* الطوال: رفع الوصاية الاردنية عن المقدسات.. ورقة للعب في المفاوضات

* : استغل كثيرون "الربيع العربي" ليحولوه لمصالحهم

* : الأوضاع الحالية التي تعيشها المنطقة لا تدعو إلى الفرح



عمون - نوف الور - وصف بطريرك اللاتين في الأرض المقدسة وقبرص البطريرك فؤاد الطوال ما يجري في سوريا بـ "العمى السياسي".

وقال الطوال في حوار لـ عمون "للاسف بدأوا بالبحث عن الحل السياسي... بعد ان مات اكثر من 130 الف ضحية وهجّروا الملايين وهدّموا البلد كلياً".

وكشف بطريرك اللاتين ان زيارة البابا فرنسيس الاول في ايار المقبل هي زيارة رعوية وليست رسمية.

واضاف ان هذه الزيارة ستكون ذات اهمية دينية وسياسية، وانها ستنقل صورة عن العيش الديني في الاراضي المقدسة، مؤكداً أن كل بطاركة الشرق الأوسط الكاثوليك سيحضرون للمشاركة بهذه المناسبة الهامة.

وتالياً نص الحوار:

* ماهي الصورة العامة في فلسطين وما دور الكنيسة في الدفاع عن الهوية الفلسطينية؟

- اشكر كل من يعمل لاعطاء صورة واضحة عما يحدث في فلسطين، التي هي جزء لا يتجزأ من هذا الوطن، مسيحيو الضفة هم جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، وما يحدث على الشعب الفلسطيني يحدث لهم من صعوبات وضغوطات.. صعب جدا ان نضع الكتلة المسيحية في جهة ونقول ماذا نعمل لهم، نحن نعمل لهم بوجودهم في المجتمع الفلسطيني والسلطة والمنظمات الفلسطينية.

سياسياً خفّ اثر رجالات الدين المسيحي وتدخلهم في السياسة مع الرئيس محمود عباس والسلطة الفلسطينية، كان دورهم اكبر في الحكومات السابقة، هم اصحاب حساسيات كبيرة تؤثر عليهم فتجعلهم غير قادرين على احتمال الاحتلال واكثر قدرة في التفكير بالهجرة فـ"يحضر شنتاتهم ويروحوا"، اعرف اشخاصاً كثيرين صامدين في المخيمات رغم الضغوطات، ولا يجوز ان نبقى في فلسطين في حال السلام، ويتركها في حال وجود الصعوبات والتضحية.

وقد قلت في عظة عيد الميلاد بوجود الرئيس عباس ان "هذه الارض تستحق منا ان نثبت وان نعطي وان نتألم".

* ماذا يحدث لاملاك الغائبين؟

- تعنت اسرائيل محاولة ان تأخذ الاراضي، اما بإعلان الارض منطقة خضراء كما حدث معنا في البطرياركية اللاتينية، لا يستطيعون اخذ الارض فنحن لم نسمح لهم وندافع عن الاراضي، ومنطقة خضراء يعني ان قوشان الارض مع صاحبها الا انه لا سلطة لاحد عليها فيمنعه التصرف بها لا بالبيع ولا بالبناء ولا باي طريقة وهناك اكثر من قطعة ارض اعلنت كمناطق خضراء، وبالقانون يحق لهم ذلك.

اما الغائبون فهناك من يغيب سنتين او اكثر من غير تجديد للاقامة يعدون من الغائبين، فيأخذون اراضيها، وللاسف لا يوجد هناك قدرة لتغيير هذه الاجراءات، ونحن في البطرياركية لدينا منظمة قانونية دولية اسمها "سانت ايف"، فيها عدد هائل من المحامين ومنهم محامون يهودي، يتبنون الدفاع عن كل الاوضاع الصعبة التي يعانيها اهل القدس، لكن للاسف لم نستطع ان نوقف اي قرار صدر من السلطات العسكرية، فمثلا الجدار الفاصل استطعنا ان نغير اتجاه الجدار اكثر من مرة، لكن ان نوقف القرار لم نستطع، وكذلك هدم البيوت، اذا صدر امر بهدم البيوت نسنطيع فقد تأجيل هذا القرار لكن لا يتوقف، فاملاك الغائبين نقطة من عدة نقاط وقع الفلسطينيون ضحيتها.

**كيف تقرأ قرار رفع الوصاية الاردنية عن المقدسات في فلسطين؟ وما ردة الفعل داخل الشارع الفلسطيني؟

- مشروع مرفوض، واعتقد أن هذه لعبة يودون ان يضعوها على طاولة المفاوضات، فهناك قسم يهودي متعصب لا يقبل ان يدخل الى اي مكان مسيحي او اسلامي لانه يعتبر انه يتدنس او يتجنس ضمن معتقد ديني، فهم لهم قناعة انهم الاطهار وحدهم.

وهذه ورقة للعب في المباحثات، في اليوم التالي لاصدار هذا المشروع اجتمع جميع رؤساء الاديان المسيحيين والمسلمين تأييدا للموقف الاردني والفلسطيني، ونبذا لهذا المشروع الجديد الذين اوجده اليهود، فالسلطات المسيحية لا تؤيد هذه الخطوة.

** ماذا اثر الربيع العربي على المنطقة.. وتحديدا على مسيحيي الشرق؟

- اول ما ظهر الربيع العربي في تونس، وانا خدمت هناك 13 عاما، كان صوتا معتدلا ينادي بالحرية والضمير والكرامة والضمير، كنا كأساقفة للشرق الاوسط مع اتفاق تام مع ما جاء في الربيع الاولي، وحتى في سنودوس الشرق الاوسط للمطارنة والبطاركة هناك نقاط تجمع بيننا وبين هذا الربيع، كالحرية والكرامة.

وبعد فترة استغل كثيرون ما يحدث ليحولوه لمصالحهم ليكون كل ما نراه الان، فتدخلت جماعات كثيرة واستغله اخرون وتدخل التعصب الديني الاعمى، وتحول الى ما نحن نراه الان، وبما يخص مسيحيي الشرق هم الاضعف، فعددهم قليل مع انني لا انظر كثيرا الى العدد بل الى المواطنة، وكان اثره علينا كمسيحيين بشكل كبير ولا يمكن ان يكون هناك اصعب مما حدث.

فاجبر كثيرين على هجران بيوتهم واهلهم ووطنهم، بدليل ما يحدث في سوريا والعراق ومصر، بعد تدخل جماعات اسلامية متعصبة عمياء فنحن ندفع الثمن بشكل هائل.

فأنا في هذه المرحلة بودي ان اسمع صوت الاسلام المعتدل، فصوت الاسلام المعتدل يجب ان نَسمعه يحكم على هذه الجماعات، فلا نقبل صمت هذا الصوت المعتدل ونُسمعه الى الغرب حتى يأخذوا الفكرة الصحيحة.

* تفاصيل زيارة البابا فرنسيس.. وهل تحمل بُعداً سياسياً؟

- ان زيارة قداسة البابا إلى الأماكن المقدسة جاءت بناءً على دعوات تلقاها من السلطات السياسية والدينية وانه يزور الاردن تحديدا تلبية لدعوة من جلالة الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا العبدالله.

سيصل قداسته الى عمان ظهر يوم السبت 24 ايار المقبل لقيم قداساً احتفالياً في استاد عمان الدولي بعد زيارة ودية لجلالة الملك عبدالله الثاني، وسيزور موقع المغطس وسيلتقي 500 طفل من اللاجئين السوريين والأطفال المرضى وذوي الاحتياجات الخاصة، وسيجتمع ب50 منهم من بين الاشد مرضا في جلسة صغيرة خاصة، مؤكدا ان هذا الطلب يدل على مدى انسانية البابا فرنسيس.

وبعد هذه الزيارة سنعود الى السفارة، لنتهيأ الى الذهاب الى بيت لحم، عن طريق 3 هيلوكبترات وضعتها الحكومة الاردنية تحت تصرف الزيارة، وسيلتقي في بيت لحم الرئيس محمود عباس، وسيكون هناك قداس في بيت لحم في ساحة كنيسة المهد.

ومن ثم هناك لقاء البابا مع البطريرك المسكوني للروم الأرثوذكس برثلماوس الأول في فلسطين سيشكل أحد المعالم الرئيسية للزيارة ولها بروتوكولات دقيقة، حيث سيدخلان كل واحد منهما إلى كنيسة القيامة ويتعانقان معاً أمام قبر السيد المسيح الفارغ.

وسيعقد قداس في الجسمانية فقط للرهبان والراهبات والمكرسين للخدمة الرهبانية، والجسمانية هو كان نزاع والام المسيح عليه السلام حيث نظر وبكى على القدس، فآلام المسيح عليه السلام لم تتوقف فهي منظورة في آلام الناس في فلسطين واسباب بكائه على القدس موجودة الان.

والبابا حاليا هو الصوت المسموع في العالم، وهو أعلن مجيئه الى الاراضي المقدسة في زيارة رعوية للصلاة ولاعادة ذكرى الزيارة التي قام قداسة البابا بولس السادس إلى الأردن قبل خمسين عاماً، لكن لا بد ان يكون هناك بعد سياسي لزيارة البابا، فنحن ننتظر ان نسمع منه كلمة حول كل ما يحدث، وان كان يسمعنا 70 صحفياً يتنقلون مع البابا و1700 صحفي لتغطية هذا الحدث في الاردن وفي فلسطين اكثر من 3000 صحفي، وهذا العدد الكبير للصحفيين اظن ان هناك بعد سياسي حتما سيكون واضحاً.

وفي كل خطاب للبابا سيكون له بُعد سياسي ورسائل سنعرفها بعد خطاباته ونعيد قراءة ما سيقوله البابا فرنسيس.

وستحمل زيارة البابا شعار "فرح ورجاء"، إن الأوضاع الحالية التي تعيشها المنطقة لا تدعو إلى الفرح، لكن الفرح يأتينا من اتحادنا ومساعدتنا بعضنا مع بعض وتمسكنا بالله وبسلامنا الداخلي.

* ماذا حدث في كنيسة اللاتين في غزة.. وهل وصلت داعش الى كنائس غزة؟

- عدد المسيحيين لا يتجاوز 2000 شخص في غزة، دخلت جماعة الى الدير عن طريق المقبرة، انفجر فيها عجل سيارة، وقنبلة مولوتوف يدوية، وكتب بعض الكتابات على الحائط، وهذه الاعمال هي افضل هدية يمكن ان نهديها لاسرائيل.
-
فاسرائيل تنتظر هذه الاعمال لتستغلها، لتثبت ان المشاكل في فلسطين وغزة لا علاقة لها بها، لا نريد ان نكبر هذه القصص، ونأسف على كل ما يحصل ونطالب بالانتباه حتى لا يكرر هذا العمل وتستفيد منه جهه اخرى.

**ماذا يحدث في سوريا؟

- ما يحدث هو عمى سياسي واضح، فمؤخرا يبحثون عن الحل السياسي، وللاسف بدأوا بالبحث عن الحل السياسي، لسوء الحظ هم لم يستشيروا رجال الدين في الشرق الاوسط، وسمعت مؤخرا انه لا بد من الوصول الى حل سياسي بعد ان مات اكثر من 130 الف ضحية وهجروا الملايين وهدموا البلد كليا، والان يبحثون عن الحل السياسي، كان المفروض اللجوء لحل سياسي قبل كل ما حدث وكل هذه الخسارات.

فسوريا كانت بحاجة الى اصلاح وتجديد لكن ان يكون هذا الاصلاح باراقة الدماء اطفالا ورجال ونساء وهدم بلد، هذا لن يرضى به الضمير.

كثيرا تدخل البابا فرنسيس بالصلاة من اجل سوريا، وحتى البابا بندكتيس السادس عندما زار لبنان قيل عامين سئل عن وضع سوريا قال"امنيتي ان يقف ارسال السلاح الى سوريا بل ان يرسلوا لهم سلاما"، وكثيرون لم يعجبهم هذا الحديث معتبرين انالبابا بندكتس وقف الى جانب اتجاه دون اخر، فنحن ضد العنف وسفك دماء الابرياء وهدم البلاد.

* وضع المطارنة والراهبات المخطوفين؟

- في نظام الاسد مهما كان به هفوات لم يحدث في عهده هذا العمل، وهو كان الاشد صعوبة على الجماعات المتعصبة، مؤلم جدا ان تصل الامور الى هذا الحد.

بدأوا بالمطالبة بالجزية، هذه الجماعات ستعيد سوريا الى الصفر، هذا يدل على عمى كل من شارك في ايصال سوريا الى هذا الحال.

* هل البعد الديني مهم في الحلول السياسية، خاصة في القضية الفلسطينية؟

- للبُعد الديني اهمية كبيرة، فهذه الاراضي تسمى الاراضي المقدسة فكيف ستكون مقدسة في ظل غياب البعد الديني، والذي يشمل الحرية الدينية، نحن لا نفرض حلا لكننا ندعو للاستفادة من خبرة رجال الدين مسيحيين ومسلمين، لان السياسيين من دون موقفنا لن يستطيعوا ايجاد حل.

واصبح وجوبا لأي حلّ سياسي أن يشمل بعداً دينياً، لكن الفاتيكان لا يتدخل في الحلول السياسية بل يطلب حلاً سلمياً يمنح حرية الوصول إلى الأرض المقدسة لجميع المؤمنين مسلمين ومسيحين في ظل أمام عالمي ودولي.

* ماذا استحدثت زيارة وزير الخارجية الامريكي الى المنطقة؟

- تم انشاء مكتب للمبادرات الدينية نتمنى ان يكون له دور في عمليه السلام، وقبله كان هناك تجمع ديني نلتقي فيها لحوار، المؤلم في الامر ان السياسيين لم يعتبروا وجودنا، نيتنياهو تحديدا، لكن مهما عملنا من غير مساندة السياسيين لن نستطيع عمل شيء، ومن غير الدين لن تنجح السياسة والدين لوحدة لن يحل أزمة، نحن بحاجة الى ثقة متبادلة، هناك توجهات للتعايش مع الاحتلال لا حله، ونحن ضد هذا الحل.

* رسالة الى الاردن قبيل زيارة البابا فرنسيس؟

- اوجه رسالة الى اهلي وشعبي ان هذا الضيف هو ضيف على الاردن وعلى قائد البلاد وعلى كل فرد منا، ومرافقته لعدد من الصحفيين يجب ان نتحدث معه بسلوكياتنا لنعطي الصورة المشرقة عن الاردن.

اعتادت الفاتيكان ان يكون لها علاقات ودية وعائلية منذ خمسين عاما، والعلاقات بين الاردن والفاتيكان هي اكثر من دبلوماسية فلا مصالح تجارية ولا عسكرية للفاتيكان لكن علاقاتها الدبلوماسية والسياسية والرسمية مع الاردن هي اعمق علاقات ودية وسلام.