facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تهيئة الفكر لصعود الحرية .. (6)

جياد آدم
15-07-2007 03:00 AM

نقد ومراجعة من تغذية راجعة ثانية ً.. في ردودهم وتعليقاتهم التي أثـْرت الحوار على المقالة السابقة ...جاءت جملة من معان مهمة تستحق التوقف عندها ومناقشتها مجددا.. وإذا كنا نذهب إلى أن الفكر وآلته "العقل" هو المسؤول الأول عن أي واقع جيد أو رديء.. فكان من المنطق والصواب الاتجاه له - أي الفكر - لنقده وتهيئته ليكون بمستوى الصعود للحرية .. وباعتبار أنه إذا أردت أن تغير شيئا عليك أن تغير النظرة له والتفكير فيه. وهو معنى : " ....إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم... الآية " أي عقولهم وتفكيرهم ..و إلا ، فإذا كنت تعتقد أن هذا الشيء هو ما تريد فكيف تتخلى عنه أو تغيره ؟ وبتعبير آخر نقولها : " نِصف الاستقامة معرفة العِوج" أو إدراكه.

عدد من المحاورين الأفاضل أشار إلى أن احد أهم أسباب السمة الجزئية للعقل العربي التي اشرنا إليها في المقالة المشار إليها .. والمحدودية التي تلازمه وتجعله منشغلا دوما بذاته واحتياجاته الآنية لتصبح منظارا يرى الدنيا من خلالها - هي برأيهم أن تلك المُلحات من الحاجات تضغط على ذلك العقل وتأسره دائما بجاذبيتها رغما عنه ولا تتيح له ما هو أبعد وأكثر عمقا وعمومية منها. . مستدلين على ذلك بسلم أو هرم ماسلو للحاجات مثلا*.. وأجدها فكرة جديرة بالتوقف عندها ومناقشتها .

قد نتفق مبدئيا بخصوص سلم الحاجات والأولويات ودورها في توجيه التفكير وجهة ما وجعله محدودا بحدودها ، ربما وإلى حد ما ، لكن رغم الاتفاق جزئيا مع ماسلو وسلمه .. ربما تكون لي رؤية ما تتعلق بالسياق الذي يخصنا كعرب وتطبيق سلم ماسلو على هذا السياق تحديدا .. وكيف أن العقل هنا قد أدمن مع مرور الوقت وطول الضغط أن يبقى أسير تلك الحاجات حتى لو حققها واكتفى منها.. مما يجعلنا نضع مع سلم ماسلو سلما أو سلالم أخرى ؛ سلم الاستبداد .. وسلم ترويض العقل على أن يظل محدودا بإدمانه هذا النمط من التفكير ..وسلم الأحوال العرفية .. وسلم أمن الوطن والدولة العربية الذي يربط كل شيء به ويؤجل كل شيء لأجله حتى أن اسرائيل مثلا وهي دويلة خاضت حروبا طاحنة وواجهت أمة بأسرها وانتصرت عليها دون أن تؤجل ولو ليوم واحد الديموقراطية أو تعلن الأحكام العرفية بذريعة ظروف البلد أو أمن الدولة!

وبذا لا نستطيع أن نحيل سمة جزئية العقل العربي ومحدوديته على انشغاله بالملح من الحاجات تماما .. إذ حتى لو اكتفى الإنسان العربي في ظل السياقات القائمة من الحاجات الأولية .. فقد طُبّع على نمط من التفكير المحدود والآني أدمنه وبات أسيره .. بل وحتى إذا فكر للانتقال لمستوى أعلى من التفكير تجده ينتقل لما هو متاح مما يتساوق مع ما هو استبدادي .. ومع ذلك الأسلوب من التفكير الذي أدمنه .. بالتالي يظل أسير تلك الحالة . لذا علينا أن لا نركن لهذه المقولة بالكامل أو نحيل سمة الجزئية والمحدودية في العقل العربي عليها تماما . ورغم أهميتها وأثرها الذي لا ننكر.. لكن علينا أن نبحث معها عن علل أخرى.

وجزء من مهمة وهدف هذه السلسلة من المقالات هي أنها محاولة لوخز وإيقاظ العقل وتنبيهه لتلك الحالة التي تلبسته واعترته كي لا يوغل أكثر في الأسر والاستكانة لها وإدمانها ويبقى مدركا لسمتها المرحلية. ولندله أو نحاول على علل أخرى غير علة العوز والحاجة .

ولاهتمام بالعقل هنا يأتي باعتبار العقل آلة الفكر .. فلا يمكن أن نهيئ الفكر لصعود الحرية ما لم ننعش العقل ونصلحه كآلة لإنتاج الفكر ونوجهه للطريقة التي ينتج بها فكرا قائدا للصواب .. صاعدا أدراج الحقيقة والحرية والتقدم ؟ من هنا كان علينا أن تصطدم بذلك العقل ونواجهه بتلك الحقائق الصادمة وإن شئت المنعشة من غفلته والمنتشلة له من سردابه.

صحيح أنه في الغالب- إلا ما ندر وهو استثناء - أن الإنسان الجائع أو الخائف لا يستطيع أن ينتقل لمرحلة الفكر الأعلى من القوت أو ما هو بمستواه من حاجات .. وبالتالي القدرة على الاشتغال بقضايا يشترك بها مع الآخر .. أي لأهداف أعلى وأسمى من تلك الحاجات..لكن هذا الحكم بدوره نسبي .. فقد يؤجل الإنسان أحيانا حاجاته الخاصة أو يقتصر على الحد الأدنى منها ويؤثر عليها الانشغال بالتفكير بما يشترك غيره فيه معه .. رغم كونه غير مكتف ذاتيا من تلك الاحتياجات ..لكن إدراكا منه لحقيقة أن تلك الخصوصيات والاحتياجات الذاتية ستتحقق له بشكل أفضل إذا هو أنجز تلك العموميات.. وإلا لو كان لدى ماسلو كل التعليل فيفترض إذا أن الشعوب التي حققت مستوى دخل وأمان معيشي جيد أن يرتفع مستوى التفكير لديها ويتجاوز بطابعه تلك السمات الملحة والجزئية لكن هذا ما لا نلمسه؟ مما يدعونا أن لا نحيل كل الظاهرة تماما على ماسلو؟ ونبحث لها عن علل أخرى.

مثلا ثمة شبه إدامة وإدمان مبرمج لحالة الاستغراق في المُلحات.. في شبه الهاء متعمد وطويل الأمد يُحدث بدوره مع التكرار إدمانا على طريقة تفكير معينة وينعكس على طبيعة العقل والفكر ذاته على المدى الطويل .. بحيث حتى لو حقق الإنسان تلك الاحتياجات البسيطة والأولية واكتفى لا ينتقل لتلك المرحلة التي يفرغ بها من ذاته واحتياجاتها ويبدأ يفكر باحتياجات أعم يشترك بها مع الآخرين كالحرية والمشاركة والإحساس بالاستبداد وثقله ..الخ . وكأنما كان ذلك شبه تمرين وترويض ممنهج جعله أدمن تلك الحالة وأسر العقل في وثاقها فلم يعد قادرا أن يفلت منها أو يتصور أنها من مخلفات مرحلة فرغ وانتهى منها ..متقوقعا على أغراضه الخاصة حتى لو لباها واكتفى.. بل وحتى لو فكر بحاجات أعلى تكون هي الحاجات والمسموح بها والمتاحة من قبل الاستبداد كالبذخ والوجاهة وتوظيف تلك الوجاهة في خدمة الاستبداد وعقد صفقة معه ضد العقل والحرية إلى ما هنالك من أغراض محدودة لأنه غدا عقلا مُغتَصبا ومضبوعا فلا يمكنه أن يكون إلا محدودا وآنيا وساذجا ..بل ولا أبالغ لو قلت ومتآمرا على ذاته وعلى من يريد أن يطلقه من عقاله .. تماما كحالة العبد سليل العبيد وربيب العبودية يرفض حريته ويخاصم من يدعوه إليها ويصطف مع آسره على نفسه لأنه لم يتعود أن يحيا بدون سيد متبع مطاع بل ويحس بالضياع لو تخيل نفسه بلا سيد!!

هنا .. هذه السلسلة في جزء من مراميها هي "محاولة" للفت انتباه العقل لهذا النفق والشرنقة كي لا يتورط في تيارها الجارف ويبقى متيقظا من أن تأسره في سردابها.. وأن يظل على حذر ومسافة منها وفي ذهنه أن ما هو فيه هو الحالة المؤقتة والعابرة وغير العادية التي عليه العمل ذائبا للخروج منها والتعامل معها بصفتها المرحلية.. وليس التوافق معها والتطبع عليها كما لو كانت أصلا ودائما .

وهي – أي هذه السلسلة من المقالات- محاولة رغم اعترافها بالضروري والمُلح وأهميته والذي إن لم يتوفر لم يستطع الإنسان العادي الذي هو الغالبية المؤثرة أن يفكر بغيره ويصعد على السلم لسواه ربما ؟- لكنها بنفس الوقت في جزء من أهدافها صيحة في العقل أن لا يأسره ذلك الضروري ويدخله نفق الإدمان والمحدودية ليغدو طابعا له وسمة دائمة غالبة عليه حتى لو أنجز ذلك الضروري من الحاجات وفرغ منه.. وهي بنفس الوقت- أي هذه المحاولة - في جزء آخر من أهدافها ولكي تكتمل حلقتها هي بمثابة نقد وتعرية لذلك الإلهاء المستمر والمبرمج بكشفه والتنبيه له وتحذير العقل منه بصفته شَركا خفيا .. وتحذيره من قدرته بصمت على تحويل مسار العقل وحبسه على تلك الحاجات منذ قرون حتى انعكس على خصائص ذلك العقل والتفكير ذاته ..درجة أدمن معها نمطا من التفكير المُلح والجزئي في كل أحكامه حد الظلم لنفسه وسواه. وهذا تلمسه حتى في أحكام الناس اليومية خلال تعاملك معهم .. وهُم ليس بالضرورة من العوام بل أحيانا من النخبة والمثقفين حتى.. أحكام في منتهى الظلم والقسوة والاجتراء على الحقيقة .. إلى أن غدا ذلك سمة غالبة على العقل وخاصة من خصائصه في شبه انتهازية عبودية وسيكولوجية مشوهة ومضروبة .

هنا نحاول بإلحاح تذكير العقل بتلك السمات التي ربما غدت جزءا من عقله الباطن لا يدركها إلا بأن يأتي من يحفر في باطنه ويدله عليها .. وكي لا يقع أسيرا لذلك الشرك المعد بعناية.. ويبقى على أهبة الاستعداد له متذكرا دوما أن تلك الحاجات والملحات ليست هي كل ما يمكن للعقل أن ينشغل به ويحتله ويدمغه بدمغته ويسمه بوسمه الآني والمحدود.

http://blacksteed.jeeran.com/reform/
jeaad@yahoo.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :