على بعد امتار من المسجد الذي يعتلي منبره شيخنا المبجل والمعطر بالطيب والمسك وبعد جلدنا بخطبته كل جمعة تبدأ مباشرة وفود من المعتصمين بالتواجد والتوافد بباحة المسجد للتعبير عن مواقفهم وغضبهم و"تنفيس" الاحتقانات التي تضخها حكوماتنا بصدورهم الملتهبة المتعبة ..فيما يسرد علينا فضيلة الشيخ "اسماعيل" في تلك اللحظة خطبة عن "حيض المرأة" وحرمة الاقتراب من الزوجة "النفاس"..!

الشيخ "سمعة"..مغّيب منذ وجدت الكلمة..ويغّيب مع خطابته عقول حشود المصلين الذين كلوا وملوا من هذيانه..!

يا شيخنا المبجل عافاك الله..الدنيا تحترق يا "فضيلتك" وانت كما انت تكرر علينا خطاباتك التي حفظناها عن ظهر قلب وملت منا ومللنا منها..!

يا شيخنا الفاضل.. بربك ترفق باسماعنا.. وعقولنا ..فنحن شعب قد تغير !

لم تعد تنتطلي علينا "سواليفك".. ولم تعد محاولاتك لتغييب عقولنا وتخديرنا بصوتك الاجش.. ومخارج اللفظ بكلماتك ..!

يا شيخنا "المعتق" انت تعيش في عالمك الخاص.. ونحن في عالم اخر .. فلا انت تدري مالذي يحدث حولك.. ولا نحن قادرون على فهم "حالتك".

اجل خطبتك عن "الحيض" يا شيخنا الموقر .. فخارج اسوار مسجدك "فيض" من اليائسين الصابرين الغاضبين الذين ازرت بهم الدنيا ..وضاق بهم الحال حتى صار الفقر أنيس وحدتهم .

اجل وصفك للجنة وحور العين ..لدرس ديني ما بعد خطبة الجمعة.. وكلامك عن عذاب القبر واهواله .. فنحن شعوب يا سيدي الشيخ بتنا مقتنعين باننا شبه ميتون.. وان اوطاننا قبورنا.. وان عذاباتنا اليومية واهوالها.. قريبة جدا من عذاب الذين غضب الله عليهم بقبورهم.. ابعدنا الله واياك عنهم ..!

عطرك الباكستاني يا شيخنا الجليل.. خفف منه قليلا.. فهناك مصلون مصابون بالربو والتحسس وصدورهم لم تعد تقدر على استيعاب شيء سوى اكسجين مدننا الملوث..!

يا شيخنا المبجل انظر لمن امّوا خطاباتك..فهذا نائم.. وذاك ساهٍ ..والاخر قاب قوسين او ادني من النهوض وضربك !

اخرج من قمقك السحري يا شيخنا .. لامس همومنا..! تقصى ما يؤرقنا.. واشرح لنا بخطبتك كيف نحاول تجاوز المرحلة !

لا نريد الجمعة القادمة خطبة عن بطولات صلاح الدين.. نريدك ان تصنع من واحدنا صلاحا جديدا حتى نقدر على اصلاح امورنا التالفة..!

وتجاوز عن معارك "قطز".. وسبايا الرشيد..وفتح الاندلس..!

فلم يعد هناك "قطز" ولا ما يحزنون.. ولم تعد الاندلس اندلساً ..والاسبان قد احتلوا ادمغة شبابنا يا شيخنا بـ - غفلة منك - في معارك "الريال" و"برشلونة"..!