facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




المناطق الاقتصادية الخاصة والاستثمار فرص وتحديات


د. سامر إبراهيم المفلح
20-07-2019 09:52 PM

أشار تقرير الاستثمار العالمي للعام 2019 والذي تم إطلاقه مؤخرًا والصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) بتراجع وتيرة الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم إلى 1.3 تريليون دولار في العام 2018 مقارنة مع 1.5 تريليون دولار في السنة السابقة، وهو الانخفاض الثالث على التوالي خلال السنوات الماضية، وأقل مستوى من الاستثمار منذ الأزمة المالية العالمية.

وكان الانخفاض في حجم الاستثمارات الأجنبية لاقتصادات الدول المتقدمة كبيرًا إذ بلغ حوالي 27% في العام 2018 مقارنة بالعام 2017، أما الدول النامية فقد شهد الاستثمار الأجنبي المباشر فيها تحسنًا طفيفًا وبنسبة نمو بلغت 2%، كما شكّلت الاستثمارات في الدول النامية ما نسبته 54% من مجموع الاستثمارات الأجنبية المباشرة على مستوى العالم والتي تعتبر نسبة غير مسبوقة.

وفي الأردن شهد الاستثمار الأجنبي المباشر في العام 2018 تراجعًا ملحوظًا بلغ ما يقترب من 53% مقارنة بالعام 2017، حيث كانت وتيرة الانخفاض مرتفعة مقارنة مع إجمالي الانخفاض الحاصل في الاقتصادات المتقدمة، وعلى عكس إجمالي الدول النامية، وأيضًا على عكس دول غرب آسيا التي حققت بالمجموع نموًا بلغ 3% في حجم الاستثمارات فيها والذي وصل إلى 29 مليار دولار، وقد استطاع الأردن استقطاب ما يقترب من 1 مليار دولار منها.

ويرجح أن أحد أهم أسباب التراجع في الاستثمارات الأجنبية المباشرة حول العالم هو العودة الكبيرة للاستثمارات الأجنبية المتراكمة إلى الولايات المتحدة الأميركية من قبل الشركات العالمية عقب الإصلاحات الضريبية التي قامت بها الولايات المتحدة، وبدأ تطبيقها مع نهاية العام 2017، مما يدلل على أهمية وفعالية الإصلاحات الضريبية في تحفيز الحركة الاستثمارية وأثرها السريع في ذلك.

ويعطي تقرير العام 2019 أهمية خاصة لدور المناطق الاقتصادية الخاصة "Special Economic Zones" كوسيلة لتحفيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وقد تشمل المناطق الاقتصادية الخاصة أشكالًا متعددة من أهمها المناطق الصناعية، والمناطق الحرة، كما تعتبر المناطق الاقتصادية الخاصة شكلًا من أشكال المناطق التنموية، وقد تكون المناطق الاقتصادية الخاصة ثنائية تستقطب مستثمرين من دولتين أو ثلاثية أو متعددة الجنسيات، كما أنه قد تكون مدارة من قبل الحكومة أو القطاع الخاص.

وبحسب تقرير الاستثمار فقد بلغ عدد المناطق الاقتصادية الخاصة عالميًا ما مجموعه 5400 منطقة في 147 دولة شملتها الإحصائية، بينما كان العدد 4000 قبل 5 سنوات، ويوجد اليوم 500 منطقة تنموية خاصة قيد الإنشاء، والذي يعكس التنافس الكبير بين مختلف دول العالم من أجل إنشاء منصات لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

كما يشير التقرير إلى أن المناطق الاقتصادية الخاصة آخذة بالتغير بحسب أنماطها من الأشكال التقليدية والتي تشمل المناطق الحرة لتنشيط التبادل التجاري، والمناطق الصناعية التي تشجع التنمية الصناعية والتشغيل، لتشمل أشكالًا جديدة من المناطق الاقتصادية المتخصصة في مجال الريادة والابتكار، أو المناطق المتخصصة قطاعيًا مثل قطاع التكنولوجيا الفائقة، البحث والتطوير، الخدمات المالية، الخدمات السياحية، البيئة والتكنولوجيا الخضراء، وقطاع التجديد الحضري أو غيرها من القطاعات.

ومن الناحية النظرية فإن المناطق الاقتصادية قد تساهم بشكل كبير في زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وخلق فرص العمل، وتطوير الصناعات والخدمات، والتنوع الاقتصادي، وزيادة مساهمة اقتصاد الدولة في سلسلة القيمة العالمية، مما ينعكس إيجابًا على النمو الاقتصادي والتنمية، إلا أنه لا يوجد ضمانات بأن تحقق المناطق الاقتصادية الخاصة أهدافها لتكون قصة نجاح، ففي الكثير من الحالات تكون معدلات النمو للمناطق الاقتصادية الخاصة بعد بنائها قريبة جدًا من معدلات النمو في الدولة، وقد تفشل أيضًا هذه المناطق في توزيع مكتسبات التنمية خارج حدودها.

وهناك مجموعة من التوصيات من أجل تحسين فرص نجاح المناطق الاقتصادية الخاصة في تحقيق أهدافها، من أهمها أن يكون هناك إطار ونظرة استراتيجية عند تصميم وإنشاء المناطق الاقتصادية لتراعي الواقع المحيط بهذه المناطق داخل الدولة كالسياسات المتعلقة بالاستثمار، والهيكل الضريبي، والنشاط التجاري فيما يرتبط بالاستيراد والتصدير، كما يجب أن تبني هذه المناطق على الميز التنافسية المتوفرة، ويوصى بأن يكون بناء وتشييد هذه المناطق بشكل يراعي استدامتها المالية بحيث لا يصبح مكلفًا بشكل كبير، إذ إن الدعم المالي الحكومي المستمر أو المبالغة في المواصفات قد يقلل من الجدوى المالية لهذه المناطق.

ومن المهم اختيار موقع المناطق الاقتصادية الخاصة بتمعن لتكون قريبة من البنية التحتية، مما سينعكس على كلف تشييدها، كما يجب أن تتكامل المناطق الاقتصادية الخاصة مع تجمعات أو عناقيد الأعمال"Clusters"، والبرامج (كبرامج التدريب مثلًا)، والموارد المتاحة من حولها داخل وخارج المناطق الاقتصادية، ومن عوامل النجاح الحاسمة أيضًا وجود إطار تشريعي متين، ومؤسسات قوية، وحاكمية جيدة مرتبطة بتنظيم هذه المناطق.

اليوم يوجد في الأردن مختلف أنماط المناطق الاقتصادية الخاصة على شكل مناطق اقتصادية ومناطق تنموية، ومدن صناعية، ومناطق حرة عامة وخاصة موزعة على مختلف المحافظات، ومن المحبذ تقييم التجربة ومساهمتها في النمو الاقتصادي، كما يتوجب أن تستمر الممارسة المتبعة حاليًا في المملكة بمواكبة السياسات والممارسات العالمية الفضلى عند إنشاء المناطق الاقتصادية الخاصة، ومستقبلًا يمكن التوسع في إنشاء مناطق اقتصادية متخصصة قطاعيًا، مع توفير وتطوير الإطار التشريعي والإجرائي الذي يسرّع الاستثمار في تلك المناطق ضمن أطر الحاكمية الرشيدة التي تحفظ حقوق مختلف أصحاب المصالح.

فمثلًا إذا تم التفكير مستقبلًا بإنشاء منطقة تنموية سياحية في جرش لتبني على الميز التنافسية للموقع الأثري الفريد الموجود فيها، فيمكن العمل على تطوير التشريعات المرتبطة بالسياحة، والآثار العامة، التنظيم الحضري وغيرها من التشريعات القائمة أو التي سيتم استحداثها، بحيث يكون الهدف تسريع حجم ونوعية الاستثمارات في تلك المنطقة وبطريقة تضمن حماية الموقع الأثري بالشكل السليم، وتطويره من أجل تحقيق عوائد للدولة والمستثمر، مع الحفاظ على مكتسبات المجتمع المحلي وتنميتها في تلك المنطقة.

إن الاستثمار الأجنبي المباشر يشكل فرصة حقيقية لزيادة النمو الاقتصادي، ويتوفر اليوم تراكمات من الخبرة النظرية والعملية في مجالات استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتي يتوجب البناء عليها للتجاوب مع التحديات الاقتصادية القائمة، خصوصًا أن تقرير الاستثمار العالمي يتوقع زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر حول العالم بنسبة 10% ليصل إلى ما يقرب من 1.5 تريليون دولار مع نهاية العام 2019.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :