالِ الحكومي، التجمعُ الأكبر في المنطقةِ لمناقشةِ أفضلِ الممارساتِ العالميةِ في الاتصالِ الحكومي، ووضعِ جُملةٍ منَ الأهدافِ التي تكشِفُ رؤيتَهُ واستراتيجيتَهُ، فكانَ على رأسِ أولوياتهِ بناءَ منظومةٍ فكريةٍ جديدةٍ في هذا المجالِ بما يعززُ جهودَ المؤسساتِ الحكوميةِ والعاملينَ في قطاعِ الاتصالِ الحكومي على المستويين المحلي والعالمي ".

وتابع علاي: " إن ما يسعى إليه المنتدى أن تتحول كل الممارسات والأساليب والتقنيات التي يقدمها ضيوف المنتدى، إلى ممارسة فاعلة على أرض الواقع، تطبقها المؤسسات الرسمية في مختلف دول العالم، فقيمة الخبرات تتجلى في آليات استثمارها وتطبيقها".

واستهلّ معالي الدكتور ثاني الزيودي وزير التغيّر المناخي والبيئة في دولة الإمارات العربية المتحدة حديثه خلال الجلسة بالإشارة إلى أهم المؤثرات التي تسهم في التغيير المناخي، مؤكداً أن سلوكيات الاستهلاك غير المسؤولة والمستمرة أسهمت في الاضرار بالبيئة، لافتاً إلى أن كل تلك المظاهر التي تبدو على شكل موجات مختلفة حول العالم من زلازل وحرائق وموجات تسونامي وغيرها، ماهي إلا نتاج لكل تلك التصرفات السلبية التي تؤثر على المناخ والبيئة المحيطة وتمضي بها نحو التدهور والانحدار.

وتابع وزير التغيّر المناخي والبيئة في دولة الإمارات العربية المتحدة:" تمتلك دولة الامارات العربية المتحدة الكثير من النماذج الثرية في مجال الاستدامة، ولدينا تجارب طويلة في هذا المجال بالتعاون مع خبرات الدول العالمية بهدف حماية بيئتنا والحفاظ عليها من أجل أجيال اليوم والمستقبل، لذا اتخذنا خطوات مهمة وأصدرنا تشريعات تسهم في تحقيق التوازن وطرح الحلول الناجحة، ولمسنا استجابة كبيرة من قبل القطاع الخاص الذي أبدى استعداده للدعم والمساعدة في هذا المجال".

وأضاف الزيودي:" يلعب الإعلام دوراً كبيراً في توجيه الأفراد نحو تبني ممارسات إيجابية تضمن الحفاظ على البيئة وتحث على اتباع العادات الإيجابية تجاه المحيط البيئي باعتباره شريكاً استراتيجياً يمتلك أحد أهم الوسائل الفاعلة في بناء أنماط جديدة للمجتمع، كما أن الافراد أنفسهم يمتلكون قوة دفع كبيرة تقود إلى تعزيز المسؤولية في مجال الحفاظ على البيئة، ما يدفعنا لوضع خطط وبرامج تسهم في تغيير سلوك الأفراد باعتبارها واحدة من الاستراتيجيات الأساسية في الدولة".

من جانبه عرّف سعادة سعيد محمد العطر المدير العام لمكتب الدبلوماسية العامة في وزارة شؤون مجلس الوزراء والمستقبل أمين عام مجلس القوة الناعمة لدولة الإمارات العربية المتحدة: "بأن القوة الناعمة هي القدرة على التغيير، وقوة الجذب والاستقطاب التي تلعب دوراً مهماً في لفت انتباه العالم للثقافات والقيم الإنسانية وأساليب العيش للمجتمعات في دولة ما".

وأضاف أمين عام مجلس القوة الناعمة لدولة الإمارات العربية المتحدة: "رصيد الحكومات من السمعة الإيجابية يلعب دوراً فاعلاً في مواجهة الأزمات التي تمرّ بها، كما يسهم في بناء علاقات اقتصادية واجتماعية وثقافية مع مختلف الدول، وما حصل مؤخراً في نيوزلندا من اعتداء إرهابي يجعلنا أمام نموذج مثالي يدل على قوة الدولة الناعمة التي تمتلكها، فالمظاهر التي ترافقت ردّاً على الكارثة من مشاركة رئيسة الوزراء جاسيندا أردرن لعوائل الضحايا مرتدية الحجاب الرمز الديني للمسلمين، إلى وقوف الشعب النيوزلندي بتعبيراته ورقصاته التي تدل على قيم المحبة والإنسانية وتعديل الشعار الذي تعتمده الدولة ليرمز للتآخي والمحبة كلّ هذه المظاهر تشير إلى امتلاك الحكومة النيوزلندية لقوة ناعمة كبيرة تعدّ من أدواتها القوية داخلياً وخارجياً".

وتابع العطر": إن القوة الناعمة لا تتحقق بين لحظة وضحاها بل هي نتاج تراكمات عشرات ومئات السنين، حيث استطاعت نيوزلندا أن تُراكم وعلى امتداد سنوات طويلة رصيداً كبيرة من القوة الناعمة واستفادت منها من خلال المظاهر التي نلحظها سواء كانت من الحكومة أو من الشعب نفسه ردّاً على ما حصل".

كما استعرض الأركان التي تشكل القوة الناعمة وهي القيادة السياسية ودورها وحضورها الفاعل، والدور الذي يلعبه الإعلام في إيصال الرسائل المهمة وتوجيهها، والفنون والدراما التي تشكل نظرة الجمهور للدولة التي تنتجها، والدبلوماسية العلمية التي تتمثل في الجامعات والمعاهد والمراكز العلمية، بالإضافة إلى العمل الإنساني وهوية الدولة التي يجب أن تكون مؤثرة في الجماهير.

ولفت العطر إلى أن الدول الكبرى تستثمر بمليارات الدولارات من خلال الإعلام الموجه للجنسيات الأخرى، وتناول تجربة إذاعة صوت أمريكا التي تبث برامجها بـ 59 لغة، وتجربة محطة روسيا اليوم الأكثر مشاهدة على قنوات اليوتيوب.

وتحدث أمين عام مجلس القوة الناعمة لدولة الإمارات العربية المتحدة عن دور الفنون والدراما التي وصفها بأنها من أنجح التجارب لتمرير ثقافات الشعوب ورسائلها وقوتها الناعمة لما لها من قدرة على التعبئة الفكرية والثقافية، وأكد على أهمية توجيه الخطاب إلى الشعوب لأنها صاحبة القرارات الأكثر تأثيراً في اقتصاد وسياسات الدول إلى جانب أن الشعوب باقية لا تتغير كالحكومات على حد تعبيره.

ووصف العطر العمل الإنساني بأنه من أهم العوامل التي تؤثر إيجاباً في انطباعات الشعوب وتسهم في لفت الانتباه للدول، موضحاً أن الولايات المتحدة الامريكية تقدم دعماً انسانياً سنوياً يصل إلى 27 مليار دولار، وأن دولة الإمارات تعدّ الأولى عالمياً في مجال العمل الإنساني مقارنة بمعدلات الدخل، لافتاً إلى أن بعض الدول تمتلك الكثير من الانجازات لكنها لم تستطيع أن تروج لها بالشكل الصحيح.

من جهته استهل الدكتور حميد مجول النعيمي مدير جامعة الشارقة، حديثه بالإشارة إلى الدور الذي يلعبه المنتدى في تصدير الرسالة الحضارية والمجتمعية لدولة الإمارات العربية المتحدة وإمارة الشارقة، مشيراً إلى أن الحدث ينسجم مع ما تتميز به الإمارة من مكونات تعكس التراث الثقافي والفكري الإماراتي والعربي باعتبارها حاضنة للعديد من مكونات التميّز الذي جعلت منها نموذجاً يحتذى به على مختلف الصعد.

وأضاف مدير جامعة الشارقة:" عند تأسيسها استقبلت الجامعة 676 طالباً، واليوم تمتلك نحو 17 ألف طالب وطالبة ضمن حقول التخصصات المتنوعة التي تطرحها الجامعة بكلياتها، وهذه الزيادة المتصاعدة لعبت دوراً مهماً ساهم في إصدار صاحب السمو حاكم الشارقة لمرسوم يقضي بإنشاء واحة الشارقة للتكنولوجيا والابتكار- هيئة منطقة حرة، لتكون واحدة من الصروح العلمية الخاصة لإجراء البحوث العلمية التطبيقية لإنتاج تقنيات وابتكارات حديثة وجديدة، إلى جانب ما توفره من بيئة ملائمة للإبداع والابتكار، ودورها في تنمية المشاريع الاقتصادية المعرفية وإقامة شراكات مع جامعات ومؤسسات محلية وعالمية، فضلاً عن تشجيع الشركات والهيئات والمراكز العالمية على الاستثمار داخلها ووضع التشريعات الخاصة التي تسهم في انخراط الكوادر التعليمية والطلابية في إطلاق مشاريعهم الخاصة ما يسهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الإمارة".

وفي كلمتها الملهمة التي حملت عنوان "لغة جديدة لإعلام المستقبل" عبّرت ميشيل جيلان باحثة وخبيرة في السيكولوجية الإيجابية عن الدور الذي يلعبه الاعلام من خلال ما يبثه من مضامين وأخبار ومواد إعلامية في تعكير صفو المجتمعات أو إسعادها، لافتة إلى أن الكثير من وسائل الإعلام تبثّ أخباراً بشكل سلبي وأن 3 دقائق متواصلة من تلقّي تلك الأخبار تؤثر على الدماغ سلباً وهذا يجب معالجته والانتباه له.

وتابعت الباحثة في السيكولوجية الإيجابية: "يجب على جميع وسائل الاعلام العالمية أن تراعي المتلقي، وأن تقدّم له المواد التي تسهم في تغيير سلوكه نحو الأفضل، ولفت انتباهه لما يدور من حوله بأسلوب يخلو من المؤثرات السلبية، وهذا له أثر أيضاً على طبيعة العلاقة بين المعلن والمؤسسة الإعلامية لأن الإعلان عامل مهم وضروري لاستدامة الموارد للمؤسسات الإعلامية، فالمعلن يبتعد عن المنصات الإخبارية التي تبث أخبارها بشكل سلبي، لكنه في الوقت نفسه يرغب في الحضور ليقدم منتجاته في بيئة سعيدة تخلو من تلك التأثيرات".