facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




وحيدون ..


محمد رفيع
05-07-2007 03:00 AM

الوحيد هو فريسة مجتمعه. أيّاً كان هذا المجتمع. سواء اختار الوحيد وحدته راغباً، أو وقع فيها.

للوحيد وجوه كثيرة. وللوحدة أشكال أكثر.بحديث الوحيد عن وحدته تُستدرج الشفقة. وبتعميمها، يمتدّ ظل جاذب لظاميء العطف والحنان. هكذا، افرزت الثقافة الأوروبية الوحدة ، قبل أكثر من مئة عام. فصارت الوحدة صيغة عيش رومنسي تائه، ووسيلة لإغراء النساء أيضاً.

بالحداثة الشكلية، التي اخترقت المجتمعات، تحولت الوحدة إلى طاعون مقيم. تساقطت كل جاذبيتها، كأوراق خريف. واستحال الوحيد ووحدته إلى مصدر نفور، أو شماتة أحياناً. فمشهد من فاته قطار العمر، الذي احتل الفكرة كلها، لم يعد يغري أحداً. حتى ولو بدافع التحسر.

بالتعبير الفردي الحرّ عن الرأي، تم ابراز الفارق بين النظام الديمقراطي وبين النظام الاستبدادي. وبهذا البريق الحر ، اختفى الطاغية الفرد في النظام الغربي، وتحول إلى مؤسسات، أو تخفى بها.

الوحيد، في مجتمعات الاستبداد، يمارس ضياعاً نفسياً لا محدوداً، وانسحاقاً مرعباً تحت آليات القمع. والوحيد، في مجتمعات الديمقراطية، يمارس نزقاً هو أقرب إلى الترف منه إلى الضياع النفسي.

الفريسة، في المجتمعات الديمقراطية، استطاعت التعبير عن ذاتها في عمل أدبي، أو لوحة تشكيلية، أو قطعة موسيقية. أعمال اختار لها طغيان المؤسسات هناك اسم ابداع . فصارت هذه الانفجارات اشكالاً للـ فرجة ، بعد قطع العلاقة بين العمل وصاحبه الوحيد. فلا عجب، ان السيرة الذاتية لمعظم المبدعين الغرب هي سير مأساوية، ينظمها خيط الوحدة.

أما الفريسة، في مجتمعات الاستبداد، فلم تستطع ايجاد مخارجها، إلا بمقدار ما وظفتها أجهزة استخبارات الاستبداد لمهام أخرى. وهنا، تأتي محنة ما يسمى الابداع في مجتمعات الطغيان: لا وحيدون حقيقيون. بل ظلال لهم. ولا مجتمعات تعترف بهم كـ فرائس لها. إلاّ بمقدار حاجة الحائط العاري الى لوحات زينة. ولا بأس من الرداءة. فالاطار الثمين كفيل باخفائها، او باعادة تظهيرها على انها اختلاف مجنون أو مغامر.

في مانهاتن - نيويورك ، وما ان ينتهي وسط المدينة نحو الشمال، حتى تمتد صورة عملاقة للثائر اللاتيني جيفارا . لوحة جدارية تحتل واجهة لعمارة هي شبه ناطحة سحاب. صورة لجيفارا، ليس بصفته ثائراً أممياً، بل بصفته شكلاً لنمط عيش مغامر وجذاب. هو ذاته، أو شبيهه، نمط العيش الأخرق لوحيدي المجتمعات الديمقراطية. ولا ينس اصحاب الفكرة تزيين الشكل بدعاية لمشروب الفودكا الروسي، المعاد تصنيعه وتسويقه، أو بعبوة بيرة البودوايزر المعاد انتاجها.

وحيدون وأقدار طموحة. أقدار لها أصحاب آخرون. هم أنفسهم من يساعدنا على ايذاء انفسنا، حين يكون في ذلك مصلحة لهم. اما نحن، فقد غادرنا الرجاءات كلها، او غادرتنا، في ان تصبح الحياة في بلادنا منتجة للحياة..!؟

Fafieh@yahoo.com






  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :