يأتي تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، بأن إسرائيل لن تدخر جهدا للحفاظ على الاستقرار في الأردن، و أنه لا مناص من قيام دولة كردية في العراق.

كنت اتمنى على وزير خارجيتنا السيد ناصر جوده - الغائب عن السياسة و مجريات الاحداث الجسام و الحاضر على شاشات التلفزة ووسائل الصحافة والاعلام ,ان يكلف خاطره بالرد على التصريحات المسمومة للسيد ليبرمام و يكون لديه الجراءة برد "الصاع صاعين ", و لكن من خلال ما هو معروف عن معالي السيد جودة أن "مرجلته " فقط داخل وزارة الخارجية و خاصة على السفراء والدبلوماسيين اصحاب الكفاءة و الولاء و الوطنية والجراءة والشجاعة الذين يوجهون له النقد البناء و ما يتعرض له الاردن من محاولات النيل من سمعته و امنه واستقرارة ليس الا .

و تذكرت بيت الشعر القائل : ما كانت الحسنا ترفع صوتها لو ان في هذ ه الجموع رجال . نعم لو كان لدينا وزير خارجية بالمعنى الصحيح ... لما تجراء وزير خارجية اسرائيل السيد أفيغدور ليبرمان - المهاجر الى اسرائيل عام 1978 من مولدافيا - في اطلاق هكذا تصريحات , والتدخل ليس فقط بشؤون الاردن الداخلية ولكن ذهب بعيداً في عمق الهوية العربية و الكيان العربي و سمح لنفسة التدخل في شوؤن الدول ليقرر مصير العراق وليتدخل بالشؤون الداخلية العراقية , و كأن اسرائيل هي الوصي على الشرق الاوسط و هي التي ترسم النظام العالمي الجديد و الشرق الاوسط الجديد , و كل هذا بهدف تعزيز ما تطمح اليه اسرائيل بتعزيز فكرة يهودية الدولة و التي حتى رفضت من قبل الولايات المتحدة الاميركية و من اشهر الرؤساء الاميركين مثل هاري ترومان و ايزن هاور .

اقول للسيد ليبرمان , عندما وقع الاردن مع اسرائيل اتفاقية السلام في عام 1994 , كان الاردن جاداً في اقامة السلام العادل والشامل في المنطقة و يتطلع الى اقامة السلام بين الفلسطينين و الاسرائليين , و لكن كانت هنالك محاولات من اسرائيل بقتل السلام وزعزعة الاردن و دول عربية شقيقة و امارات عربية وادعة.

اقول للسيد ليبرمان , ان استقرار اسرائيل و اقامة السلام العادل و الشامل مع الفلسطينين هو مصلحة اردنية عربية دولية ومصلحة اسرائيلية بالدرجة الاولى , و ان ما يحدث من ازمات في المنطقة لاسباب معروفة للقاصي و الداني سرعان ما يكتشف ان اسرائيل لها يد طولى في هذه الازمات و هي المستفيد بغض النظر عن النتائج و الانعكاسات .

ان قيام دولة كردية في العراق ليس فيه مصلحة لاحد , حتى لاسرائيل كما يعتقد السيد ليبرمان . كما ان الاردن قادر على حماية حدوده و ليس بحاجة الى اسرائيل و التي اصبحت غير قادرة على حماية ثلاث مواطنين ابرياء , ربما ذهبوا ضحية جمود عملية السلام حيث يذهب بالجانب الاخر يومياُ فلسطينين ابريا ايضاً ولنفس السبب .
انصحك سيد ليبرمان ان لا تصطاد في الماء العكر , فاوراقك مكشوفة , فالاردنيين رجال شجعان يقفون وراء قيادتهم , والجيش الاردني تعرفونهم حق المعرفة و لكم معهم تجربة مريرة, و لن تجروء داعش و لا غيرها باختراق سنتمتراً واحداً من حدودنا .

انصحك سيد ليبرمان كمواطن اردني يؤمن بالسلام و ممن دعم توقيع اتفاقية السلام, و شارك في المفاوضات مع الوفد الاردني عام 1994 , ان تجلس مع جيرانك الفلسطينين و تبحث معهم بصفاء نية اقامة السلام و التفكير في الاجيال الحالية والقادمة , فانني اتألم لمقتل مواطن اسرائلي , كما اتألم لمقتل مواطن فلسطيني , يكفى معاناة للطرفين و لن تتمكن اسرائيل من القضاء على الفلسطينيين مهما امتلكت من اسلحة و مهما جيشت من جنود ولن يتمكن الفلسطينيون من القضاء على اسرائيل , وقد مد العرب ايديهم الى اسرائيل من خلال المبادرة العربية الاعتراف باسرائيل من كافة الدول العربية و اقامة علاقات معها مقابل السلام و اقامة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة على حدود ما قبل عام 1967 و عاصمتها القدس الشريف .

أما اذا قصدتم تحويل انظار العالم عن المشكلة الاساسية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي من خلال هكذا تصريحات و الاصطياد في الماء العكر , فلن تمر تصريحاتكم حتى على طلاب الصفوف الابتدائية , عليك بان تكون سياسياُ واقعياُ صادقاً مع نفسك و مع المجتمع الاسرائيلي و ان تعيش شعوب المنطقة بامان و سلام و احترام الجوار و العيش المشترك بسلام .

اذا كانت اسرائيل تشعر انها جزء من المنطقة , فعليها ان تبحث عن ما يقرب اسرائيل من المجتمعات العربية لا ما يبعدها و ان تنتهج سياسة حسن الجوار و الاندماح مع المجتمع العربي وكما هو الحال في اندماح يهود العالم في المجتمع الاوروبي و الاميركي و غيره من المجتمعات , فالخالق عز وجل خلق الانسان ليتعارف على اخيه الانسان لا ليقتله و يسلب اموالة و ممتكاته و يعيش في حالة من الكر و الفر , فليس هذا سر الوجود .

و في الختام , اقول للسيد ليبرمان ان اقامة السلام مع الفلسطينين هو مصلحة اردنية عربية اقليمية دولية و مصلحة اسرائيلية بالدرجة الاولى , و عليك ان تهتم بكيفية السعي لاقامة السلام مع الفلسطينين , و ترك العراق للعراقين , فالعراقيون هم اولى بحل مشاكلهم , اما تدخلك في شؤونهم و شؤون الاردن فهذا ليس بمصلحة اسرائيل و لا يخلق حالة من الوفاق وحسن الجوار , الامر الذي سيكون له عواقب وخيمة . عليك بالالتزام بحدودك داخل اسرائيل و التي وقعنا معها اتفاقية سلام , و عليك احترام بنود هذه الاتفاقية و عدم التدخل بشؤون الاخرين بقصد تحويل انظار العالم عن المشكلة الرئيسية الصراع الاسرائيلي الفلسطيني .

لا تحاول الاصطياد بالماء العكر فالاردن قادر بقيادته الهاشمية و قواته المسلحة و رجال امنه و شعبة على المحافظة على امنه واستقرارة و حماية حدوده , و يعي الاردن مغزى هكذا تصريحات و محاولات تحويل انظار العالم عن المشكلة الرئيسية والقضية المركزية بالنسبة للاردن وهو اقامة السلام الدائم والشامل بينكم و بين الاشقاء الفلسطينين.