facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ديوان الخدمة وفلسفة الحوار


الدكتور مالك زريقات
28-02-2020 06:58 PM

إيمانا بضرورة الإنخراط في أحداث الوطن وأوجاعه وأهمية تفعيل المواطنة الصالحة في كل إتجاه وعلى كافة المستويات، نجد لزاما علينا أن نتعرض في مقالنا هذا لما يدور حول كارثة المتعطلين عن العمل وسياسة ديوان الخدمة المدنية في إحتواء المشهد. فمازالت تجتاح أسماعنا حتى اللحظة مفردات وضوضاء "الحوار" المحتدم بين ديوان الخدمة المدنية و المتعطلين عن العمل، ومازلنا نشاهد يوميا الكثير من المقاطع المتلفزة أو المصورة من أمام مبنى ديوان الخدمة المدنية والتي توثق ما آلت إليه أحوال المتعطلين عن العمل وطريقة تعامل ديوان الخدمة مع مطالبهم. وبقراءة متأنية للمشهد، يمكن الولوج إلى حقيقتين دامغتين متعلقتين بطبيعة ذاك الحوار ومخرجاته: أولا، ديوان الخدمة غير قادر على فلسفة المشهد وبالتالي يبدو غير جاد في إعطاء الحق لأصحابة. ثانيا، لا يوجد في جعبة ديوان الخدمة أية حلول ناجعة لكارثة البطالة القائمة والمتعاظمة.
أما فيما يتعلق بالفلسفة المتواضعة لديوان الخدمة، فلا بد من الإشارة إلى أن إستمرار إعتراض المواطنين على سياسات وقرارات وتصريحات ديوان الخدمة لدليل قاطع على عدم قدرة تلك المؤسسة على الترويج لوجهة نظرها أو إقناع المواطن بها. وهذا مرده لعدة عوامل أبرزها متعلق بسطحية الخطاب الموجه من ديوان الخدمة للشارع وإفتقاره لكل عناصر الإقناع. فعلى سبيل المثال، يبرر ديوان الخدمة قراره بإلغاء طلبات التوظيف لمن بلغ الثامنة والأربعين متذرعا بحاجة الجهاز الحكومي للدماء الجديدة الشابة، وفي الوقت ذاته يحاول ذات الديوان المدني شرعنة التمسك بمن بلغوا من العمر عتيا، مناديا بأهمية خبراتهم وندرتها. لربما يخشى ديوان الخدمة أن تسقط السماء علينا كسفا إذا تم الإستغناء عن مثل تلك الخبرات! ومعه كل الحق في ذلك، وله شكرنا الموصول على هذا الموقف النبيل! كذلك، يطل علينا ديوان الخدمة مصارحا بعدم قدرة المؤسسات الحكومية على إستيعاب الأعداد الهائلة من طالبي الوظائف، ولكنه يفشل في إقناع أحد بعلاقة هذه الحقيقة بمشكلة البطالة. وكيف يقنعهم وهو يباغتهم بين الفينة والأخرى بإستثناءات مهولة ما أنزل الله بها من سلطان؟ ومما يزيد الجرح إيلاما، أن تلك المؤسسة المرموقة تعجز عن إبراز علاقة قراراتها وسياساتها المتشعبة بأية مصلحة وطنية تُذكر؛ لا بل وتطل علينا يوميا مرددة لحن تطبق التشريعات وعدم مخالفة التعليمات. هل غاب فعلا عن أذهان أرباب القرار في ديوان الخدمة أن التشريعات والتعليمات موجودة أصلا لخدمة الوطن والمواطن وليس لتعجيزهما؟ أم هل غاب عن أذهانهم أن المواطن هو الوطن، وهما روح وجسد؟
أما بالنسبة لغياب الحلول الناجعة لمشكلة البطالة عن بال ديوان الخدمة، فنردها الى عقم الكثير من السياسات الإدارية والبروتوكولات المتبعة في ديوان الخدمة والتي لم تعد صالحة لشيء سوى مداراة الضعف الإداري وغياب الرؤية المطلوبة عند بعض القائمين على إدارة ملف التوظيف الوطني. أما آن الأوان للإعتراف بإنخراط ديوان الخدمة المدنية ولو بشكل غير مباشر بإجهاض أحلام الكثيرين وإلقائهم في غياهب اليأس والإحباط؟ أما آن الأوان لمصارحة تلك المؤسسة العتيدة بحقيقة أنها لربما قد آلت فعلا لوثن يمقته الكثير من أبناء الوطن المتعطشين لخدمة أردننا والإسهام في نهضته؟
يزعجنا حال ديوان الخدمة وطريقة تعاطية مع الشارع بطريقة التحدي ومبدأ اللامبالاة؛ كما ويزعجنا أنه دفعنا لأن نربط سياساته ونهجه الحالي باليأس الرابض في قلوب الكثيرين من أشبال الوطن. وليقيننا بعدم جدوي الحوار الجاد مع الكثير من نبلاء تلك المؤسسة وأربابها، نزف إليهم بشرى إمكانية الإعتماد على إشاعات الظروف الجوية والكورونية المرعبة لإخماد الشارع -ولو بشكل مؤقت- والمماطلة في إحداث أية تغيرات مستحقة في فلسفة ديوان الخدمة وتمرير المزيد من الإستثناءات المستحقة- من وجهة نظر البعض.
وأنتم يا أصحاب الحق وأهل الألم من أبناء الوطن الغالي والمحرومين من العمل، فليس لمثلنا إلا أن نتمنى لكم التوفيق في مسعاكم. كما ونشكر لكم تضحياتكم في سبيل كل الأجيال القادمة، ونتمنى عليكم أن لا تمقتوا سنين عمركم الممتدة حتى الثامنة والأربعين، فمازال هناك جذوة من أمل. فسيدنا زكريا رُزق طفلا وإمرأته عاقر وقد بلغ من العمر عتيا. جميعنا يصارعنا الزمن وجمعينا نتألم من نقر خطاه في قحف جماجمنا، لكن الأمل وهو الثبات هو ما يبقينا دوما على قيد الحياة- وإن كانت تعيسة حقا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :