المشهد ااه كل يوم, ذلك المواطن التونسي الذي حول الشارع العريض الى مسرح ينبض بالحياة في منتصف الليل. قد تظنه مشهدا من مسرحية بطلها واحد, حمل الصمت حرفته في الاتجاهات الاربع, يبدو وحيدا تحرر من كل قيد, او انه يعبر عن موقف شعب كامل قرر مصيره وتحرر من الاستبداد وحكم الطاغية, حين يتردد صدى صرخته. بن علي هرب... بن علي هرب هذه الصورة المذهلة التي تسيطر عليك بكل تفاصيلها ذكرتني بمسرحي نيكولاي غوغول »المفتش العام« وروايته »النفوس الميتة« حيث الاسياد المسلوبة ارادتهم وانسانيتهم الغارقين في الفساد والممارسين للاستبداد مسرحية البطل الواحد يلعبها مواطن تونسي في مشهد مفتوح على الافق الاوسع والارحب لتصل صرخته الى نوافد النائمين في بيوتهم وتدخل قلوبهم حاملة نسمة الحرية. حرية عبق الياسمين المشبع بتعب الفقراء ووجع السياسيين الذين واجهوا الجوع والقمع والاستبداد بارادتهم الصلبة وعشقهم للحرية بكل الوانها.

وفي جوانب اخرى من الوطن العربي الكبير هناك مسارح مفتوحة ومشاهد اخرى جوهرها الموت والقتل الجماعي يتحرك ابطالها على وقع الدم والقتل والتخريب والتعذيب هؤلاء لعبوا دور البطل الواحد او »الزعيم الاوحد« فامتدت مسارحهم, او مسارح جرائمهم على امتداد مساحة اوطانهم, بعدما استخدموا شعوبهم للعب دور »الكومبارس« ولكنهم لم يصرخوا من اجل الحرية والاستقلال وكرامة الوطن والمواطن, واكتفوا بحدود دور المستبد لدرجة العبودية.

عن هؤلاء ماذا نكتب او نقول?!

من مكب هذا الواقع خرجت صرخات مدوية اطلقها الغاضبون المحتجون الرافضون للواقع بما حمل, فهتفوا الشعب يريد اسقاط النظام من اجل بداية جديدة يشرق فيها فجر زمن جديد تتوجه الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان.

الان, انتهى عصر مسرحيات البطل الواحد او الحاكم الاوحد من المهد الى اللحد, فالشعوب اخذت زمام المبادرة, وحيث رياح ثورة الحرية الشاملة, واذا الشعب يوما اراد الحياة سينفر بالحتمية التاريخية وسيرحل الطغاة.0


hada_sarhan@yahoo.com
العرب اليوم