غير مهم أبداً تصنيف عمان من قبل موقع يقوم بـ«عدّ» أجمل عشرة رجال!! وأجمل عشرة سعادين، وغير مهم أن مدناً كبرى جميلة جداً-كذلك - قد تم سفكها في ذات التقرير.. وغير مهم أن تكون عمّان بشعة بمعيار نجهل ماهيّته بالمطلق-الأهم: هو أن تسلمي يا عمّان-يا ملكة جمال قلوبنا - يا سيّدة الطيبين، يا كبيرة القلب، الأهمّ: أن تسلمي أيتها المُقدسة، من الحسد والطمع، ومن كل سوء.

عمّان تفتقد لمن يّقدّمها للعالم كما يليق بعظمتها ورقيّها وتاريخها العريق. واذا خضعت عمّان لمعيار جماليّ علميّ هندسيّ دقيق، فهي من بين أجمل المدن العربية - على الأقل - وما ضيق بعض الشوارع، او تراكم البيوت فوق بعضها، إلا جزءً عاديّ من قدر المدن وتمدّد السٌكّان - سيّما - وأن عمّان لم تنمُ بشكلٍ طبيعيّ، ولكن بفعل السياسة وتبعاتها الموجعة، تحمّلت الشوارع ما لا طاقة لها به.. فالسكان يتدفقون بالآلاف، والشوارع كما هي.. فعلاج كل مشكلات عمان يبدأ من السياسة قبل كل شيء.

وما يسعف السياسي بحل مشكلة الشوارع والضغط العمراني والسكاني، هو أن نغير من ثقافة تعاملنا مع المدينة بشكل استهلاكي جشع، ينهش المدينة ولا يضيف لها. إن تخفيف الإستهلاك المبالغ فيه بعمان، والذي ضغطها فجعل حاوياتها لا تستوعب جشع بعض سكانها - من شأنه استعادة فكرة «عمّان النظيفة»، والتي كانت سائدةً عن عاصمتنا بين أشقائنا العرب. أولئك الذين ندعوهم للتعامل معها برفق ومحبّة، لتبقى سيّدة العواصم العربية الحاضنة.
هل عمّان أقلُّ جمالاً من بيروت أو القاهرة او بغداد أو أقل نظافة ؟؟ بالطبع لا، ليست بأقل-كما يشهد أشقائنا من تلك العواصم - سواءً الذين يقيمون بيننا أو يقيمون بعواصمهم. لكن تفتقد عاصمة القلب الى «إعلام « مخلص يظهر قوّتها وطيبتها ومنجزها الهائل. حتى هذه اللحظة أتحدّى ان يكون مخرج تلفزيونيّ قد صَوّر عمّان كما يليق بجمالها، بل هو مشروع تبنيناه وتمّ إحباطه في أزمنةٍ مُتعددة !

بين الشاعر الأسطوري سعيد عقل وقصائده التي شدت بها فيروز في لحظة تاريخية نادرة، وبين عقل بلتاجي أمين عمّان الجديد الذي وعد بتنظيف عمّان، بينهما تقف الأنفاس من سرعة التغيير في مدينة اتسمّت بالطابع العالمي قبل موضة المدن العالمية. وكذلك تقف الآمال معلّقة في أن نحترم أنفسنا ونحجز مكاناً يليق بعاصمتنا ضمن مفردات العصر، وبالطبع ليس بجلسات العشاء، أو بتعليقات الشاتمين عبر المواقع.
(الرأي)