facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




إيمان العكور تكتب :الأسود يليق بك .. !


23-04-2013 12:41 AM

لست بصدد الحديث عن رواية أحلام مستغانمي الجديدة التي حملت هذا العنوان الرومانسي والحزين بنفس الوقت.. ولكن بينما انا مستغرقة في قراءة قصة الحب الوهمية التي جمعت بين بطلي الرواية وأنا استقل الطائرة التي تحملني الى إسطنبول في الطريق الى العاصمة الأمريكية واشنطن .. في الوقت الذي كنت فيه أحلق بخيالاتي مع كلمات الحب الدافئة التي يتبادلها طلال وهاله أبطال الرواية .. وإذ بصوت ( مزعج ) يخترق ذلك السكون ويشتت أفكاري .. صوت ذكوري يدندن أغنية شعبية لم أسمعها من قبل .. كل ما دار في عقلي تلك اللحظة هو كيف تجرأ ذلك الصوت القبيح أن يدخل عالم الحب الذي كنت أحلق فيه كلما ارتفعت الطائرة والذي انساني أني أصلا اجلس في طائرة مليئة بأصناف كثيرة من البشر ... !

حاولت أن أتجاهل صوت الغناء المرتفع .. والذي ذكرني ببعض الأصوات النشاز التي نسمعها في برامج هواة الغناء الحالمين بالشهرة .. ارتفع الصوت أكثر وارتفع معه ضغطي ..وكان لا بد من أن أتصرف .. وعندما هممت بان اطلب من ذلك الرجل أن يسكت ، وإذ بي اسمعه يسأل الراكب الذي بجانبه اين يمكن له أن يدخن ..!! تفاجأت من السؤال الغبي ، وخاصة عندما أصر ذلك الشخص حتى بعد أن أخبره الراكب الآخر أن التدخين ممنوع ، بانه مخطئ لأنهم أخبروه أن هناك مكانا مخصصا حتى للارجيله داخل الطائرة ...!! وقتها لم أتمالك نفسي وكنت على وشك أن انفجر بوجهه .. لكن فجأة تحول ذلك الغضب الى تعاطف عندما سمعته يسال كيف سيعلم وهو لا يتكلم الانجليزية عن مكان الطائرة الثانية التي ستقله الى وجهته بعد إسطنبول .. واستغرابه عن كيفية طيران الطائرة وهي بهذا الحجم والوزن عن الأرض ..!

أدركت لحظتها أن غناءه وهو صاحب الصوت المزعج ما كان إلا طريقته البسيطة في التغلب على خوفه حالما أقلعت الطائرة وان هذه هي المرة الأولى التي يركب فيها هذا المخلوق الحديدي الطائر ..!

عندها شعرت فعلا بالحرج والندم على انفعالاتي وادركت أن وراء ذلك الصوت قصة ما.. التفت اليه ساعتها ونظرت الى وجهه لأجد شابا في الثلاثينات صغير البنية اسمر اللون ذو عيون صغيرة تحمل هموم عمر .. يرتدي قميصا اسود شاحب .. وأنا التي ظننت أني ساجد رجلا ضخما ذو ملامح قاسية ..!

ابتسم وقال لي ( والله ما بعرف شو الواحد بعمل إذا صار شي للطيارة ،، يعني انا بسافر دائماً بالعبارة والبحر ولو صار شي ممكن الواحد يسبح أما هون شي بخوف ما في طريقة للهروب من الموت ) ...!

من لكنته علمت انه سوري وذلك جعلني أتشوق أكثر لمعرفة المزيد عنه ، قال لي أن اسمه محمد وانه يعمل سائق شاحنه ويسافر بالعبارة والشاحنة طول الوقت ولكن هذه المرة الأولى له بالطائرة وانه لو لم يكن مضطرا لما استقلها ..

وصدمت عندما علمت تفاصيل هذه المغامرة فقد أغلقت الحكومة السورية الحدود البرية مع الاردن أمام الشاحنات لذلك لم يعد باستطاعته دخول سوريا عن طريق البر وهو الذي أمضى خمس اشهر حتى الآن بعيدا عن عائلته التي تقطن تحت القصف والقتل والدمار في مدينة حلب ..لذلك كان الحل الوحيد أمامه لكي يرى طفلتيه ولكي يشهد ولادة الطفل الثالث هو أن يستقل هذه الطائرة المرعبة من عمان الى إسطنبول ومن ثم يستقل طائرة أخرى الى مدينة غازي عنتاب جنوب شرق تركيا قريبا من الحدود السورية التركية ، والتي علمت لاحقا أنها تعتبر سادس أكبر المدن في تركيا، ومن أقدم المراكز الثقافية في منطقة جنوب شرق الأناضول لكونها موطن حضارة تعود إلى 4000 عام قبل الميلاد، بصراحة لم اكن قد سمعت اسم هذه المدينة من قبل .

المهم أنه من هذه المدينة سيستقل السيارة ليقطع الحدود ويصل الى مدينة حلب التي تبعد حوالي ١٠٠ كم عن الحدود التركية السورية .. رحلته ستكون محفوفة بالمخاطر ورائحة الموت ولكنه كان مليئا بالحياة والتفاؤل والشوق للقاء عائلته لدرجة أن هذه الرحلة المحفوفة بالموت لا تعني عنده شيء أمام ايام او قد تكون ساعات يقضيها وأطفاله في حضنه ..

علمت منه أن المئات من السوريين يضطرون حاليا الى قطع تلك المسافات الكبيرة والشاقة من اجل العبور أما الى الأمان او الموت .. الأمر الذي اصبح سيان لبعضهم ..!

الارقام تدل على انه ومنذ عامين على بدء الثورة في سوريا، لجأ ما يزيد على 1.2 مليون سوري إلى الدول المجاورة ... وفي الاردن وحدها وصل عددهم حوالي النصف مليون.

معظمهم كان عليه ان يمر برحلة عذاب خاصة به ...

فما إن تقرر العائلة السورية اللجوء الى الاردن بحثا عن الأمن والأمان وهربا من القصف والقتل إلا وتبدأ رحلة العذاب عبر المشي على الاقدام مسافات طويلة دون طعام او شراب لهم ولأطفالهم حتى الوصول الى الشريط الحدودي والدخول الى مدينة الرمثا الحدودية والملاصقة للأراضي السورية،.

واحيانا قد تضطر العائلات خلال عبورها إلى الأراضي الأردنية الى الزحف على أيديها وأرجلها خشية أن يراهم قناصة النظام ويؤدي ذلك الى مقتلهم جميعا.

كنت في العام الماضي قد أعددت تقريرا حول الطفل بلال الذي انتقل من مدينة حمص مع والدته وشقيقه الى درعا ومنها الى الاردن وما أن وصلوا الى الحدود وظنوا أنهم قد أنهوا هذه الرحلة المليئة بالخاطر إلا ورصاصة قناص لا رحمة في قلبه تصيب بلال وتوقف نبض قلبه الصغير الحالم وتقتله على الفور داخل الاراضي الاردنية.. ليتم إنقاذ الأم والطفل وإدخالهم الى الرمثا ويتم دفن الطفل بلال في اليوم التالي...!


هناك الألاف من ( بلال) ومحمد الذين اصبح لزاما عليهم أن يضعوا حياتهم على اكفهم

ويغامروا في رحلة عذاب قد لا تكون نهايتها إلا الموت ..

ومع ذلك ظلت الابتسامة لا تفارق وجه محمد ، حتى عندما أخبرته أن عليه الإسراع كي يلتحق بطائرته الثانية بعد ثلاثين دقيقة فقط .. قال لي وقتها ( يا ستي اللي مكتوب بده يصير ) عندها لمحت في عينيه الحزينتين قهر لا يشابهه قهر .. وأمل لا يضاهيه أمل .. مشاعر متناقضة تتصارع داخله وهو يقترب من معانقة عائلته .

حمل حقيبته الصغيرة وابتسم وتمنى لي رحله موفقة خاصة بعد أن علم أني في طريقي الى واشنطن ( الله يكون بعونكن.. راح تضلوا بهالصندوق الحديدي كمان ١٢ ساعة ) ..! أضحكتني كلماته التي خرجت من قلبه .. وهو المقبل على رحلة العذاب وقطع الحدود تحت القصف وألوان الحزن ..!

كانت تلك آخر كلماته قبل أن يختفي مسرعا عن الأنظار ليلحق بطائرته .. عندها أدركت أن ذلك الصوت الذي قطع سكون أفكاري وآثار غضبي كان أجمل سمفونية سمعتها للحياة والتحدي .. وإنني كنت حكما سيئا وسطحيا.. تحولت ملامح وجهه الى لوحة مليئة بألوان قوس قزح المتفائلة .. ورأيت أن ذلك اللون الأسود الذي كان يرتديه يليق به أكثر من أي إنسان آخر ... فهو مخلوط بالحزن والتفاؤل وايضا كل تحدي العالم ..!





  • 1 وليد العمري 23-04-2013 | 01:46 AM

    بصراحة لم اكن اتصور ان ايمان العكور تمتلك حس أدبي راقي وقدرة على هذا النوع من الكتابة...تعودنا عليكي في تقارير سياسية جافة.
    نصيحتي احترفي الادب

  • 2 هيا العكور 23-04-2013 | 01:54 AM

    أبدعتي يا بنت العم

  • 3 عمر الغويري 23-04-2013 | 02:07 AM

    ابدعتي يا سيدتي

  • 4 مهند الطراونة 23-04-2013 | 02:21 AM

    أبدعتي أختي سلم لسانك

  • 5 أشرف الراعي، الإمارات العربية المتحدة 23-04-2013 | 02:42 AM

    أبدعتي زميلة إيمان .... كلام من القلب ويلامس القلب

  • 6 د قاسم الطراونه 23-04-2013 | 02:59 AM

    مشاعر انسانيه راقيه شكرا للكاتبه العكور ...لا تتسرع بالحكم على الاخرين بالرغم ما تسمعه من ضجيج حولهم

  • 7 عمر 23-04-2013 | 04:26 AM

    راااائعة بصراحه ابدعتي ووالله انك كاتبه مميزه وبصراحه اول مره اعرف انك تكتبي ياريت لو كاتبه ايميلك

  • 8 قارئ 23-04-2013 | 06:56 AM

    جميل ولكن لماذا كل هذا الانفعال مهما كان تجاه الاخرين يعني لو كان صحيحا وحدث بالفعل هل ممكن حدث منك شيء ما تجاهه بالصرامه التي تحدثتي بها؟ لا يستوجب كل هذا من التشجنج والاندفاع والانفعال... شكرا مع كل احترامي

  • 9 ضرار المصري 23-04-2013 | 09:43 AM

    ابدعتي ....فعلا حس راقي

  • 10 هلا عمّي 23-04-2013 | 09:50 AM

    بدأت أحترم ايمان العكور
    أبدعتِ يا ايمان

  • 11 Mai 23-04-2013 | 10:28 AM

    this is so touching ! amazing !
    i wish we can do something for "Mohammad" .... i wish we could do something for "Bilal" :(

  • 12 amani akour 23-04-2013 | 10:45 AM

    كتبت فابدعت كعادتك لا ادري لماذا لا تنشري كتاباتك وانا اعلم ان ما تخطه اقلامك وافكارك غايه في الابداع ...لك مني كل التوفيق والله معك

  • 13 جومانا 23-04-2013 | 10:46 AM

    مقال رائع ومؤلم وهذا فقط جزء بسيط من القصص المرعبة التي يعاني منها إخواننا السوريين... الله يكون معهم

  • 14 شها عربيات 23-04-2013 | 11:17 AM

    لله درك يا ايمان كم انت رائعه لم احسب انك بهذا الحس الادبي الرقيق الممزوج بالوطنيه والاخلاص ننتظر مزيدا من الاطلالات

  • 15 حميد 23-04-2013 | 11:22 AM

    مقال رائع وإنساني. اللهم اغث شعب سوريا وانصرهم وآمن خوفهم.

  • 16 منى خصاونة 23-04-2013 | 11:37 AM

    رائعة ايمان كالعادة...ابدعتي في وصف معاناة الانسان البسيط الذي لا علاقة له بما يعصف به وببلده وبمستقبله سوى تجرع المزيد من الالم.سلمت يمناك.

  • 17 زياد اردني حزين 23-04-2013 | 11:50 AM

    مقال رائع ينم عن احساس عميق بمعانات ومشاعر الآخر المظلوم اتمنى على الكل ان يشعر بنفس هذا الشعور او بجزء منه على فكره يوجد الاف القصص التي تقشعر لها الابدان في سوريا وحقا ان من راى ليس كمن سمع , كما وادعو جميع الاردنيين ان يتحملوا جراح اخوانهم السوريون ولا نعامل الكل بخطأ احدهم كم يحثنا ديننا الحنيف , انظروا الى امريكا ان وراء معظم التفجيرات في امريك مسلمين ومع ذلك لم يطالب الشعب الامريكي بترحيل المسلمين علما ان السوري بطبيعته هو انسان متحضر.

  • 18 سمر 23-04-2013 | 12:00 PM

    اشكرك على هذا الأدب الراقي

  • 19 ماجد 23-04-2013 | 12:04 PM

    محاولة جيدة

  • 20 مروة البنوي 23-04-2013 | 12:10 PM

    أشكرك اخت ايمان على هذه الكلمات بالفعل انت تمتلكي حس وفن أدبي رائع ...أمنياتي لك بالتوفيق

  • 21 رائعة يا ايمان 23-04-2013 | 01:11 PM

    الى وليد العمري، ايمان متعددة الاعماق والمواهب وتعليقك ونصيحتك اعادت الى اوجاع متعلقة بتبني المواهب وعن استاذ عاصرته في الجامعة الاردنية وقد تم تحجيمه في مختبر قاتم، بينما زميله الذي درس معه في امريكا حصل على جائزة نوبل.

  • 22 صالح 23-04-2013 | 01:51 PM

    ابدعت يا ايمان

  • 23 رولا مبيضين العكور 23-04-2013 | 01:56 PM

    متألقه دوما والوجع السوري يدمي قلوبنا جميعا

  • 24 ابو بندر 23-04-2013 | 02:14 PM

    المتاْلقه ايمان العكور.احساس مرهف وجميل . ابدعت . الى الامام

  • 25 سناء حموري 23-04-2013 | 02:16 PM

    ايمان اسلوبك كتير حلو وسلس الى الامام دائما

  • 26 hanaa Kh 23-04-2013 | 02:36 PM

    جميل جدا..أكيد التقارير الإخبارية السياسية تستند على عمق أدبي وفكري...إلى الأمام...وألله يعين أهلنا بسوريا.

  • 27 مش مهم 23-04-2013 | 03:20 PM

    استوقفني العنوان وأبهرني المضمون

  • 28 ابو صقر 23-04-2013 | 04:07 PM

    احلى رومانسية كلام جميل جميل جميل ( ويل كم باك )
    بتمنى منك السفر الدائم ست ايمان حتى تكتبي لنا ..

  • 29 المهندس عبداللطيف الرجوب 23-04-2013 | 04:35 PM

    احسنتي صنعا مقال فى قمه الروعه وكله دروس وحكم دائما الانسان اله الظاهر وما بعلم بالقلوب الا رب العالمين يحيه لك وبالتوفيق والى الامام

  • 30 سمر الضمور 23-04-2013 | 04:56 PM

    مقال رائع

  • 31 منال الخصاونه 23-04-2013 | 06:42 PM

    ابدعتي الوصف إيمان ... عشنا القصة كما لو كنا حاضرين فيها ... نتمنى منك المزيد وقلوبنا مع هالمسافر الغريب القريب

  • 32 سالم عبيدات (خرجا) 23-04-2013 | 07:10 PM

    ست ايمان اسلوبك مشوق في سرد القصه والى ابداعات اخرى

  • 33 كريم 23-04-2013 | 07:12 PM

    بصراحة انا مش من النوع الي بقرأ مقالات لكن لمعرفتي بايمان قررت ان افتح المقال. بصراحة كلمات مختصرة جعلتي اعيش القصة كأني كنت مكانها، لاصل للكلمات الاخيرة ويقشعر بدني، مقال رائع جدا

  • 34 فؤئش 24-04-2013 | 01:11 AM

    رائع

  • 35 فؤئش 24-04-2013 | 01:11 AM

    رائع

  • 36 سلطي 24-04-2013 | 03:18 AM

    الاخت ايمان كلامك جميل....

  • 37 محمد مبيضين 24-04-2013 | 03:35 AM

    دائما متالقه

  • 38 لكن 24-04-2013 | 04:06 AM

    من فجر الفوضى في سوريا ،ومن يريد دمار سوريا ارضآ وشعبنا وجيشا ،غير الرجعيه العربيه واسرائيل وامريكا معها ،لماذا الموائمرة على سوريا ...وهل لو وقع الاسد معاهدة سلام اسرائيل ...لكان له تمثال في البيت الابيض ...؟

  • 39 كركي 24-04-2013 | 10:58 AM

    رائع ومؤثر جدا الكاتبه مبدعه......يا ست ايمان الى الامام

  • 40 د. منى العمد 24-04-2013 | 12:00 PM

    مقال في ثوب قصة, لون أدبي جميل , أبدعت من الناحيتين الشكل والمضمون, شكرا لحس راق وتعبير وأدب رفيع.

  • 41 رضوان النعسان جامعة العلوم والتكنولوجيا 24-04-2013 | 12:25 PM

    ابدعتي جدا مقال روعه اتمنا لكي التوفيق اخت ايمان

  • 42 سلحوب 24-04-2013 | 04:41 PM

    نعتذر...


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :