منذ بطون تاريخ الاستبداد المأزوم ظهرت ما يسمى في حضن السلطة العربية منذ عهد الملك معاوية بن أبي سفيان وولي عهده الميمون يزيد ثقافة وعقيدة الفرقة الناجية,وهذه الايدولوجيا تبنتها السلطة العربية ولم تتبنها المعارضة الإسلامية منذ معارضة الخوارج والشيعة في التاريخ القديم لكن المعارضة الجديدة التي وجدت لها مكانا وركبت موجة الربيع العربي تبنت هذه العقيدة السياسية .

فالسلطة العربية انحازت انحيازا أعمى لعقيدة الفرقة الناجية والتي تجاوزت أدب الحوار الفكري والسياسي على اعتبار إنها تملك مقومات الفرقة أو الفئة الناجية أو المنصورة, وباقي الفرق أو الأحزاب أو التيارات هي الفئة التي ستدخل جهنم ومحرم عليها دخول السلطة, فالوطني الحقيقي في نظر السلطة هو الذي يرتمي في حضنها وهذه الفرقة هي حزب الحكومة أو ما يسمى بحزب النظام أو المعارضة فمكانها السجن أو القبو أو القبر أو النفي أو الإقصاء.

نعود إلى صاحبنا رئيس مجلس النواب الأسبق والأمين السابق لوزارة التربية والتعليم في زمن الأحكام العرفية والمرشح الذي لم يتمكن في إقناع جمهوره في دائرة البلقاء انتخابه لأكثر من مره والأمين العام السابق لحزب جبهة العمل السياسي وأخيرا رئيس مجلس الشورى لهذا الحزب فقد انحاز إلى خطاب الفرقة الناجية أو الفرقة المنصورة والذي ينص على أن "تجتمع هذه الأمة على اثنين وسبعين فرقة واحدة في الجنة واثنين وسبعين فرقة بالنار"

وهذا بالضبط ما قاله رئيس مجلس الشورى العتيد الذي استخدم مصطلحات لا تليق بأدب الداعية والسياسي والبرلماني العتيق والمعتق, ففي المقابلة التي أثارت جدلا في الأوساط السياسية والبرلمانية والصحافية انقلب زعيم تيار الاعتدال بحزب جبهة العمل الإسلامي إلى تيار المغالاة والتطرف فحسب بل تجاوز ذلك إلى النرجسية السياسية لنقف أمام ابرز ما قاله عربيات ثم نحكم على تفكير الرجل.

- نحن الأكبر والأوضح والأقدر على إدارة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.
- الأردن وطننا ونحن أولى الناس به واقدر الناس على خدمته!!!
- نقول للجميع تعلموا التعددية وتداول السلطة من الحركة الإسلامية!!!
- نحن الذين أسسنا لمفهوم المواطنة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع!!!

إن هذا الخطاب الاخواني الجديد هو خطاب استعلائي وانقلابي على الشرعية الدستورية وهو خطاب يضع صاحبه لدرجة القداسة السياسية.
إن الخطاب الذي يطل علينا بلسان رئيس برلمان الحركة الإسلامية هو خطاب متجذر في ثقافة الاستبداد, فحزب الإخوان المسلمين في الأردن هو حزب ولد وترعرع في حضن النظام السياسي ولم تكن الحركة الإسلامية في يوم من الأيام حركة معارضة لا على المستوى الوطني أو القومي, أليس كلام عربيات مليء بالتخوين السياسي للقوى السياسية التي كانت تحرك الشارع العربي, فالقوى القومية واليسارية كانت قوى فاعلة ومؤثرة في مسارات حركة التحرر العربي , ولهذا نعتهم عربيات بأنهم عملاء الأمريكيين والامبريالية !!! فمن حارب الامبريالية ووقف في وجهها سوى القوميون العرب فهم الذين واجهوا الامبرياليين الجدد من أيام الزعيم الخالد جمال عبد الناصر إلى أسد العروبة وجبل المحامل الشهيد صدام حسين.

كان أجدر بالاعتدالي عربيات أن يدعو اليساريين والقوميين والليبراليين والوطنيين إلى كلمة سواء تلتقي على مثلث الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية, فالقوميون واليساريون هم إخوة لنا وهم وإياهم يجمعنا الوطن فكلهم ساهموا في رفع سقف المسيرة الديمقراطية فحسب بل إن تاريخ النضال السياسي والسلمي دفعه اليساريون والقوميون ويعرفهم سجن الجفر والمحطة عن ظهر قلب بل ان الذي كان ينام في حضن السلطة ويلحس من عسلها هم قيادات جماعة الإخوان المسلمين وأنت واحد منهم .

تذكر يا دكتور عبد اللطيف أن الذي أطاح بك في انتخابات 1993 التيار المتشدد في الحزب وليس جهاز المخابرات !!! بسبب حضورك أغنية يا ابن النبي والتي قدمتها الفنانة التونسية أمام جلالة الملك الحسين رحمه الله وذلك عقابا لك.

الإسلاميون في الأردن هم الحزب الوحيد الذين سمح لهم بممارسة العمل السياسي تحت عباءة العمل الخيري والدعوي وتم إقصاء الآخرين ,أليست الحركة الإسلامية هي حزب النظام وهي الفرقة الناجية بنظر الحكومة والنظام بينما الفرق السياسية الأخرى هي فرق تستحق السجن أو الإقصاء اوالإبعاد أو التكفير السياسي !!

إن الانتفاضات السياسية التي عاشتها الساحة السياسية الأردنية وخاصة انتفاضة هبة نيسان المجيدة والتي نتذكرها هذه الأيام هي التي جاءت بعودة الحياة البرلمانية والتي أفرزت نواب المجلس الحادي عشر,وحينها كان صاحبنا رئيسا لمجلس النواب لثلاث دورات متتالية,فالحركة الإسلامية لم تقدم لشعبنا الأردني العزيز كشف حساب بنضالاتها الوطنية والأجدر بهذا الشعب الكبير ان ينحاز الى الوطنيين الأردنيين والقوميين واليساريين الذين نالهم نصيب من الفصل الوظيفي والاعتقال ومصادرة حرياتهم في السفر والتنقل والعمل !!
فالإخوان المسلمين كانوا صوت الدولة وسوطها تحركهم الدولة لضرب الحركة الوطنية الأردنية , فقد حصلت الحركة الإسلامية على العطايا وتلذذت بالامتيازات والمنح بينما حرمت القوى الوطنية من هذه النعم.

لم يشارك مناضلو الحركة الاسلامية في انتفاضات الشعب الاردني في نيسان 1988 ومع ذلك حصد الاسلاميون بدعم من الدوله بثلث مقاعد المجلس الحادي عشر , ولم يشارك الاسلاميون في انتفاضة الخبز عام 1996 وكانت شهادة الملك الراحل تكفي حيث قال فيهم لم يحرض انصار حزب جبهة العمل الاسلامي على المشاركة في انتفاضة الكرك!! لا اريد ان اكشف المستور عن تاريخ الحركة الاسلامية في الاردن فهي حركة رضعت من ثدي الدولة وترعرت في احضانها , فهي ليست حركة معارضة بالمعنى الحرفي بل هي مارست الرقص الشرقي على حساب القوى الوطنية والتقدمية واستغلت الدين سوء استغلال , وكل ذلك ارضاء للنظام السياسي .

أما أكذوبة رفع مستوى الحراك الديمقراطي والاصلاح السياسي والدستوري ,فالفضل يذكر لأهله فالوطني الوحيد الذي طالب بإجراء إصلاحات دستورية عميقة هو عميد الحركة الوطنية ابو فرحان بلا منازع , فهو الذي طالب الملك حسين رحمه الله بان يتنازل عن صلاحياته ويرجعها الى الشعب , وحينها أوعز النظام لقيادات الحركة الاسلامية بمهاجمة تصريحات شبيلات فقد اعتبرها المراقب العام للحركة الاسلامية آنذاك عبد المجيد ذنيبات بانها كلام يخرج عن النص ويثير الفتن والقلاقل في المجتمع والحركة الاسلامية غير موافقة على طرح شبيلات .

اترك الكلام إلى مشاركة القراء الكرام ليضعوا النقاط على الحروف ان كنت موضوعيا فيما أقول ام ان الجواب هو عكس ما اقول.

والله من وراء القصد بسام المشاقبة