كعادتي كل صباح وفي طريقي الى عملي استمع الى المذياع، وهو مبرمج لعدة محطات مختلفة، وكلها تبحث في قضايا مختلفة منها قضايا انسانية طلبات وشكاوي ومنها مشاريع ومعارض واعلانات ، منها اخبار مفرحة ومنها ما هو محزن لدرجة انك تريد ان تخرج من نافذة السيارة فتهبّ لمساعدة الاشخاص المظلومين والمحتاجين وتخلصهم من بؤسهم وآلامهم، أو تخرج من جراء المفارقات والمشاركات والمداخلات المضحكة من قبل المشرفين ومذيعيّ البرامج اثناء مناغشاتهم فيما بينهم، وضحكاتهم المجلجلة على الهواء أو مداعباتهم مع الدي جي المسؤول عن الاغاني المرافقة للبرامج او لآراء المستمعين ، بصراحة احيي جميع القائمين على هذه البرامج وعلى التزامهم اليومي فيها واحيي حماسهم وأفكارهم وطرحهم ،،

ولكن ...

هناك برامج وتعليقات من قبل المذيعين التي تلمس فيها استخفافا واضحا وصريحا ومباشرا بعقول المستمعين واستخفافا بثقافتهم ، فليس ثمّة تحضير للموضوع الذي يبحث فيه ولا تحليل علمي موثق بأرقام او احصائيات، لكنّها تطل علينا عبر الاثير متكئة على أمزجة المذيعين وعلى معلوماتهم التي تفتقر احيانا للاختصاص وللمهنية وبالطبع تفتقر للموضوعية.

هذا الصباح أردت التغيير فوضعت المؤشر على محطة محلية من عمان لاستمع ، الى موضوع له علاقة بمشاريع حكومية في جنوب الاردن وكم ساءني وانا استمع الى زميلتي المذيعة التي كانت عباراتها واسئلتها فقيرة غير واثقة، وتحوي اخطاء لغوية وافكارا غير متسلسلة، وكنت أود متابعة المسؤول الذي كان يتكلم عن تلك المشاريع ولكن المذيعة اضاعت الفرصة بمداخلاتها الصاخبة وغير المهنية وتأملاتها التي تحاكي المستمعين وبنفس الوقت تتذمر من عدم تفاعلهم بالمواضيع التي تطرحها ، فهل سألت المذيعة نفسها ما سبب ذلك ؟
قبل يومين كذلك، امضيت عشرين دقيقة غارقة في أزمة سير صباحية وأنا استمع الى مناغشات المذيع مع معد الاغاني (دي جي) وهو يختارها بناء على طلبه ، وبات عليهم تسمية البرنامج ما يطلبه المذيع ، أو فلنقل ما يفرضه المذيع.

لم اكمل الاستماع وأقفلت المذياع وعاهدت نفسي بألا أعذبها كل صباح في الاستماع لاذاعاتنا ومحطاتنا المحلية ، والله يرحم الايام التي كنت تبدأ نهارك فيها على صوت السيدة فيروز وبرنامج الزراعة الصباحي، على قدر بساطته وعلى قدر الايجابية والفرح المنعكسين على المستمعين فيبدأون نهارهم بحمد الله وشكره.