تعتبر الشركات المساهمة العامة من أهم شركات الأموال نتيجة الدور الهام الذي تلعبه في تعزيز أداء الإقتصادات الوطنية بحيث أصبحت مرآة عاكسة لأدائها إضافة إلى مساهمتها في إعادة توزيع الدخل القومي ورفع مستوى معيشة أعداد كبيرة من المواطنين من الطبقات الوسطى والفقيرة نتيجة قاعدتها العريضة من المساهمين وحيث لا تسمح مدخرات ودخول معظم أفراد هذه الطبقات بإنشاء المشاريع الإقتصادية وإدارتها وافتقارهم للخبرة اللأزمة لإنشاء هذه المشاريع مع عدم القدرة على تحمل المخاطر وبالتالي وفرت مساهمتهم في الشركات المساهمة العامة الفرصة الهامة لتوظيف أموالهم وتحقيق عائد يحافظ على القوة الشرائية لمدخراتهم ويحميها من سلبيات التضخم في ظل محدودية الفرص الإستثمارية البديلة وبالتالي ساهمت الشركات المساهمة العامة في تنمية وتشجيع الوعي الإدخاري والإستثماري لدى شرائح كبيرة من المواطنين والذي ساهم في تعزيز القاعدة الإنتاجية في البلاد ونسبة القيمة السوقية لأسهم الشركات المدرجة في الأسواق المالية مقسوما على الناتج المحلي الإجمالي يعطي صورة واضحة عن الدور الذي تلعبه هذه الشركات في الإقتصاد الوطني وفي تعزيز أداء قطاعاته الإقتصادية المختلفة بحيث بلغت هذه النسبة عام 2005 في الأردن 326,6% أي أن القيمة السوقية تجاوزت ثلاثة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي والإرتفاع المبالغ به في أسعار أسهم بعض الشركات المدرجة خلال تلك الفترة أدى إلى ارتفاع قياسي في هذه النسبة ونتيجة الخسائر الجسيمة التي تعرض لها سوق عمان المالية تراجعت القيمة السوقية لأسهم الشركات المدرجة خلال هذا العام عن الناتج المحلي الإجمالي.

والمتعارف عليه أن أداء الأسواق المالية مترابط بشكل كبير مع النمو والتطور الإقتصادي نتيجة نظرة المستثمرين التفاؤلية للشركات المساهمة العامة وأدائها المستقبلي نظرا للنمو الإقتصادي المتوقع بالإضافة إلى عامل الثروة وحيث يساهم ارتفاع الأسعار في زيادة ثروة المستثمرين في الأسواق والتالي زيادة إنفاقهم واستهلاكهم وبالتالي دفع عجلة النمو الإقتصادي. ونظرا لارتفاع الثقة في الشركات المساهمة العامة خلال طفرة الأسواق المالية في المنطقة من نهاية عام 2002 وحتى نهاية عام 2008 أي قبل بداية التأثيرات السلبية للأزمة المالية العالمية شهدت أسواق الإكتتابات الأولية وتأسيس شركات مساهمة عامة جديدة في المنطقة نشاطا كبيرا وملحوظا بحيث ارتفع عدد الشركات المدرجة في سوق عمان المالي على سبيل المثال من حوالي 200 شركة في نهاية عام 2005 إلى 268 شركة في بداية عام 2009 بزيادة نسبتها 34% أي أن حوالي 68 شركة تم تأسيسها وإدراجها في الأسواق المالية.

ولاشك أن تأسيس وإدراج هذه الشركات ساهم بتوسيع الفرص الإستثمارية المتوفرة في الأسواق المالية وتنويعها وعزز من أداء هذه الأسواق ورفع مستوى سيولتها إضافة إلى مساهمة هذه الأسواق في تدفق الإستثمارات الأجنبية (معظمها خليجي وعربي) واستحواذها على حصة هامة من رؤوس أموال عدد هام من الشركات المدرجة بحيث أصبحت حصة هذا الإستثمار حوالي 50% من رؤوس أموال الشركات المدرجة وتدفقات هذا الإستثمار أدت إلى ارتفاع احتياطات الأردن من العملات الأجنبية والأزمة المالية العالمية وما تبعها من أزمات مالية ومصرفية واقتصادية إضافة إلى الأوضاع الجيوسياسية الإستثنائية أدى إلى تراجع ربحية الشركات نتيجة التباطؤ الإقتصادي وتراجع أداء العديد من القطاعات الإقتصادية والذي أدى بالتالي إلى تراجع أسعار أسهم الشركات المدرجة في الأسواق وتراجع ثروة المستثمرين، وهذه الأزمات أفرزت الإدارات الضعيفة والفاشلة والتي ساهمت طفرة النمو في تحقيقهاإنجازات بينما في المقابل ساهمت في ضياع حقوق ومدخرات وثروات نسبة هامة من المساهمين نتيجة الخسائر الجسيمة التي تعرضت لها الشركات التي تديرها هذه الإدارات في ظل عدم مراجعتها المستمرة للإستراجيات المختلفة تبعا لتطورات الظروف الإقتصادية والسياسية والذي يعكس انخفاض كفاءة ومهنية هذه الإدارات وللحديث بقية.
(الرأي)