جاءت استقالة رئيس مجلس إدارة شركة مناجم الفوسفات وليد الكردي عقب الحملة الوطنية غير المبرمجة لنصرة الشركة ، جاءت محرجة لكتائبه وأبواقه الإعلامية التي كانت وما زال بعضها غير مستوعب للصدمة فقد كانت قاسية عليهم ، فالكردي كان مهندس الخصخصة وهو خيار وكالة ما يسمي ببروناي كرئيس مجلس إدارة وكمدير عام للشركة ايضا بالإضافة الى صلاحيات مطلقة حصل عليها بفضل موقعه ، قد لا تختلف عن صلاحيات رئيس جمهورية مطلق يدير جمهوريته كما تدار المزارع الخاصة

لا شك ان هروب الكردي سيترك فراغا كبيرا ، فقد كان عراب المشروع المشترك مع شركة " بتروكيميا جريسيك " الاندونيسية بمبلغ 200 مليون دولار ويفترض أن يبدأ انتاجها عام 2013 فماذا سيحدث للمشروع وأين وصل هذا المشروع الان ولماذا وقع الأختيار على هذه الشركة للاستثمار معها ، فالكردي تاريخيا وقبل اكثر من عشرين سنة كان وما يزال وكيل شركة الفوسفات الاردنية لبيع مادة الفوسفات الاردني لإندونيسيا وهذا يفسر توجهه للعلاقة هناك .

إذا هناك الكثير من المشاريع المشتركة التي أسست في عهد رئاسته المطلقة مثل شركة " الأبيض للكيماويات " في جنوب الاردن وهناك ايضا بعض الملفات المتعلقة بشركات وعطاءات التعدين وشركات الوكالات البحرية وشركات ربط البواخر في دبي وغيرها من الملفات المعقدة التي تحتاج الى فريق مختص لفك هذه الطلاسم التي حيكت في الليل البهيم منذ سنوات طويلة .

وهنا تبرز مسؤوليات حكومية لوضع الأمور الإدارية في نصابها فيما يتعلق بتركيبة مجلس الإدارة وذلك للتغلب على جزئية الإتفاق مع جماعتنا في بروناي لرئاسة مجلس الادارة ، فحسب الإتفاق المبرم فإن لبروناي التي تملك فقط ٣٧ بالمائة من أسهم الفوسفات " حق رئاسة مجلس الإدارة وإدارة الشركة " ولذلك يجب على الحكومة قبل وصول موعد اجتماع الهيئة العامة في السابع من نيسان المقبل أن تصل الى تفاهم ودي لإعادة سيادة الإدارة الى جهة أردنية مخلصة للوطن وتخلص الشركة من الألغام الكثيرة التي زرعتها الرئاسة السابقة خلال السنوات الست الماضية وأخذ بعضها شكل
استثمارات مشتركة أو عقود بيع وتمثيل طويلة الأمد وغيرها ، الأمر الذي ىنبغي معه نزع فتيل هذه الصواعق حتى لا نندم على اليوم الذى طالب الشعب فيه بتخليص الشركة ورحيل الكردي

اما بالنسبة لهيئة مكافحة الفساد فيما يتعلق بالشركة فهي أمام ملفات كثيرة ومتشابكة يتداخل فيها الاداري مع الفني والمالي والتسويقي والقانوني وصولا لحجم الفساد وفك رموزه وتحديد أبطاله ولذلك فلا بد من تطهير الشركة من أي شخص كان له صلة عملية بالإدارة السابقة حتى لا نكرر تجربة تقاربنا بتجربة مصر في مرحلة ما بعد مبارك


وتعريجا على ملاحظة ذكرها الكردي في كتاب استقالته التاريخية بأن شركة الفوسفات في عهده الميمون قد حققت ما يزيد على 600 مليون دولار من الارباح في السنوات الست الماضية فان هذا الإفصاح فيه الكثير من التضليل فهناك أكثر من شركة أسمدة عالمية تجاوزت أرباحها السنوية لعام 2008 مثلا حاجز ال 2 مليار دولار كشركة " موزاييك " الامريكية علما بأن هذه الشركات تنشر افصاحاتها المالية مفصله لآخر 5 سنوات .

الجميع ينتظر حلولا ناجعة تعيد الشركة أولاً الى مكانتها العالمية كمنتج مرموق في صناعة الأسمدة وتعيد للدولة هيبتها في التعامل مع الفاسدين والمفسدين وهذا سيؤدي الى مد أول جسر من جسور الثقة مع اجهزة الدولة بشكل عملي بعيدا عن المناكفات وقريبا من نبض الشارع الذي يريد ان يرى(يا حكومة) خبطة قدمكم عالارض جبارة

وقديما قالوا مالا يدرك جله لا يترك كله