"خيّاطة" قضت عمرها الطويل تحبك وتخيط لكل نساء الحارة ، ما همها عين تعبت ولا أذن ضجت من ذلك المخيط ، وبدراهمها القليلة التي جنتها من ذلك ربت وعلمت أبناءا نالوا أرفع الشهادات ، فانسوها تعب تلك السنوات ، وعندما كانوا يسألون من انتم ؟ بفخر وعزة يجيبون أننا نحن أبناء الخياطة ...!!!

والاخرى " خادمة " مضى عمرها العليل ، في تنظيف كل البيوت ، ما ضرها الألم الذي سكن ظهرها ونال من قوة أقدامها ، فإنحناءها وبعد مضي السنين إستقام شامخا برفعة وإباء في أولادها الذين رأتهم يتبوأون أعلى المراتب بين أقرانهم في الجامعات ، ومع ذلك فهم ما زالوا يختالون بين الناس شموخا وإعتزازا لأنهم أبناء " الخدامة " ...!!!!

وحتى لا انسى فهنالك أيضا " الفلاحة " ، التي كانت عونا لزوجها وحرتث معه الأرض وزرعتها ، وكثيرا ما أدمى شوك الأرض يديها وقدميها واخشن تراب وطين الأرض نعومة يديها وقدميها ، وطبعت أشعة الشمس الحارة على خدودها علامات الزمن وغيرت تفاصيل وجهها الجميل وما إن كبرت تقضي ما تبقى من عمرها على " عكاز " تواري فيه آلام زمانها وبجسدها المنهك النحيل إلا انها سمت بكل إستقامة امام كل الملأ ، فحصاد تلك السنين راته في أبناء وبنات منهم الأطباء والمنهدسين والمعلمات ....!!!!

في يوم المرأة انا أرفع قبعتي إحتراما لكل ام من تلك الأمهات ، ومع ذلك ما زلت اتوق حالما وآملا من كل ام أردنية ، ان تهب نفسها للوطن ، فمناي ان تنسج وتخيط كل ام في قلوب أبناءها خيوط المحبة والإنتماء للوطن ، وتمضي ليلها ونهارها في تنظيف فؤادهم من كل ما يشاهدوه او يسمعوه عن اولئك الذين باعوه ، وتزرع في نفوسهم ومنذ الصغر المثل العليا وحسب توجيه ديننا الحنيف الذي ربانا عليها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ...!!!!

إن ما نعانيه من ازمة اخلاقية الآن ومن خلال ما يقرا ويسمع في الوطن من شتى انواع القضايا والأزمات وبكافة المستويات سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا يتطلب منا جميعا أن نوجه بوصلتنا للأم بكل ما تعنيه الكلمة ، لكي تنهض بمسؤوليتها نحو الجيل القادم بتعليمه وتربيته وتنشاته ، لكي يكون الوطن على موعد مع حصادها بجيل يتعامل معه على انه امانة ، امانة تطلب منه ان لا ينخر نسيجه الواحد بالفئوية والإقليمية والجهوية ، وامانة تطلب منه ان يراعي الله فيه فلا يسرقه او يبيعه ، بل تدفعه دفعا لكي يحرسه ويحميه بالمهج والأرواح ...!!!

في هذا اليوم اقدم إعتزازي لتلك الأمهات الأردنيات اللاتي قدمن لنا نماذج وقامات رفيعة في تاريخنا الماضي ، كفراس العجلوني وموفق السلطي وغيرهم الكثير من القامات الوطنية الرفيعة ، ويسعدني ان اتقدم بقبلات على قدميك ويديك يا أمي ، فكفاني فخرا فيك بانك المراة الأولى في دنياي التي ما فتات منذ الصغر لتعلميني وتربيني على معنى العبادة لله وحب الرسول ، وحب الوطن ، فكم اتمنى يا أمي ان يبقى الوطن امانة في قلوبنا جميعا ...!!!!

انا يا امي ما زلت أفتخر فيك ، بل واعشق كل أغنية تغنيك ...فانت يا امي وكل الامهات في الأردن ...تلك الام الأردنية التي نغنيك بأفراحنا .." انا امي أردنية همها تربي زلم " حفظك الله يا امي وحفظ كل امهات الأردنيين المخلصات الأمينات ...!!!!

hamaqaba@gmail.com