facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأسطورة والمقدس


د. صباح حراحشة
05-01-2020 02:46 PM

أجمل الحكايات كانت أسطورية ابتدعها العقل البشري بطريقة معينة تحدى من خلالها قدراته البشرية، ولكن رحلة البحث عن الإله اتخذت طابعا أسطوريا خاصا منذ الأزل تبلور في تصور قدرات إلهية تتفوق دائما على قدرات البشر، وإذا حدث وأن تطورت قدرات الإنسان بحيث لم تعد قدرات تلك الآلهة خارقة بالنسبة لها، استبدلها الإنسان بآلهة جديدة ذات قدرات عجائبية أكثر تجعله يقف عاجزا صغيرا أمامها ليعطي نفسه مبرر تبعيتها والخضوع لها.

تعاظمت صفات الآلهة عبر العصور وحافظت على تفوقها وتحديها لقدرات الإنسان حتى اهتدى هذا الإنسان إلى الإله العظيم الأزلي الكلي القدرة الكامل الذي لا يدركه عقله ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تدركه قدراته الجسدية فرضخ أمام هذه القوة اللامتناهية فعبدها وقدسها ولكن حتى فكرة الإله العظيمة هذه لم تكن فكرة مسلما بها لدى فئة كبيرة من بني الإنسان الذين أنكروا وجود هذا الإله ولا يزالون يبحثون عن تفسير أسطوري جديد يقدسونه ويتحدى القدرات الحالية لبني الإنسان.

المثير في الأمر أنه على الرغم من وجود هذه الفئة من البشر لا تزال تبحث عن مزيد من الإعجاز في تفسير الوجود الإلهي إلا أنه يوجد في المقابل وعلى مر التاريخ فئة آمنت بآلهة أقل قدرة وقيمة من بني الإنسان كالطيور أو البقر أو ما شابه ذلك لأن ذلك الإنسان ببساطة أعطى هذه الآلهة صفات أسطورية وأحاطها بقدسية معينة تناسب الظرف الزماني أو المكاني الذي أحاط بها.

لكن ما هو التفسير الذي يمكن أن يعطي معنى لفكرة تأليه الإنسان لأخيه الإنسان وكيف يجعل منه أسطورة مقدسة وهو يعلم تماما ما هي حدود قدراته العقلية والجسدية؟ هذه الفكرة تتجلى بشكل واضح في تأليه الحكام، وهي تسيطر على شعوب أكثر من سيطرتها على شعوب أخرى تبعا لدرجة تقدم هذه الشعوب وتحررها الفكري والاقتصادي وتقدمها العلمي ونراها للأسف تتجلى في البلاد العربية التي تقدس حكامها وتحيطها بصفات أسطورية عجيبة، ولكنها في ذات الوقت تتمنى زوالها بطرق أسطورية عجيبة أيضا.

في منطقتنا العربية التي تنزلت فيها الأديان السماوية الثلاث وبعث فيها أكبر عدد من الأنبياء، لا تزال الشعوب بحاجة إلى مرشد دائما وكأن كل هذا العدد من الرسالات والأنبياء لم يكن كافيا لجعلها شعوبا راشدة، فها هي تتذيل قائمة شعوب العالم وتقف عاجزة عن حل أبسط مشكلاتها وكأنها لا تملك إلا الدعاء بأن يرسل الله لها مخلصا جديدا يحمل معجزات جديدة قادرة على رفعها سياسيا واقتصاديا وعلميا وحتى أخلاقيا، على الرغم من أن هذه الشعوب تعلم تماما أنها تلقت آخر الدعوات السماوية وبعث الله فيها خاتم الأنبياء والمرسلين إلا أن ذلك لم يحثها على العمل بل دفعها للبحث عن نماذج أسطورية جديدة لتقديسها فتعلقت بفكرة المهدي المنتظر أو المخلص الجديد الذي سيقوم بكل الأعمال نيابة عنها.

متى سيتوقف الإنسان العربي عن تأليه وتقديس الأشخاص والأشياء، ومتى سيتوقف عن صنع آلهة أسطورية جديدة ليعبدها ومتى سيعمل على حل مشكلاته بطرق عملية كباقي شعوب العالم ومتى سيؤمن حقا بفكرة الإله الكلي القدرة الذي تصغر أمامه كل القوى والقدرات الإنسانية الزائلة؟





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :