مع التسليم بقدر الله القادر وان الموت حق ويقين ينتظر الجميع، الا ان ما يحدث في الديار هذه الايام لا يسر صديق ولا عدو ، ففقيد عشيرة الدهيسات الكريمة من عرب الحمايدة وفقيد الكرك وفقيد الاردن المهندس اسامة الدهيسات كان لا ناقة له ولا جمل مما يجري من طيش وتخريب وفساد منظم في ربوع جامعاتنا ووطننا، ووالده المربي الفاضل ـ احسن الله عزاءه ـ كان من اكثر الناس حماسة واندفاعا ونضالا في الدعوة التسامح والرقي والخلق الطيب والتربية الصالحة والابتعاد عن التشرذم الفئوي والقبلي والطائفي .

ان روح الشهيد هي عنوان فشلنا وعرينا وفسادنا منذ عادت جامعاتنا القهقرى لتذكرنا باسوأ ما كان في حاراتنا وثاراتنا القديمة يوم صارت ثقافتنا.... الرجل وابن عمه ، ولا بد من عد الرجال قبل ورد الماء ، واذا لم تكن ذئبا تأكلك الكلاب ، والشاطر من ينزع اللقمة من فم الاسد ... نأخذ اللقمة من افواهنا لنعلم ابنائنا فأي ثقافة وأي انحطاط تركنا ابناءنا نهبا له ، واي مستقبل واي عصر نؤهلهم للولوج اليه .

دم الشهيد في اعناقنا جميعا آباء وامهات ومجتمع ومدارس وجامعات ودولة لاننا تخاذلنا مع حكوماتنا عن توجيه ابنائنا للذود عن الاوطان ، والدفاع عن المقدسات والمطالبة بالحقوق ، والحرية والعدالة والسمو بهم نحو مكارم الاخلاق والنبل والتسامح .

ان روح الشهيد معلقة في رقاب حكوماتنا المتعاقبة التي ما فتئت يوما عن تخريب وافساد الفكر ،وتركت توجيه النشء للانقياد الاعمى بيد فئة لا بهمها الا مصالحها اللصيقة ، بابعاد الشباب عن الاحزاب والعمل الجماعي المنظم الهادف الى رفعة الوطن وسمو القيم ونشر الفضيلة والحرية وحقوق الانسان ، فكان توجيههم نحو قيم الولاء للحكام وللاجهزة الامنية وللقبيلة وللطائفة و... وليس الانتماء للوطن وللمباديء والقيم والمثل العليا للامة ، حتى ينغمسوا في لجة الطائفية والعنصرية ، وينامو عن الثعاب التي عاثت بالكروم فسادا وتخريبا، وها نحن نحصد ما زرعنا .

ان طريقنا لا زالت ملأى بالاشواك ولا زال الدرب طويل ، ونحن على ابواب اباحة تعاطي المخدرات والتوقف عن ملاحقة المتعاطين، فبعد ان فقد طبتنا وابناؤنا كل شيء،لم يتبق الا الاحساس ليفقدوه . مجتمعنا وحكوماتنا كلها متهمة، وابناؤتا خلقوا على الفطرة ونحن من تركناهم الى الجريمة .. ولا حول ولا قوة الا بالله .

رحم الله الفقيد ، وجمل والديه واهله بالصبر ، ولا نملك الا ان نقول اللهم الطف بنا اللهم الطف بابنائنا وانا لله وانا اليه راجعون.

info@dr-ghazi.com