facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الإخوان والنسيج الاجتماعي


عاطف الفراية
18-09-2007 03:00 AM

عطفا على ما تقدم في نقد الحركة الإسلامية نتناول هنا عبارة .. كثيرا ما نطالعها في مقالات ومقابلات المهتمين بشأن الحركة الإسلامية .. (الإخوان جزء من النسيج الاجتماعي في الأردن).. هذه العبارة يصدّر بها المدافعون والمهاجمون والمنتقدون لجماعة الإخوان المسلمين أحاديثهم على حد سواء .. فالمدافعون يستخدمونها كتذكير من أجل اللوم والامتعاض من الظلم الواقع على الجماعة أو للاحتجاج على أسلوب التعامل السيئ معها من قبل الحكومات.. والمنتقدون يستخدمونها للتذكير بما ينبغي أن يكون عليه سلوك الجماعة وأنها يجب ألا تفصل نفسها عن ذلك النسيج.. لكن لا أحد من الذين يقررون هذا الأمر على أنه حقيقة يبين لنا مؤشرات حقيقية على الانخراط في النسيج بالمعنى العملي.. ذلك أن النسيج لفظة استعيرت من الأقمشة والأنسجة التي تتشكل من مجموعة خيوط.. وكل خيط فيها لا ينفصل عن مجموع الخيوط التي يشكل معها وتشكل معه (النسيج الواحد) لقطعة القماش أو السجاد أو ما شابه..

وبناء على هذا المعنى فإن الانخراط في النسيج الاجتماعي يعني أن يكون الفرد عاملا في مؤسسات المجتمع كأي فرد آخر بغض النظر عن انتمائه.. وهذا غير متوفر لدى أفراد الجماعة .. فلم نعتد أن نرى هيئة إدارية منتخبة في مؤسسة مجتمع مدني معنية بالخدمة العامة وفيها واحد من الإخوان.. إن توفر مثل هذا فهو الشذوذ وليس القاعدة.. أما القاعدة المتبعة لدى الإخوان فهي: إما أن يدخلوا قيادة المؤسسة الاجتماعية (جمعية كانت أم رابطة أم ناديا) بشكل جماعي يؤهلهم لاستلام زمام قيادة المؤسسة .. أو لا يدخلوا أساسا.. فقلما تجد فردا منهم يتعامل مع نفسه على أنه فرد عامل مثل أي فرد في المجتمع.. ذلك لأنه ينظر لنفسه على أنه الأعلى والأفضل والأحق بالقيادة.. فهم دائما ما يشكلون كتلة انتخابية على كامل عدد المقاعد في الهيئة الإدارية للمؤسسة أملا في الحصول على كافة المقاعد أو في أسوأ الأحوال على الأغلبية التي تضمن الانفراد بالقرار! لاعتقادهم الناجم عن أسباب تربوية أنهم الأصح والأقدر على اتخاذ القرار الأصلح للمؤسسة أيا كان نشاطها ودائما!

وفي المقابل فإن (الأخ المسلم) غير مستعد للدخول في مجرد عضوية عادية لدى مؤسسة مجتمع مدني ليس للجماعة فيها وجود ظاهر ومؤثر.. ليكون فردا عاملا عاديا غير قيادي! أو (خيطا في النسيج) كما هو الزعم الذي ابتدأنا به..ليس هذا فحسب.. بل إنه غير مستعد لحضور فعالية ثقافية (مثلا) بصفته الشخصية والفردية إذا كان المحاضر أو المتحدث من غير الإخوان.. والحق أن بعض (القياديين) في الحركة وجه لي شخصيا تعليقا على حضوري لبعض الأنشطة الثقافية لوما جارحا استخدم فيه حديثا لا أعرف مدى صحته (من كثّر سواد قوم فهو منهم.. ) ولعل هذه العبارة أسست لنوع من العزلة الثقافية لدى الجماعة.

ومن أبسط الأمثلة (لا على الحصر) والتي عايشتها بنفسي.. رابطة الكتّاب الأردنيين.. رابطة تضم أكثر من أربعمائة كاتب ينتمون إلى كل ألوان الطيف الفكري والسياسي ما عدا الإخوان.. مع أنني أعرف أن الكثير من الكتاب والأكاديميين من الإخوان مؤهلون وتنطبق عليهم شروط العضوية.. ومن الغريب أن أحدا منهم لم يفكر في الحصول على عضوية الرابطة.. ذلك برأيي لأنهم لا يعتبرونها من قلاعهم التي يمكن أن يسيطروا على قيادتها.. أما انخراط الفرد منهم كفرد في(نسيج) المؤسسة فأمر غير وارد في أدبياتهم وتربيتهم الفوقية الأستاذية الاستعلائية التي لا ترى الحق إلا من زاوية رؤية واحدة تتلخص فيهم هم فقط .. لذلك فإنك لا ترى واحدا منهم معنيا حتى بحضور نشاط ثقافي تقيمه الرابطة ولو كمشاهد أو مستمع أو متلق لما ينتجه غير الإخوان..

وعندما أسسنا ملتقى الكرك الثقافي مطلع تسعينيات القرن الفائت كان الأعضاء مختلفي المشارب والثقافات .. لكنهم جميعا منحازون للهم الثقافي.. لم ألحظ أي وجود للإخوان في الملتقى لا على مستوى المشاركة ولا حتى على مستوى حضور ومشاهدة ندوة أو أمسية أو أي نشاط ثقافي كمشاهد أو كحاضر أو كمهتم أو كمتابع.. لأنهم أيضا لا يتابعون إلا ما يخصهم .. ومن هنا يستمر الفرد لديهم في تلقي الثقافة الأحادية ويتعمق لديه الإحساس (بالحق الأوحد) وما عداه باطل تجب محاربته أو على الأقل مقاطعته.. وأذكر أن أحد أقاربي من الإخوان قال لي حرفيا: (أنت كويس بس ليش بتمشي مع فلان وأنت عارف أنه شيوعي)
أجبته ساخرا: حتى أكون ممن قال فيهم الرسول (ص) المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس..الخ وبالطبع انصرف ذهنه فورا إلى نفسه فقال: تقصد أنك أفضل مني لأني لا أمشي مع شيوعيين.!!!.

والحقيقة أن تلك العبارة ليست مصادفة بل تكاد تكون منهجا اعتزاليا فوقيا يجعل الإخوان من حيث هم (مجتمع) لهم (نسيج) خاص غير متداخل مع غيره.. اللهم إلا في المواسم الانتخابية حيث يصبح الأخ المسلم ابنا لعشيرة يطلب ترشيحها لأنه لا يستطيع أن يدخل المعركة الانتخابية بناء على مبادئ وبرنامج سياسي فقط .. بل مطلوب منه أن يقدم لقيادته وصفا لقاعدته العشائرية حتى يكون مقنعا للقيادة في تبني ترشيحه.. (قد نستثني أجزاء من عمان في هذا السياق نظرا لطبيعة الناخبين)

الأهم في هذا المسلك أنه يناقض تماما الأساليب الدعوية التي تلقيناها على أيديهم (في المستوى النظري فقط) والتي تقتضي أن يصادق الأخ المسلم الناس إلى درجة التأثير فيهم وجلبهم إلى الالتزام.
من هنا تبدو عبارة( الإخوان جزء من النسيج الاجتماعي) عبارة جوفاء مفرغة من معناها.. تصطدم بأبسط قواعد العمل الاجتماعي الذي يقبل الآخر ويتعاون معه وينحاز للعمل في المؤسسة وللإنجاز لا لمجرد قيادة المؤسسة واستعراض القدرة في التأثير على الجماهير..

والانخراط في النسيج يحتاج إلى كم من التواضع.. والإخوان لم يتعود الفرد عندهم أن يقبل بأن يقوده في أي عمل سياسي أو اجتماعي شخص آخر غير إخواني حتى لو كان أكبر وأثقف وأقدر على القيادة.. هذا إن اعترف الأخ بأن هناك أحداً غير إخوانيّ يمكن أن يكون أقدر على القيادة. وهذه النظرة التي تسيطر على الأخ ـ رغم لجوئه وبحسن نية أحيانا إلى خطاب أخلاقي يتعلق بالتواضع ـ مردّها التربية منذ مرحلة (الأسرة المفتوحة) التي تركز في بناء ثقافة الفرد الإخواني على (الصح الوحيد) وتخطيء أو على الأقل التقليل من شأن ما تفعله حتى الجماعات الإسلامية الأخرى وإدراجه في خانة اللاجدوى أحيانا كما في النظرة إلى (التبليغ) والتحجر في الخطاب كما في النظرة إلى (التحرير) ... أو الضلال كما في النظرة إلى (الصوفية) ..الخ..

وهكذا دفعا لثقافة الأخ المبتدئ والمتحمس نحو التمسك (بالصحيح الأوحد) والذي يدفع تلقائيا معتنقه بعدم القناعة بالآخر وإن أظهر غير ذلك بشكل دبلوماسي أحيانا.. من هنا وتأسيسا على تلك التربية الانتقائية يصبح دخول الأخ كخيط في نسيج عام أمرا بالغ الصعوبة.. ويحدد استعداده النفسي بالدخول كخيط في نسيج يحمل اللون نفسه فقط.
http://atefamal.maktoobblog.com/





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :