خطاب الملك المانع الجامع، في حفل تخريج الفوج السادس والعشرين لضباط جامعة مؤتة، يعدّ الأبرز في خطابات جلالته لمحتواه الأهم ومعالجته الواضحة لملفات داخلية طال الحديث حولها ونالت من سمعة الوطن وكثر النقاش حولها؛ ليؤكد الملك ويقول الكلمة الفصل التي شخّصت الواقع وأعطت وصفة العلاج بموضوعية وحكمة بالغة.

جلالته تعامل، في كلمته أمام العالم، بمنظور القائد ونظرة الأب للجميع، فلم يدع مجالاً لمشكك ولم يترك الباب مفتوحاً لقول، فأكد أن الأردن يمرّ بظروف لا ذنب له لا باسبابها ولا بتداعياتها، ولا بدَّ من تفهمها وتقدير الموقف وفق رؤية شاملة تحفظ للمواطن كرامته وللوطن أمنه واستقراره.

معالم الطريق وضعها الملك بصورة أوضح أمام شعبه، وصفق الجمهور لفصولها لتفهم الجميع لها ولمعناها، لأن العمل بروح الفريق الواحد هو مسؤولية كل فرد من أفراد المجتمع ونسيجه الذي يحافظ عليه جلالته ويطمئن أنه الحامي والمسؤول عنه والضامن للمسيرة.

أكد الملك أهمية إدراك معنى الإصلاح في التغيير وأن نجاح العملية يعتمد على مدى الإيمان به وضرورة العمل بروح واحدة رغم المعيقات التي أشار إليها الملك بوضوح، ولعل تركيزه على العنف كان النقطة المهمة التي أفرد لها مساحة من خطابه السامي.

تحقيق العدالة وتطبيق القانون كانا نقطتين مهمتين في كلمة الملك فهو الأعرف أنهما ركيزتان لا يجوز الاعتداء عليهما كي تسير قافلة الوطن بأمن وسلام، وتوجيهه للحكومة ومؤسسات الدولة كي تقوم بواجب تطبيق القانون والحفاظ على هيبة الدولة بصورة دقيقة وإبعاد شبح التشكيك في إطار قوة الأردن ودولته وحمايته للإنسان بأي لحظة وأي مكان.
قال الملك في مؤتة كلاماً من القلب عن الأسرة الواحدة، حيث ذكّر جلالته الهاشمي بنَسَبِه وانتمائه للعشيرة الأردنية الواحدة ومحبته واحترامه لكل عشائر الوطن، وهو ما جعل الأثر أبلغ وأعظم حينما اختار المكان والزمان المناسبين للقول الفصل والكلم الطيب في إطار إيماني عميق ودراية كبيرة بالأبعاد والشكوك.

الملك وضع تفصيلاًً لما يشغل فكر الأمة، ووضع أبناء شعبه بصورة الأوضاع الكلية حتى يبقوا شركاء في القرار من خطة الإصلاح إلى الوضع الاقتصادي إلى السياسي إلى الأمني إلى أن وصل إلى دقائق الأمور كقانون الانتخاب وغيره من شؤون وشجون التحديات والظروف المحيطة شمالاً وغرباً وشرقاً لنكون جميعاً بصورة أدق لما يجري ومعاً في العمل والتحدي وصولاً إلى بر آمن وسط ما نرى وما يخفى..

samhayari@gmail.com
الرأي