facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أكاذيب بلا حقائق


يوسف غيشان
21-04-2019 01:07 AM

قال تشرشل ذات قرن: «الحقيقة ثمينة جدا، لذلك يتوجب أن نحميها بسياج من الأكاذيب». انتهى الاقتباس، ولم ينته اليأس من قدرتنا على الوصول الى الحقيقة متجاوزين السياج، لا بل الأسلاك الشائكة المتراكمة والمتداخلة من الأكاذيب المزروعة حولها، بعناية فائقة.

المشكلة لدينا في العالم العربي أننا قمنا فعلا ببناء الأسيجة حول جميع الحقائق- ربما لأننا لم نثق بالحقيقة يوما- لكن الذي حصل معنا اننا لم نعد نفرق بين السياج والحقيقة التي نحميها بداخله، وصار سياج الأكاذيب جزءا من الحقيقة المحمية ، وغدت الحقيقة جزءا من سياج الأكاذيب، ولم يعد بالإمكان التفريق بينهما

لم ينج شيء من الأكاذيب، لكن المشكلة في الأكاذيب انها كانت تبني أسيجتها حول الحقائق لمصالح شخصية لأفراد وشرائح اجتماعية وطبقات ، وهذه كانت تختلف من منطقة الى اخرى، ومن زمن لآخر، مما جعل الأسيجة تتداخل وتتقاطع، بحيث ضاعت الحقيقة تماما عن الجميع.

لذلك نجد تاريخنا العربي المروي يختلف ويتناقض بين مؤلف وآخر وبين منطقة واخرى وبين عقد وآخر وعصر وآخر ، لكأن كل واحد منهم يتحدث عن شعب آخر وعن أزمنة اخرى وأمكنة اخرى . حتى الأديان قمنا بتغليف حقائقها بغابات من الأكاذيب التي تناسب مصالحنا الدنيوية الآنية، ثم تتغير تلك الأكاذيب بتغير تلك المصالح متى ارتأت مصلحتنا ذلك.

ببساطة نحن نعيش في مستنقع من الأكاذيب، صنعناه بأنفسنا، مستنقع مليء بالأعشاب والطفيليات التي تجرنا دوما الى الأسفل ، ناهيك عن الأفاعي والهوام والحشرات التي تفتك بنا دون ان نستطيع منها فكاكا أو هربا، لأننا مقيدون بأكاذيبنا.

قال ونستون تشرتشل ما قاله في بداية المقال، حول سياج الأكاذيب الذي يحمي الحقائق، من اجل مصلحة بلاده ، وبالتالي نجح في حمايتها خلال حربين عالميتين، كان في الأولى وزيرا للحرب وللمستعمرات ، وفي الثانية رئيسا للوزراء.

أما نحن فلم ننجح الا في تضييع الحقيقة تماما ، وتضييع إمبراطوريتنا ، وتحويلنا، من شعوب أنشأت وبنت حضارة انسانية عظيمة، الى شعوب قابلة للاستعمار والاحتلال والهيمنة من قبل الآخرين.
تشرتشل كان يكذب لمصلحة وطنه ، وهناك من يكذب ليدمر أوطانه.

هللويا

الدستور





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :