في خبر فريد من نوعه ومثير للدهشة والاستغراب في وطني الحبيب الأردن الذي اعتادت رائحة القهوة السادة أن تفيح من فناجينه وتطرب أذان الزائرين لسماع المعازيب وهم يدعون ضيوفه على المنسف لتناوله بكل كرم وحب وكبرياء... خبر أستغرقت في قراءته وقتاً أكثر من العادة وحاولت تكذيب نفسي أثناء قراءته عدة مرات، ولكن مع الأسف الخبر فعلا منشور على المواقع الالكترونية ومتبادل عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

مفاد الخبر أن السيدة انجليا جولي تستمع من وزراء الحكومة الصعوبات الاقتصادية التي يمر بها الأردن وذلك اثناء اجتماعها برئيس الوزراء ومجموعة من وزراء حكومتنا الرشيدة لبحث تطورات الأوضاع في سورية وانعكاساتها الإنسانية على الأردن وإستمرارنا بإستقبال الأشقاء السوريين والقيام بالدور القومي والإنساني..

وقد تضمن الإجتماع الموضوع الأكثر جدلا بالنسبة لي وهو الشكوى من الصعوبات الاقتصادية والمالية التي يمر بها الأردن. بصراحة لا أخفيكم الحوار الذي دار في نفسي ولم أجد له إجابة بأي شكل من الأشكال عندما قرأت ذلك الخبر؛ هل حقاً حكومتنا جادة بمناقشة أمورنا الداخلية وتحديات اقتصادنا الوطني وأعباءنا المالية مع ممثلة من هوليوود؟! هل حقاً تحدث وزراؤنا عن توقف المساعدات الخارجية لدعم الموازنة ومشكلة الطاقة والغاز وكثرة الفساد وتعثر المشاريع الاستثمارية ومحدودية مواردنا الاقتصادية؟! وهل بررت حكومتنا الرشيدة والخبيرة طبعاً لجوءها إلى تخفيض النفقات التشغيلية للوزارات والمؤسسات الحكومية ورفع أسعار المحروقات على كاهل المواطنين بدلا من انهيار الدينار وفقدانه القيمة العالمية...؟!

وفي حال كان الطرح أعلاه صحيح وكانت حكومتنا قد فردت أوراقها فعلا على المائدة أمام السيدة انجلينا؛ ماذا يتوقع الأردن منها لتقدمه لنا الآن ؟؟! هل ستتبنى القضية الاقتصادية الأردنية بيولوجياً كما تبنت الأطفال من كمبوديا وأثيوبيا وفيتنام وتمنحنا مساعدات لتسديد عجز الموازنة؟! أم ستضيف الأردن على قائمة أعمالها الخيرية كونها سفيرة الأمم المتحدة للنوايا الحسنة لشؤون اللاجئين في العالم وتجمع لنا التبرعات من الدول خلال تجوالها ؟؟! وقد يكون خيالنا واسع أكثر لنطمح بأنها ستقوم بعمل فيلم بوليسي لأداء مهمة مستحيلة يرصد ريعه لصالح الخزينة الأردنية لأنقاذها من الإنهيار الذي اشاعت به حكومتنا الرشيدة سابقا كونها الممثلة الأكثر شهرة عالميا والحائزة على جائزة الأوسكار ؟!

لا شك أن السيدة أنجلينا مرحب بها دائماً في الأردن وكل الدول نظراً لمكانتها العالمية ولكني كنت اعتقد حسب تفكيري المحدود أن غزة التي ترزح تحت أعباء العدوان والحرب والدمار المستمر في الشهر الأخير أولى بزيارتها الكريمة من الأردن خصوصا وانه لم يمض على زيارتها الأولى لنا الشهر ونصف الشهر.

وكنت أتوقع أيضاً لدى قدومها للأردن أن يكون باستقبالها وزير الخارجية ومفوض الأمم المتحدة في الأردن والجمعيات المختصة بشؤون اللاجئين فقط دون الحاجة لاجتماعها بالحكومة...!! فإذا كان الإجتماع برئيس الوزراء وفريقه الوزاري بهذه السهولة؛ فلماذا يشتكي العديد من المسؤولين بصعوبة الوصول للحكومة لتحديد مواعيد فالواضح إذا لنا أن برنامجهم الإصلاحي يتسع لاستقبال الضيوف ولو كان على سبيل المجاملة فقط...!! والسؤال الذي يطرح نفسه أيضاً الآن علينا أن حكومتنا الأخيرة منذ استلامها سدة الحكم عودتنا دائما على الشرح والتبرير وتقديم التصريحات والتفسير والتمهيد خصوصا قبل رفع الأسعار فلماذا لم يخرج وزير إعلامنا الشفاف ويفصح عن هدف الزيارة التي أراها حالي كحال العديد من أبناء الوطن زيارة غير مبررة...!!

*ملاحظة: المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب الشخصي ولا يمثل أي جهه أخرى