خلق الله عز وجل الأنسان ليكون من جنس البشر,عاقلا اجتماعيا بطبعه,بارعا في استخدام نظم التواصل للتعبير عن الذات وتبادل الأفكار والقيم الأجتماعية والطقوس الدينية التي تشكل أساس كل مجتمع انساني,ويتميز الأنسان بحسه الجمالي وتقديره وتذوقه للجمال
ورغبته في الفهم والتأثير على محيطه البيئي والأنساني.
ولأن الانسان خلق اجتماعي,لا يستطيع العيش في الحياة وحيدا,فلا بد أن يختلط بالبشر وأن يتعامل معهم,وهنا عليه أن يتقن فن التعامل مع الناس نظرا لأختلاف أطباعهم,فليس من السهل أبدا أن نحظى على احترام وتقدير الاخرين,وفي المقابل من السهل جدا أن نخسر كل ذلك,وحتى نتمكن من التعايش مع الاخرين رغم الأختلافات والفروق الفردية سواء المادية أو العقلية والجسدية,علينا أن ننظر لبعضنا البعض بعين الانسانية قبل المهنية دون الاخلال بالعمل طبعا.
ولأننا نعيش في زمن أصبحت فيه العلاقات بين الناس تحكمها المادة مرصودة بالمكسب والخسارة والمصالح الشخصية,أصبح الكثير منا يؤمن بالمثل القائل:"البعد عن الناس غنيمة",وينغرس هذا المثل في عقولنا خاصة عندما ندرك ان ليس كل البشر كنوزا حيث تمر علينا في رحلة حياتنا معرفة بعض البشر الذين نكتشف بعد اختلاطنا بهم بأنهم من أردئ المعادن التي تتخللها الكره والاحقاد والخبث والخيانة,نفوس أقل ما يقال عنها أنها لا ترتبط للادمية سوى بالهيكل الخارجي فقط والذي ننخدع فيه منذ البداية,هم بشر يعيشون معنا,لا ندرك حقيقه نفوسهم ولا نتوقع منهم ذلك التزيف الذي يغطي جلودهم,وتلك بالطبع نتيجة طبيعية للرغبة في التواصل مع المجتمع,لذا نختار الطريق الاسلم بالابتعاد عن الناس لنغنم,ونتجنب الاختلاط بالاخرين لما نحمله داخل أنفسنا من شكوك صدق تلك المعرفة وخلوها من الشوائب.
فكثير من الاحيان نصدم في حياتنا ببريق بعض الأشخاص لأعتقادنا يوما أنهم كنوزا,لنكتشف بعد تجارب وخبرات في التعامل معهم أنهم لا يمتلكون سوى بريقا زائفا,ولا يوجد في قاموس حياتهم أي معنى للانسانية رغم اعتلاء هذة الفئة مواقع ومراكز حساسة لها أهميتها وانعكاسها على أفراد المجتمع.
يقول جبران خليل جبران:"أنت انسان وجدت كي تعيش الحياة,وليس كي تعيش نصف حياة,وليست حقيقة الانسان بما يظهره لك,فاذا أردت أن تعرفه فلا تصغي لما يقوله....بل الى ما لا يقوله."
ولأننا لا نستطيع العيش بدون البشر,علينا أن ننتبه لعلاقاتنا وحركة اقترابها وابتعادها منا,فنكون مدركين من هم احباؤنا وأصدقاؤنا,وعلينا أن نقف وقفة تأمل عندما نختار الناس الذين نرغب في التواصل والتصادق معهم,علينا أن ننظر الى الانسانية فيهم,فمن تجرد من الانسانية تجرد من كيانه,ومن وجوده في هذه الحياة, وتخلى عن معالم الصدق والرأفة,وعن مواطن الاحساس في كل شئ,وأصبح متخبطا في الظلام...تائه في دنيا اللامبالاة.
والى اولئك الذين لا يمتلكون الانسانية في عالم طغت عليه المادة واللهث خلف المصلحة.....تذكر انك انسان.