يبدو أن هذا "السرطان" يصر على مواصلة اختبار القوة التي منحني إياها الله سبحانه وتعالى, لمواجهته وقهره.

فها هو بعد أن هزمته مرتين, الأولى عندما حط بالرئة اليسرى, والثانية عندما حط بالدماغ, أجده يرمي أمامي قفاز التحدي ليخوض معي جولة ثالثة, ويصر على أن تكون هذه الجولة بالدماغ كما كانت الجولة الثانية التي انتهت بهزيمته.

لقد جاءتني أعراض سرطان الدماغ مرة أخرى الأسبوع قبل الماضي ونقلت إلى طوارئ مستشفى مدينة الحسين الطبية على عجل, وأجريت لي كل الفحوصات الطبية اللازمة من صور طبقية وشعاعيه وفحص الدم لكل الأغراض, ولم يظهر أي شيء فاحتار طبيب الطوارئ في الأمر, وهو يقول كل الفحوصات سليمة, إلا أنني قلت له إن ما أصابني اليوم هو ذاته الذي أصابني قبل سنة ونصف عندما ترك السرطان ورما في الدماغ بحجم 25ر6 سم مربع, وأنا متأكد أنه عاد مرة ثانية, وربما يرتدي طاقية إخفاء بعد أن عرف عزيمة خصمه وتحديه له, فضحك طبيب الطوارئ واتصل بالطبيب الأخصائي الذي يعالجني فاتفقا على أن أخضع لصورة مغناطيسية للدماغ وهي التي تحسم الأمر.

واليوم الأربعاء جاءت نتيجة الصورة المغناطيسية, وتقريرها يشير إلى أن السرطان حط مرة ثانية بالدماغ, معتقدا بجهله أن هذه المنطقة هي القاتلة, خاصة وأنه في المرة السابقة عندما حط بدماغي واستأصله الأطباء المهرة الذين رزق الله بهم الأردن الجميل, فقد تركني أسيراً على عكاز, واضطرني لأن ألزم البيت, لأشاهد بكل حسرة الأنشطة الوطنية الرائعة التي يقوم بها الزملاء والأصدقاء في العمل السياسي والنقابي والثقافي, دون أن أتمكن من المشاركة المعتادة والمعروفة عني من قبل كل الأصدقاء.. وكأني بالسرطان يتآمر مع أعداء الأمة ليقعدني عن المشاركة.

مما يعني أن هذا الأمر شجع "السرطان" التافه على أن يعود ليستقر مرة أخرى في الدماغ, معتقدا بجهله الموروث أنها ستكون القاضية, خاصة وأن كثيرين كانوا يقولون أن السرطان بالدماغ يعني الموت, وكنت أرد عليهم قائلا " فليخسأ السرطان إن كان يستطيع قتل بعوضة" فالموت والحياة بيد الله سبحانه وتعالى.

لهذا أكرر ما قلته لك أيها "السرطان" التافه .. لن تفلح في الانتصار علي بإذن الله وعونه, وأعدك أن تكون هذه الجولة تسجل نتيجتها في سجل الخزي والعار الذي سينتابك عندما ترى كم هو خصمك عنيد, ولتعرف مدى القوة والصمود والصبر, هذه المزايا التي أكرمني ومتعني الله بها, لأخوض حربي معك .. وإن حدث وانتهى أجلي قبل أن أنتصر عليك أيها الجاهل فلا تعتقد بغرورك وغبائك أنك سبب موتي, بل يكون عمري انتهى لأن الأعمار بيد الله ولست أنت أيها التافه من يحدد العمر .. وتذكر قول الله عز وجل في كتابه العزيز ( فإذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ) وقوله جلت قدرته ( ولكل أجل كتاب ) .. فأين أنت من هذا.. لا بل أزيدك وأقول لك أين أنت أيها الجاهل المغرور من قول الله جل شأنه ( وإذا مرضت فهو يشفين ) .