عمون - كتب: الدكتور ابراهيم سيف - لم تبدأ المفاوضات الرسمية ولم يتم تحديد الملفات التي ستبحث، وحتى الآن لا نعرف ما هي واقعية وحدود الدعوة الخليجية لانضمام الاردن الى مجلس التعاون الخليجي، وظهر تلاعب في تفسير الدعوة للأردن للتقدم بطلب للإنضمام، وهناك من يؤكد تراجع الحماس للدعوة الأولية وسط خلافات بين بعض دول الخليج على دعوة الأردن للإنضمام، ورسميا لم يخرج خطاب واضح يوضح حيثية العلاقة المرتقبة أو ما الذي يجري في حقيقة الأمر.

ومن الواضح أننا لم نغادر المربع الأول في الطريق الى هذه العضوية ، ولكن التصريحات المنسوبة الى وزير الخارجية الإماراتي الأخيرة الشيخ منصور بن زايد، تعتبر الأهم وتوضح أن هناك تباينات في وجهات النظر فيما يخص انضمام الاردن ومدى استعداد تلك الدول للنظر بشكل موحد في طلب الانضمام، وبدلا من التعامل بواقعية مع هذه المتغيرات، لا زلنا في الأردن نعول كثيرا على "العضوية" المزعومة، بل يذهب البعض لاعتبارها طوق النجاه بالنسبة للإقتصاد الاردني، فذلك يجنبنا اتخاذ اجراءات عملية على ارض الواقع للتعامل مع مشكلاتنا الاقتصادية.

وبدلا من دخول كواليس التفاوض غير الواضحة، فإن الاردن يستطيع المبادرة وطرح عدد من السياسات التي يمكن أن تشكل قواسم مشتركة بين الدول الخليجية، فعلى سبيل المثال فإن الاردن يستطيع أن يطرح صيغة الدولة الأولى بالرعاية من ناحيتي التجارة والاستثمار وانتقال الأيدي العاملة، وهذه هي المسائل الاساسية التي يحتاجها الاردن، فتوفير ضمانات للإستثمار في الاردن من قبل دول مجلس التعاون وتسهيل الإجراءات التجارية لا سيما بعض الإجراءات غيرالجمركية الى ابعد الحدود، سيقدم خدمة كبيرة للمنتجين والمصنعين في الاردن، لإرتياد الأسواق الخليجية التي تعتبر هائلة قياسا بحجم السوق الاردني.

والملف الذي لا يقل أهمية هو الايدي العاملة، حيث شكلت دول الخليج على الدوام رئة للإقتصاد الاردني وسوقا واسعة لاستيعاب فئات معينة من العمالة الاردنية، وإذا كان الاهتمام الرئيس هو مساعدة الاردن على تخطي الأزمة الاقتصادية والحفاظ على الاستقرار، فيمكن ابتداع حلول فيما يخص سوق العمالة ، أو تفعيل قطاعات تعتمد على التعاقدات الخارجية، وزيادة اعتماد دول الخليج على قطاعات الصحة والتعليم في الاردن، والتفكير بكيف يمكن تسهيل الإجراءات السياسية، وهنا لا ننفي حاجة الاردن لتطوير مرافق بما يخدم تلك الدول.

هناك الكثير الذي يمكن فعله وينعكس بالفائدة على الجانبين، وهناك الكثير من المتغيرات الإقليمية التي ستقوي من المركز التفاوضي الأردني بما في ذلك الورقة الأمنية، وهذه كلها أوراق مهمة بحاجة الى سياسات وطواقم فنية لتطويرها وطرحها كبدائل أمام المتفاوضين، ولعل الأسلوب المتدرج لتحقيق درجة أعلى من التكامل الاقتصادي وتعزيز العلاقات الثنائية يشكل مخرجا من حالة اللاوضوح التي تكتنف الموقف الخليجي غير الواضح فيما يخص ملف الانضمام.

فالثابت أن دول الخليج الكبرى وعلى رأسها السعودية والإمارات العربية المتحدة معنية بمساعدة الأردن وتطوير العلاقات معه، لكن هناك خلافات فيما يخص العضوية الكاملة حتى في أوساط الدول القريبة جدا من الاردن وما يترتب عليها من استحقاقات. لذا يجب أن لا يترك الملف معلقا بالكامل ، وهذا يعني ضرورة التخلي عن ألاوهام والعمل بواقعية على ما يمكن تحقيقه.