ليست العبرة في مساعدة سيارة علقت في شارع وصفي التل، ولا في حمل كرتونة مواد غذائية وإيصالها لطالب مساعدة في منطقة نائية، فتلك شيمة من شيم الهاشميين ومثال على شهامة اعتادها الأردنيون منهم، وعندما يقوم جلالة الملك شخصيا بفعل ذلك فتلك رسالة هامة إلى المسؤول للنزول إلى الميدان وملامسة حاجات الناس على أرض الواقع وعدم الإكتفاء بإعلان الجاهزية وحالات الطوارئ القصوى من خلال وسائل الإعلام دون العمل الحقيقي والاستعداد اللازم لمواجهة عاصفة ثلجية تم التنبوء والتحذير من شدتها قبل أسبوع من قدومها، وما حصل من اتهامات متبادلة بالتقصير بين الأجهزة الرسمية وإجماعها في النهاية على تحميل المواطن مسؤولية إعاقة عمليات فتح الشوارع وإنقاذ طالبي المساعدة والمطالبة بمحاكمة شركات توزيع الكهرباء لتقصيرها في إصلاح أعطال كهربائية في مناطق لم تتمكن من وصولها بسبب عدم قيام الأجهزة المعنية بفتح الشوارع الموصلة إليها، لدليل واضح على سوء التنسيق وعدم الاستعداد الحقيقي.

كل ذلك في جهة، وتخبط حكومة التوقيت الصيفي بجهة أخرى، فهي لا تعرف أن ذوبان الجليد يبدأ عند الساعة العاشرة صباحا في التوقيت الشتوي أي الحادية عشرة بتوقيتنا الحالي فتعلن بدء الدوام في الساعة العاشرة قبل أن ينبهها (...) محمد الشاكر لفرق التوقيت، بل وتستمر في عنادها بعدم تعطيل الدوائر الرسمية والبنوك وكأن انتقال الموظف من مدينته إلى مكان عمله في العاصمة يتم بلمسة ساحر فور بدء ذوبان الجليد، أما هواتف الطوارىء المعلنة فما هي إلا ضحك على الذقون! إما مشغولة أو مغلقة أو لا يمكن الإتصال بها، لكنها تفتح فجأة لمحطات التلفزيون ووسائل الإعلام ليخرج علينا كل مسؤول ويعلن أن الأمور على ما يرام فالطرق الرئيسية جميعها سالكة والطرق الفرعية يجري فتحها حسب الأولوية، دون أن ندري ما هي تلك الأولوية! وهل هنالك من يستطيع الوصول إلى الطرق الرئيسية دون أن يسلك طريقا فرعيا تمر من أمام بيته؟ ثم ما هي الطرق الرئيسية وما هي الفرعية ؟ أم هي مجرد حجة يتبجح بها المسؤول ؟

لم نعد نثق بكم ولا بإعلاناتكم وسنشطب أرقام طوارئكم فلم يبق لدينا ثقة إلا بالأجهزة العسكرية والأمنية، الجاهزة دوما دونما تبجح وإعلان، وقد رأيناهم في كل مناطق المملكة يفتحون الطرق ويساعدون المواطنين، وأنتم منشغلون في التباهي بالجاهزية والاستعراض على محطات التلفزيون تناشدون المواطنين عدم الخروج من منازلهم بنفس الوقت الذي يطلب فيه من الموظفين الالتحاق بمواقع عملهم دون تهيئة أي ظرف ملائم.

كفى فقد سئمنا، ونحن مع الثلج في حجب الثقة عنكم وتعريتكم، فأين نوابنا من كل ذلك؟


mustafawaked@hotmail.com